عربات الطعام المتنقلة، المزيّنة بشريط من الأضواء الملوّنة، اللبن الأربيلي البارد في الأوعية النحاسية، العصائر الممتدة على الأرفف الأمامية للمحال التجارية، التمر والتين والجوز والفواكه المجفّفة، كل شيء في قلعة أربيل يقول: أهلًا رمضان.
إنه وقت الغروب، ينهمك العمّال بتحضير الكباب، بينما يعلو بخار الشاي من العربات المتنقلة، وبالقرب من ساحة القلعة تصطف أطباق البطيخ الأحمر المقطع، المعد خصيصًا للصائمين، هذه الأجواء الرمضانية، تميّز قلعة أربيل كل عام.
يفضّل أصحاب المحال التجارية، تناول الإفطار مع بعضهم، بالقرب من محالهم أو على الأرصفة، يقول هوزان، وهو صاحب محل لبيع الملابس في أربيل: "أحب تناول الفطور هنا، رغمي أنني أمتلك سيارة، يمكنني الذهاب إلى المنزل، والعودة بعد الإفطار، لكن الأجواء الرمضانية ساحرة في سوق القلعة، ولا أرغب أن تفوتني".
يجهّز العم زريان، الأرز والدجاج والفاصولياء في منزله، يحملها عند الغروب، ساخنة ناضجة شهية، ليضعها في عربته المتنقلة، التي ينتظرها أصحاب المحال التجارية الصائمين في سوق قلعة أربيل.
يقول العم "زريان" لـ"ألترا عراق": "قبل الغروب، أبدأ بتجهز الأطباق، الأرز مع الفاصولياء بثلاثة آلاف دينار، إذا أضفنا قطعة من اللحم أو الدجاج يصبح بأربعة آلاف دينار، وأقدم الخضروات مجانًا للصائمين".
يزور الصائمون عربة العم زريان، يجلسون على الكراسي البلاستيكة القريبة، يتناولون إفطارهم، ثم يعودون إلى العمل، يقول "رامان": "نعيش أجواء رمضان هنا، نصلي، نسمع الآذان، نتناول الإفطار من العربات، نشرب الشاي سويًّا، ننتظر هذه الأيام المباركة كل عام".
وليس العم زريان وحده من ينتظره الصائمون، أيضًا عربة اللبن الأربيلي، الذي يعده أبو صقر، يقول: "نسمي اللبن باللغة الكردية "ماستاوى، نضع القليل منه في أوعية نحاسية مع قطعة ثلج كبيرة، ونترك للصائم مهمة إضافة المياه وتذويب الثلج، وهذه الطريقة محببة جدًا للصائمين".
وخلال شهر رمضان، تزور القلعة العديد من العائلات، التي ترغب بتناول الفطور الرمضاني، ومنهم عائلة السيد عبد المجيد، التي أخذت لنفسها طاولة على الرصيف، و جلست تنتظر الكباب العراقي مع اللبن الأربيلي، يقول "عبد الحميد": "جئنا من الموصل، الأجواء جميلة، والطعام شهي، خاصة اللبن الأربيلي الذي يروي عطش الصائم".
زوّار أجانب
ويجذب سوق القلعة في أربيل، العديد من الشابات والشبان الأجانب، الذين يرغبون بالتعرّف على أجواء رمضان، تقول الشابة الفرنسية ماري لـ"ألترا عراق": "وقت الغروب رائع، فوانيس رمضان مع صوت الآذان، مشاركة الطعام مع الآخرين، كأس الشاي بعد الإفطار، كلها أجواء تعرّفت عليها في سوق القلعة، هذه اللحظات الجميلة أعجبتني، وثقتها ببعض الصور الفوتوغرافية".
بعد الإفطار تزدحم ساحة القلعة بالسيارات الوافدة، فالجميع يريد تناول الشاي هنا، و شراء كل ما يلزمه لمائدة رمضان، التمر والتين والجوز والحلويات، وأيضًا الحليب والألبان والأجبان لمائدة السحور، بينما تملأ المكان الموسيقى الرمضانية القادمة من مقهى مجكو الشهير.
وقلعة أربيل التي يقول مؤرخون إن عمرها يعود إلى 6 آلاف عام، هي الموقع العراقي الرابع الذي يعتبر ضمن لائحة التراث الإنساني في اليونسكو، فيما تعتبر المقصد الأساسي للسائحين في محافظة أربيل.
