30-أغسطس-2019

غسيل الأموال هو إضفاء شرعية قانونية على أموال "مسروقة" من المال العام (Getty)

منذ 16 عامًا، وحين دخلت أول دبّابة أمريكية أثناء احتلال العراق، كان الجميع يجهل المصير الذي تنتظره ثروات البلاد وأموالها، لكن ما أن انتشرت القوات المحتلة في المدن حتى اتضحت الصورة. مصارف مفتوحة، أماكن أثرية متاحة، معامل ومعسكرات وآبار نفط، كل شيء كان سهلًا أمام الجميع. حتى الأسلحة الخاصة بـ"الدولة" لا النظام؛ ستعطي هذه المشاهد تفسيرًا لما سيحدث خلال عقد ونصف للإنسان العراقي وثرواته التي تبدو وكأنها "مجهولة المالك".

ضمن طرق الفساد.. يعمل الجميع على غسل أمواله وإعادة تدويرها عبر استثمارها. وغسيل الأموال هو إضفاء شرعية قانونية على أموال "مسروقة" من المال العام

انتشر الفساد كالنار في الهشيم، وفي طرق متعدّدة ومعقدة، حيث شهدت البلاد ضياع مليارات الدولارات من المال العام، وفي ظل الدور الرقابي الضعيف، فأن الصعوبة لا تكمن بالسرقة، بقدر ما تتعلق بـ"بتبييض" تلك الأموال والتصرّف بها. فيما تبدأ دورة حياة السرقات في سياق الفساد الذي تشهده مؤسسات الدولة، من صغار الموظفين إلى أعضاء مجلس النواب حتى الوزراء، ومن هم بدرجتهم في مختلف المناصب، بحسب سياسيين يتحدثون عن آليات الفساد في العراق وإلى أين وصلت خطورته.

اقرأ/ي أيضًا: 20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

ومن ضمن هذه الآليات؛ يعمل الجميع على غسل أمواله وإعادة تدويرها عبر استثمارها. وغسيل الأموال هو إضفاء شرعية قانونية على أموال "مسروقة" من المال العام، لغرض حيازتها، أو التصرّف فيها، أو إدارتها، أو حفظها، أو استبدالها، أو إيداعها، أو تحويلها، أو نقلها، أو التلاعب في قيمتها.

استيراد وهمي!

تتنوّع طرق "غسل الأموال" تبعًا لقيمتها ونفوذ صاحبها، حيث يعمل أصحاب النفوذ الذين ‏تتناسب سرقاتهم مع قيمة مناصبهم إلى إخراج أموالهم خارج البلاد، فيما يعمل من هم أقل نفوذًا ‏وسرقةً على إعادة تدويرها في الداخل.‏

يقول سلام حسن وهو الاسم المستعار الذي اختاره تاجر عملة خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إن "الحكاية تبدأ ‏عند تكدس المال عند أحدهم جرّاء جنيها بطريقة غير شرعية، ليتخذ له "ظلًا ماليًا" أولًا، وبالعادة يكون ‏من مقرّبيه، حيث يتولى مهمة إدارة الأموال وباسمه، لتكون خارج ذمة المسؤول المالية التي يقدمها سنويًا إلى الأجهزة الرقابية"، لافتًا إلى أن "ظل الكثير من الشخصيات المتنفذة أنقلب عليهم وسرق ‏الأموال".

يتمّ تهريب الأموال إلى الخارج من خلال شراء الدولار من البنك المركزي، وبسعر أقل من سوق العملة في "الصيرفات" العادية، بحسب حسن الذي قال إن "المركزي يبيع من خلال عدة ضوابط، لكن تفاهمات المتنفذين تؤدي إلى التحايل عليها"، مبينًا أن "الاستيراد من الخارج من أبرز الطرق التي تستخدم في غسيل الأموال".

الأموال الهائلة التي تُسرق من المال العام تجعل الكثير يتخذون "ظلًا ماليًا" من مقربيهم ليتولى مهمة إدارة الأموال وغسلها باسمه 

لا يقصد الكثير من "غاسلي الأموال" الدول التي تسأل عن شرعية الأموال وأصولها المالية، ومن أين جاءت، حتى في الاستيراد. الأمر الذي أوضحه حسن بالإشارة إلى أن "غاسلي الأموال يقصدون دول شرق آسيا، حيث يتفقون على شراء سلعة معينة، فيما يتم التلاعب باسمها التجاري، وتسجيلها بسعر مضاعف، ومن ثم الحصول على المبلغ من البنك المركزي".

اقرأ/ي أيضًا: قدرة العراقيين الشرائية.. من مغامرات صدّام إلى فقدان 790 مليار دولار!

يروي حسن قصة قال عنها إنها "نموذج دقيق لعملية غسيل الأموال بواسطة الاستيراد"، إذ عمد أحدهم إلى شراء بضاعة عبارة عن "مكنسة كهربائية" بعدد كبير، وبالاتفاق مع الشركة المصنعة تلاعب بالاسم التجاري لضمان عدم تضارب سعرها مع قوائم أخرى، وكان سعر الشراء للقطعة الواحدة نحو 90 دولارًا فيما أتفق على تسجيلها في العقود بـ300 دولار، ومن ثم صادق العقود من الملحقية التجارية في السفارة العراقية.

تابع حسن "بعد إكمال الإجراءات في البلد المصدر تكون المرحلة الأهم في العراق، حيث يتوجب عليه شراء الدولار من البنك المركزي بسعر الجملة بما يوازي قيمة البضاعة وفقًا للعقود "سعر القطعة 300 دولار"، وهذا ما تم، وتم تحويل المبلغ ليتم هناك دفع قيمة البضاعة بالسعر الحقيقي المتفق عليه نحو "90 دولارًا" للقطعة الواحدة"، لافتًا إلى أن "المبلغ المتبقي يكون بحسابه، حيث يملك الحرية في تلك الدول من التحويل والاستثمار، فيما يتم بيع البضاعة والتي إن لم تربح فستعيد رأس المال "90 دولارًا" للقطعة الواحدة".

