23-أكتوبر-2019

تتخوف بعض الأطراف من تكرار مشهد العنف وحمام الدم يوم الجمعة المقبل (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

أيام "مربكة" عاشتها حكومة عادل عبد المهدي، منذ لحظة انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، وفي الوقت الذي ترتفع فيه المخاوف ويزداد القلق والترقب مع الاقتراب أكثر من موعد الجولة الجديدة من التظاهرات، تلوح عدة سيناريوهات ميدانية لما قد تؤول إليه الأوضاع في الخامس والعشرين من تشرين.

تلوح عدة سيناريوهات ميدانية في الأفق في ظل اقتراب الموعد المرتقب للاحتجاجات العارمة حيث دخلت السلطة حالة الإنذار القصوى

بدا جليا التخبط الحكومي لاحتواء الأزمة، والتي أشعل فتيلها القمع ووصول أعداد القتلى برصاص السلطة إلى 149، وفق التقرير الحكومي الذي أصدرته لجنة التحقيق بقتل المتظاهرين، وعلى الرغم من تعهدات عبد المهدي بالاستجابة للمطالب وإعلان إعفاء قادة شرطة وبعض القيادات الأمنية، لكن ذلك لم يزد الشارع إلا سخطًا، اذ يستمر التحشيد للتظاهر.

أعلى درجات التأهب

وتستعد القوى الأمنية بمختلف صنوفها لإعلان حالة الإنذار القصوى يوم غد الخميس، أي قبل يوم من موعد انطلاق التظاهرة. ويقول مصدر في وزارة الدفاع لـ "الترا عراق"، إن أوامر صدرت إلى جميع تشكيلات الوزارة تعلن دخول مرحلة "الإنذار ج"، فيما سيقطع منتسبو الوزارة إجازتهم.

اقرأ/ي أيضًا: بيانات ثورية تسبق التظاهرات.. بغداد "تختنق" وعبد المهدي يسابق الزمن!

بالمقابل، أجرت قيادات الحشد الشعبي اجتماعات مكثفة، كان أبرزها اجتماع في يوم الجمعة 19 تشرين الأول/أكتوبر، ضم نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس وزعيم منظمة بدر هادي العامري وقادة من فصائل أخرى، بحث، بحسب مصدر في مديرية إعلام الحشد، تطورات الوضع وما قد يمكن أن تنتهي إليه الأوضاع بعد احتجاجات الخامس والعشرين من تشرين، فيما صدرت أوامر بتكثيف الحماية لمقرات الحشد ومديرياته.

يكشف المصدر لـ "الترا عراق"، أن "قادة الحشد يدركون خطورة الأمر، حيث كان هناك حديث عن جدية المتظاهرين باقتحام مقرات الحشد، وقد تدخل فصائل الحشد الإنذار في أي لحظة، خلال اليومين المقبلين".

"حمام دم".. صدام مسلح!

يقول المصدر ذاته، إن "قادة الحشد  توقعوا  أن يجتمع الملايين من المتظاهرين قبالة الخضراء، وسط إجماع على ضرورة مؤازرة الحكومة ومنع اقتحام المنطقة الخضراء من قبل المتظاهرين، حتى لو كان بتدخل عسكري".

تتخوف بعض الأطراف من تكرار مشهد العنف وحمام الدم خاصة في ظل استماتة فصائل مسلحة في الدفاع عن حكومة عبد المهدي

تعزز تلك المعلومات سيناريو أول محتمل، يحمل مخاوف من تكرار حمام الدم الذي تعرض له المتظاهرون في الاحتجاجات الأولى، هذا الشهر، أو ربما أشد، خاصة مع إصرار قادة الفصائل على اتهام "أياد خارجية ومتآمرين" بالوقوف وراء الاحتجاجات، والتمسك الشديد بحكومة عادل عبد المهدي، الذي منح بحسب أطراف، أولئك القادة حرية التحرك في الداخل.

الحديث عن العنف يجر إلى مخاوف أكبر، تتعلق باحتمالية وقوع صدام مسلح، في حال قررت مجموعات من الفصائل المسلحة الذهاب إلى خيار فتح النار، في ظل دخول التيار الصدري إلى الساحة وصدور توجيهات من زعيمه مقتدى الصدر إلى جناحه المسلح "سرايا السلام" بالتأهب لأي "طارئ"، لكن ذلك يبدو مستبعدًا وفق مراقبين، خاصة بعد الحرج الشديد الذي وقعت فيه الحكومة وأجهزتها بعد مقتل 149 متظاهرًا، حيث تواصل أجهزتها التعهد بحماية المتظاهرين، مع دعوات إلى الحفاظ على "السلمية" من قبل عدة أطراف.

تظاهرة مليونية.. رد اعتبار

تقود الإشارات التي تبديها السلطة إلى سيناريو ثان، كانت قد تحدثت عنه أطراف مطلعة على غرف القرار، يشير إلى أن الحكومة ستسمح بتظاهرة مليونية تصل إلى المناطق التي حرمتها على المحتجين مطلع تشرين الأول/أكتوبر، في قلب العاصمة بغداد والمدن الكبرى، كرد اعتبار للشارع.

تقول تلك الأطراف، إن الحكومة حاولت التوصل مع بعض الجهات المحركة للاحتجاج للتوصل إلى حل وسط، يقضي بأن تتركز الاحتجاجات في بغداد، وتستمر لساعات ثم تنتهي دون تصعيد ودون أن تتحول إلى مرحلة الاعتصام المفتوح، لكن غياب قادة بارزين للتظاهرات جعل ذلك مستحيلًا، ما دفعها إلى التعويل على الأطراف السياسية والتيارات التي ستدخل التظاهرات لتحقيق ذلك بمنح الحكومة فرصة تمتد لعدة أشهر أخرى، عبر الإيعاز إلى جماهيرها بالانسحاب وتفتيت التظاهرة.

قد تسمح الحكومة بتظاهرات حاشدة في مراكز العاصمة والمدن الكبرى "كرد اعتبار" للشارع على أن تفض سريعًا وفق مهلة جديدة 

لكن الرهان على هذا الاحتمال لا يبدو منطقيًا، في ظل الغضب الشعبي والتمرد، خاصة بعد تبرئة قيادات السلطة العليا من المسؤولية عن دماء آلاف الذين سقطوا قبل أسابيع، والاكتفاء بإدانة بعض القادة الأمنيين بتهمة عدم السيطرة على القوات التي تحت إمرتهم، حيث لن يقبل المتظاهرون بأقل من إقالة الحكومة على أقل تقدير، وفق مراقبين، كما أن بعض المعلومات تشير إلى أن محافظات أخرى ستشهد تظاهرات كبرى من بينها ذي قار والديوانية وواسط، وغيرها، ما يعني صعوبة السيطرة عليها.

اعتصام مفتوح  

الوصول إلى تحقيق بعض المطالب التي سيرفعها المحتجون، في ظل الحديث الكبير عن الحفاظ على السلمية والابتعاد عن المقرات الحكومية لتجنب منح ذرائع لقمع الاحتجاجات، ربما تكون بإعلان اعتصام مفتوح، كما تشير بعض الترجيحات.

اقرأ/ي أيضًا: المحافظات "تتأهب" ليوم 25.. والعوائل المفجوعة ترفض "دية" الحكومة: سنتظاهر!

يعزز هذا السيناريو صور اطلع عليها "ألترا عراق" توثق بدء حركة لنصب خيم في ساحة التحرير بقلب العاصمة، ما يشير إلى أن السلطة قد تواجه ضغطًا كبيرًا طويل الأمد، خاصة إذا ما امتد الاعتصام ليقطع الشوارع الرئيسة ويشل الحركة العامة في بغداد ومحافظات أخرى.

قد يبدو هذا السيناريو منطقيًا بالنظر إلى تجربة سابقة للتيار الصدري، حين اعتصم زعيمه مقتدى الصدر عند أسوار المنطقة الخضراء التي كانت مغلقة حينها، للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب تتعلق بتشكيل حكومة تكنوقراط، لكنه قد لا ينجح في تحقيق أي من مطالب المتظاهرين في حال نجحت الحكومة بإيجاد حلول له عبر فتح منافذ وطرق بديلة، معتمدة على عامل الوقت والطقس، حيث يقترب فصل الشتاء، لتذويب تلك الاعتصامات.

قد يلجأ المتظاهرون إلى خيار الاعتصام المفتوح وشل حركة المدن كسيناريو ثالث للضغط باتجاه تحقيق مطالبهم دون احتكاك مع أجهزة الدولة ومقراتها

ومع دخول الساعات الأخيرة من الأسبوع، ما يزال المشهد ضبابيًا يبقي الباب مفتوحًا أمام كل السيناريوهات، في وقت ترتفع الأحاديث عن نهاية مشوار حكومة عادل عبد المهدي التي تصدعت بشدة بعد اتخاذها خيار العنف ضد المحتجين أول مرة، وهو إجراء قد تلجأ إليه القوى السياسية في محاولة لتجنب خسائر أكبر في حال تطورت الاحتجاجات لتأخذ منحى آخر ربما يسقط النظام برمته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 أبو زينب اللامي.. "جزار المتظاهرين" أم "كبش فداء" الحشد الشعبي؟!

العصائب توفد "فريق إنقاذ إعلامي".. لماذا تستميت الفصائل دفاعاً عن عبد المهدي؟!