06-أغسطس-2022
مجلس النواب العراقي

الوجه الآخر لحراك مقتدى الصدر في العراق (Getty)

بعد قمتي جدة وطهران، قد تُفضي النتائج إلى شرق أوسط جديد، القمة الأولى كانت لتشكيل "ناتو سياسي" خليجي مضافًا إلى مصر والأردن، ولإدامة زخم هذا المشروع وضع حجر الأساس فيه على روابط اقتصادية، والثاني الذي جاء بعده مباشرة حلف طهران غير مكتمل الأطراف بين الصديقتين طهران وموسكو من جهة وأنقرة من جهة أخرى، لكن أنقرة كان لها رأي آخر. فبعد تودّدها للاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية من خلال مشاركتها بطائرات "بيرقدار" المسيرة التي قضت مضاجع جنرالات بوتين في أوكرانيا، طمحت تركيا إلى أن تكون "شرطي الخليج" البديل عن إيران -على حدّ تفسيرها- فأردوغان خرج نصف متفق مع باقي القوى، وأنصاف الاتفاقات في السياسة هي قرارات انسحاب مؤجّلة.

 الصدام المؤجل في السياسة هو حرب في الغد

المعمّر سياسيًا (كيسينجر) كان قد أشار إلى أنّ حوادث كبيرة ستعصف في الشرق الأوسط، قد يكون على رأسها قمّتا (جدّة وطهران)، حتى أن خطابات خارجيتي الدولتين تغيرت تباعًا بصورة ملحوظة، وفي السياق ذاته قد يكون السيد الصدر على دراية بكواليس "لعبة الأمم" وانشغال القطب الأمريكي بتخوفه من بروز القطب الصيني وأخواته (طهران موسكو)، فاستأنف مشروعه بتصعيد غير متوقع ابتدأهُ جماهيريًا مدنيًا بشكل (أنصار التيار) وألحقه مباشرة بتشكيل "سرايا السلام" مستفيدًا من انقسام الإطار التنسيقي إلى ثلاثة مكونات؛ حركة حقوق المقربة من كتائب حزب الله العراقي التي انسحبت تباعًا بعد انسحاب الصدر، وكابينة السيد هادي العامري التي تقبض على العصا السياسية من المنتصف، وفي أقصى اليسار كتلة السيد المالكي والقوى المتحالفة معها.

زيارة الجنرال إسماعيل قاآني للعراق، ورغم القراءات المتعدّدة لها، إلا أنّ القراءة الأوضح فيما طرحه الناشط والصحفي نجاح محمد علي حين أبدى تصريحه، أنّ "إيران ستتعامل بخشونة بالغة مع أي طرف شيعي يشعل فتيل الصدام"، وهذا ما أكدته مصادر مطّلعة على المشهد، أعقبه تصريح البيت الأبيض على لسان نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الاميركية: "من أن الولايات المتحدة تدعم السلام في العراق، وهي مستعدّة لإبداء المساعدة"، فيما ينظر الشارع العراقي إلى النجف صوب المرجعية العليا "صمام الأمان" للعملية السياسية على اتفاق الجميع، إذ أنها ستشكل الرسالة الثالثة والأقوى في حال تأزمت الأمور نحو منعطفات خطيرة تعصف بأمن المجتمع، أشارت عدة مصادر على أن النجف: "لم ولن تتدخل بالعملية السياسية"، لكن حسب الأدبيات التي تعتنقها الحوزة العلمية فأنها ستبدي أدوارًا مختلفة مباشرة وأخرى غير مباشرة تحت طائلة "دفع الضرر" حال تعرض البلد إلى انزلاق سياسي خطير يعرض الأمن المجتمعي للخطر.

 

حسب مفاهيم السياسة حول الصدام، فإنّ الصدام المؤجل هو في الحقيقة حرب ضروس في الغد، فبقاء الفرقاء السياسيين في حالة تشنج هو في الواقع إذكاء خفي لنار سريعة الانتشار في هشيم العملية السياسية الهشة، وهذا ما لم يعره الفواعل السياسيون أهمية كبيرة، أما الصدام (الشيعي - الشيعي) المتخيل هو في كوامنه صدام (سني -سني) وإن لم يكن غير واضح، وصدام (كردي - كردي) كما هو ملموس على شارع الإقليم، قد يكون هذا الصدام مستبعدًا، إلا أن هذه المرحلة لن تشيه سابقاتها، سيكون للإطار قرارات جريئة ومصيرية وللتيار أيضًا، أما اللاعب الإقليمي والدولي فقد يغير تكتيكاته السياسية حفاظًا على مصالحة بإخراج لاعبين واستبدالهم بآخرين، وهذه هي الملامح الجديدة.