25-أغسطس-2019

الفنان العراقي أسعد عباس

يتوخى النومَ

كي لا تتوسدَ عينيهِ اليراعاتُ

ويحفلَ بالظلامِ

المنتشي من دمهِ اللزج.

هذا السائحُ في ليلِ القرى

لم يمسحْ الملحَ عن طفولتِه

ولم يرسمْ الوقتَ على أذرعِ النهارِ

مذ توقفتِ الفراشاتُ عن الزحفِ

يدُه تفضي إلى حرقةِ التوديعِ

بينما تذرفُ عيناهُ البردي

وحلوى البردي

وما يترسبُ من عبقِ البردي، بين الأصابع.

توقظُ فيهِ الذكرى رعشةَ النفسِ الأخير

فيحوش ما تساقط من الأيامِ في ديجورِ القريةِ،

لم يمسسهُ الموتُ

وما كانت أمهُ متوفاةً

بل كان أبوه امرئ حربٍ

يعودُ وعلى رأسهِ تربّت الشمسُ

بينما يتجذرُ الظلُ في جيوبهِ الخاوية.

يحمل السائحُ فانوسَ التوبةِ مكسورًا

يتصبب منه الزيتُ على أردانٍ

بعثرت الأمس هواءً في شبكِ الفريةِ

وداست فوقَ صدى الماضين

بالشكِ النائمِ بين شقوقِ لحاءِ السدرِ

وهو

إذ يتنسمُ صمتَ الحقلِ

كخفاشٍ فاقدٍ للجهات

يقولُ:

شمسي ساطعةٌ بألفِ ارتجافٍ

ونهاراتُها سودٌ كعطشِ الحنطةِ

أطوي

جفنَ الليلِ الناعس بدمي

وأثرثرُ في شرفاتٍ تخنقُ صوتي

تتكدس في أحشائي حمى الشعر

فيذوب على شفتي البرحي

ويعود الخوفُ من الليلِ يلاحقُ ظلي

فأركض وقد اشتعلَ الرأسُ يمامًا

يا من وهبَ الشعرَ

-لسائحٍ في القرى-

هبني فرحةَ الحصاد...

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قمر الوحيد

حياة غائبة

دلالات: