07-يوليو-2023
الاحتيال

النقابة تعاقب 50 محاميًا في كل أسبوع (فيسبوك)

لم يكن مجيد الكمالي "45 عامًا"، يعلم أنّ المحامي الذي لجأ إليه ليحسم له قضية إشكالية مع طليقته، سيجعله يدفع المزيد من الأموال بشكل مستمر دون أن يعرف شيئًا عن تفاصيل قضيته، ليكتشف فيما بعد، أنّ المحامي على اتفاق مع محامي طليقته الخصم، ليجعلوه وطليقته "عرضة للخداع واستنزاف الأموال دون حسم قضيتهما معًا". 

يتحدث كثيرون عن انتشار ظاهرة بيع الموكل إلى الخصم من قبل محامين في العراق

وكذلك الحال مع "إيمان البياتي"، التي كانت تعيش خارج العراق قبل 5 أعوام عندما كان منزلها في منطقة البياع مغتصب من قبل عائلة، أجبرتها على أن تبيع المنزل إليها، حيث تشير في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أنها أوكلت محاميًا بوكالة عامة ليتمكن من إنجاز معاملة البيع، إلا أنها اكتشفت بعد ذلك أن المحامي اتفق مع العائلة التي اشترت المنزل، على سعر بيع يعادل نصف قيمة سعر العقار الحقيقي، دون أن تعرف بحقيقة الأسعار حينها، مقابل رشوة تقاضاها من العائلة المغتصبة للدار، لتختم حديثها ببيت الشعر المعروف: "إلى الماء يسعى من يغص بلقمة، قل أين يسعى من يغص بماءِ؟".

هذه الحالات وغيرها والتي باتت تعرف بـ"ببيع الموكل إلى الخصم" يتحدث كثيرون عن شيوعها وأنها معروفة للأشخاص الذين كانت لهم تجارب مع بعض المحامين والدخول في أجواء المحاكم والخصومات القانونية، وهو مؤشر يصفه قانونيون بـ"الخطير"، حيث "يتمثل بممارسة بعض رجال القانون لعمليات خداع وإيقاع موكليهم ممن لديهم مشاكل منهكة أساسًا اضطرتهم للجوء إلى المحاكم لإرجاع حقوقهم". 

"كان يا ما كان، كان هناك شيء اسمه محامي يعمل بالقانون وبشرف المهنة والضمير ويرفض ما يخالف مبادئه"، بهذه الجملة اكتفى أحد المعلقين في إجابته على سؤال طرحه "ألترا عراق" في إحدى المجموعات الالكترونية المختصة بالاستشارات القانونية عن حالات وتجارب مماثلة.

فيما أكد آخر، أنه وقع ضحية خداع لمرتين، الأولى في قضية معينة، والأخرى عندما لجأ إلى محامٍ لينقذه من هذه القضية، ليخدعه هو الآخر.

وفي التفاصيل، يشير المتحدث علي الأمير في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أنه "قام بتوكيل محامٍ قبل شهر، في قضية تتعلق بالتوقيع على صك اكتشف فيما بعد أنه مزوّر"، مضيفًا أنه "اتفق مع المحامي على أن يقيم دعوى ربا على الخصم، لأنها فعلًا قضية ربا"، بحسب وصفه.

وأضاف أنّ "الاتفاق جرى أيضًا بأن أقوم بإنكار عائدية التوقيع إلي، ويقوم المحامي بتغيير نتيجة مطابقة التوقيع من الأدلة الجنائية، مبينًا "لقد طلب 1000 دولار إضافية فقط ليقوم بتغيير النتيجة".

ويكمل الأمير: "وبعد أن أعطيته المبلغ، قمت بتغيير رأيي تجاه هذا التلاعب، وقررت أن أقوم بالاعتراف بعائدية التوقيع إلي، وقام المحامي بتأييدي بأن أقوم بالاعتراف"، مبينًا: "لذلك طلبت منه أن يعيد المبلغ الذي دفعته لتغيير نتيجة الأدلة الجنائية، لكنه لم يعيد إلي دينارًا واحدًا، وكان كاذبًا أساسًا بإمكانية تغيير نتيجة مطابقة التوقيع من الأدلة الجنائية".

المحاكم

ولم تؤدِ هذه الظاهرة إلى تشكيل تصور وهواجس لدى المواطنين تجاه المحامين والحذر من التعامل معهم فحسب، بل أنّ حقيقة وجودها دفعت نقابة المحامين إلى استحداث 3 لجان شكاوى مركزية ولأول مرة في تاريخ النقابة، وفق ما يؤكده أحمد الزيدي، أمين سر نقابة المحامين.

ويقول الزيدي لـ"ألترا عراق"، إنّ "نقابة المحامين تمتلك قسمًا يسمى قسم الشكاوى، وتمتلك هذه اللجان الثلاثة التي تتسلم كافة شكاوى المواطنين وهنالك هيئة ثلاثية لكل لجنة، وتكون على شكل محكمة وتجلب الطرفين وتستمع منهما"، مشيرًا إلى أنّ "هيئة شؤون المحامين في محكمة التمييز متعاونة معنا في تصديق الكثير من القرارات والدفع باتجاه معاقبة المحامين تأديبيًا".

وفيما يتعلّق بالأعداد، يؤكد الزيدي أنّ "النقابة تعاقب أسبوعيًا ما يقارب 50 محاميًا، ولن تتساهل مع هذه القضايا"، لكنه إشارة إلى انعكاس واضح لمدى تفشي هذه الظاهرة، في الوقت الذي يبلغ عدد المحامين المسجلين في النقابة قرابة 70 ألف محامي، فضلًا عن القضايا التي لا تصل إلى النقابة ولا يقوم المتضررون بتقديم الشكاوى إليها. 

ويشير أمين سر نقابة المحامين، إلى أنّ "المحامي بغض النظر عن كونه رجل قانون هو إنسان، والتردي الأخلاقي والقانوني المنتشر مع كثرة أعداد المحامين تنعكس بالتالي على شريحة المحامين".

تعاقب نقابة المحاميين العراقيين أسبوعيًا ما يقارب 50 محاميًا

وفي إجابته عن سبب سلوك المحامين لـ"عمليات الاحتيال" هذه رغم وجود عقوبات رادعة من النقابة، يبيّن الزيدي أن "المحامي رجل قانون، وبالتالي يعتقد أنه يستطيع تخليص نفسه والالتفاف على خصومته مع موكله".