14-مايو-2022
الحنطة

فرضيتان لتفسير ما يحدث (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يبدو أنّ الحنطة العراقية وجدت نفسها بـ"مزاد غير مخطط له"، مع ظهور منافسين "شرسين" للحكومة العراقية يدفعون أموالًا طائلة للفلاحين مقابل حنطتهم بدلًا من بيعها للدولة، في تسعيرة يمكن وصفها بـ"غير المنطقية"، وهو ما يجعل هذه الصفقات "مريبة وغير مفهومة الأهداف".

  مؤشرات "تهريب عكسي" بدأت بالظهور مبكرًا تتمثل بإخراج الحنطة العراقيّة إلى الخارج وليس العكس كما كان يحصل في السنوات السابقة

ولم تشهد الحنطة العراقية فيما سبق هذا "الاهتمام المتزايد" من قبل أطراف عدة، بل على العكس، كان العراق جهة جاذبة لتهريب الحنطة الخارجية وإدخالها إلى العراق بغرض بيعها إلى الدولة على أنها حنطة عراقية، للاستفادة من الأسعار المرتفعة والمدعومة التي تدفعها الدولة للفلاح مقابل حنطته، والبالغة حينها قرابة 370 دولارًا للطن، في حين كان سعر طن الحنطة لا يتجاوز عالميًا الـ250 دولارًا للطن الواحد.

لكنّ مؤشرات "التهريب العكسي" بدأت بالظهور مبكرًا، تتمثل بإخراج الحنطة العراقيّة إلى الخارج وليس العكس كما كان يحصل في السنوات السابقة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الحنطة عالميًا وزيادة الطلب العالمي عليها مع تناقص الإنتاج العالمي والمخاوف من نقص إمدادات الحنطة المترتبة نتيجة الحرب الروسية ـ الأوكرانية.

وتظافرت هذه المؤشرات، مع تصريحات لوزير الزراعة محمد الخفاجي والذي حثّ الفلاحين على تسليم حنطتهم إلى مخازن وسايلوهات وزارة التجارة، والتهديد بفسخ العقود مع الفلاحين الممتنعين عن تسويق حنطتهم، قبل أن يظهر عدد من الفلاحين على وسائل إعلام مختلفة مهددين بـ"الامتناع عن تسويق حنطتهم ومطالبين برفع سعر الطن إلى مليون دينار".

مزاد "إجباري" سيكلّف الخزينة ربع تريليون دينار

وكانت الحكومة العراقية قد رفعت سعر الطن المشترى من الفلاح إلى 750 ألف دينار للطن، بعد أن كان لا يتجاوز الـ450 ألف دينار للطن في السنوات السابقة، قبل أن ترتفع الأسعار عالميًا، ويعدّ هذا السعر الذي يعادل نحو 510 دولارات "مدعومًا" ويفوق السعر العالمي للطن البالغ الآن (12 دولارًا للبوشل) أو نحو 430 دولارًا للطن، لتشجيع الفلاحين على تسويق حنطتهم إلى الدولة بدلًا من بيعها إلى مصادر خارجية وتهريبها.

ومع ذلك، مازالت هناك مصادر مجهولة، تسابق الدولة على التسعيرة، لتدفع قرابة 800 ألف دينار (٥٤٤ دولارًا) للطن إلى الفلاحين مقابل توصيل حنطتهم إلى الحدود، وفق ما تشير التقارير والمعلومات.

وتعد هذه التسعيرة مرتفعة وتفوق تسعيرة الدولة المدعومة أصلًا، فضلًا عن كونها تفوق أسعار القمح عالميًا بأكثر من 100 دولار؜، ما يطرح تساؤلات عن أهداف هذه "الجهات المجهولة" لشراء الحنطة العراقية أغلى من التسعيرة العالمية بنحو 20%.

واضطرت الدولة العراقية إلى المضي بهذا "السباق" مع هذه الجهات المجهولة، وقررت رفع سعر شراء طن الحنطة بـ850 ألف دينار في قانون الأمن الغذائي بحسبما كشفت لجنة الزراعة النيابية، لتتحوّل تسعيرة طن الحنطة إلى ما يشبه "المزاد" غير المخطّط له، وهو ما يؤكد التقارير عن الأسعار المدفوعة من قبل الجهات المجهولة والبالغة 800 ألف دينار.

وبينما تشير التقديرات إلى أنّ ما سيتم تسويقه من الحنطة العراقية إلى مخازن وزارة التجارة يبلغ قرابة 2.5 مليون طن، فهذا يعني أن الـ100 ألف دينار الإضافية التي ستدفعها الدولة على تسعيرة طن الحنطة نتيجة "التنافس" مع هذه الجهات ستكلف الخزينة 250 مليار دينار (ربع تريليون دينار عراقي).

فرضيتان وراء أهداف الجهات المجهولة

وبالعودة إلى التساؤل عن جدوى شراء الحنطة العراقية أكثر من سعر الحنطة عالميًا بنحو 20%، وأهداف "الجهة المجهولة" وراء ذلك، يبرز سيناريوهان أو فرضيتان إلى الواجهة.

وتتمثل الأولى، بأنّ ما يتم دفعه من أسعار مرتفعة وهذا الحراك وراء محاولات التهريب هي محاولات "مفتعلة" ووهمية يقوم بها الفلاحون للضغط على الحكومة العراقية لغرض دفعها لرفع أسعار شراء طن الحنطة منهم، فضلًا عن إجبارها على دفع مستحقات الفلاحين أولًا بأول بدلًا من تأخيرها عام كامل كما يحدث في السنوات السابقة.

أما الافتراض الآخر، فيتمثل بأنّ "الجهة مجهولة"، تحاول سحب أكبر كميّة ممكنة من حنطة الفلاحين لخلق أكبر عجز ممكن بالكميات المسوقة إلى مخازن وزارة التجارة، وبالتالي الاستفادة من عقود استيراد كميات أكبر من الحنطة لصالح الدولة لتعويض النقص والعجز الذي سيسجله العراق هذا الموسم، والذي قد يفوق الـ2.5 مليون طن، خصوصًا مع إمكانية التلاعب بالأسعار وإضافة كلف النقل، والاستفادة من بيع ذات الحنطة المشتراة من الفلاحين إلى الدولة باعتبارها حنطة مستوردة، وفقًا لخبراء تواصل معهم "ألترا عراق".