لكن هذه العمليات لا تكون بشكل خفي لا تعلم به الجهات المعنية، إذ يشير حسن إلى أن "هذا التحايل ليس سريًا، وهو سياق متفق عليه، وجميع الجهات التي يتطلب الحصول على موافقتها، يوجد فيها موظفون يمرّرونها بكل سلاسة".

مطاعم فخمة خاسرة!

إن عملية غسل وتهريب الأموال إلى خارج العراق معقدة وغير مضمونة، خاصة بعد حدوث العديد من حالات هروب "الظل"، وتمرده على صاحب المال، فضلًا عن كون بعض أصحاب تلك الأموال لا يمتلكون النفوذ الذي يمكّنهم من تهريبها، بالإضافة إلى عوامل أخرى، ما يجعلهم يقدمون على "غسلها" في الداخل.

تتكدس في المناطق الراقية، العشرات من المطاعم الفخمة، والتي تتراوح تكاليف افتتاحها بين الربع ونصف المليون دولار، فيما تجاوز بعضها ذلك، بالإضافة إلى عدد كبير من المشاريع الفخمة مثل "المولات، محلات العطور (البراند)، معارض السيارات"، ومن خلال جردة حساب تجد أن تلك المشاريع لا تسد مصروفاتها اليومية من الأيدي العاملة، وبدلات الإيجارات وفواتير الكهرباء، فضلًا عن المواد الأخرى، بحسب مختصين.

عشرات المطاعم الفخمة التي تتراوح تكاليفها بين الربع ونصف المليون دولار في المناطق الراقية، لكنها مشاريع لا تسد مصروفاتها اليومية وهي مجرّد وجوه لـ"غسل الأموال"

والحكاية أن من يريد غسل أمواله داخل البلد يعمل على الدخول كشريك في عدد من المشاريع الكبيرة مع حساب نسبة لصاحب المشروع، مقابل كل مبلغ يتم "غسله" ليكون واجهة لعمله، ويمنح هذا الخيار "الغاسل" مرونة، وسيطرة أكبر على أمواله فيما لو كانت في خارج العراق.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق| "آلية المجاري وجرّة الذهب".. كنوز واسط بين إهمال الحكومة ويد السرّاق!

في السياق يقول "م.ن" وهو "كاشير" في أحد المطاعم الفخمة غربي بغداد، إنني "أعمل في وقت الذروة، من البدء بتقديم وجبة الغداء وحتى منتصف الليل، ويُصنّف مطعمنا ضمن المطاعم الراقية، ورواده من الطبقة الغنية، مبينًا أنه "يقدم مختلف الأطباق الشرقية والغربية، وبكوادر سورية ولبنانية، بالإضافة إلى عدد قليل من العمال العراقيين"، لافتًا إلى أن "جميع مستلزمات الطبخ تكون من الدرجة الممتازة خاصّة اللحوم، وهذا جزء من متطلبات كسب الزبون".

تابع "م.ن" أن "الوارد الشهري للمطعم بالكاد يسد رواتب الكادر، خاصة وأن رواتبهم عالية مقارنةً بالكوادر العراقية، بالإضافة إلى التزام صاحب المطعم بتوفير السكن لهم، مضيفًا "لا أعرف كيف تسدّد بقية المصروفات، بدل الإيجار وفواتير الكهرباء والأغذية واللحوم، التي من المفترض أن تسدّد بشكل يومي بحسب الاتفاقات مع المجهز"، مبينًا أن "صاحب المطعم لا يبدو منزعجًا من العمل، أو أنه يخسر، والأمور طبيعية بالنسبة له".

الجدوى الاقتصادية للمطعم تتطلب أن تغطي واردات المطعم جميع المصروفات، بالإضافة إلى ربح يوازي قيمة رأس المال، فضلًا عن أجور الصيانة الدورية والإضافات الأخرى، "ولكن هذا لا يحدث"، بحسب "م.ن" الذي بيّن أن "مطعمهم يعد الأفضل في الواردات قياسًا بالمطاعم التي من ذات الدرجة، إذ تمر أيام يجلس نصف الكادر بلا عمل".

أجرى "ألترا عراق" في تحقيقه حوارات مع أصحاب مطاعم معروفة، ليكشف آلية الربح، وكيف تكون عملية "غسيل الأموال" في المطاعم الفخمة التي "لا يعمل بعضها". ينقل صاحب مطعم تجربته في العمل قائلًا إنني "أعمل منذ 14 عامًا في هذا المطعم، كل شيء هنا محسوب وفقًا لمعادلة تضمن الربح المناسب، حيث أطوّر المطعم ببطء بالرغم من مكانه المتميز، وسمعته المعروفة بين الزبائن، مضيفًا "لا أستطيع تغيير ديكوراته مثلًا على غرار المطاعم الفخمة المجاورة، والتي تصل ديكورات بعضها إلى 200 ألف دولار، أو تشغيل كوادر سورية، الأمر يحتاج إلى أموال طائلة ولا تتناسب مع سوق العمل حاليًا".

أمر "غسيل الأموال" لا يقتصر على المطاعم الفخمة، بل يصل إلى محلات بيع الحلويات والمعجنات أو الكافيهات ومشاريع محلّات العطور الكبيرة

وعن آلية عمل تلك المطاعم، أضاف صاحب المطعم الذي رفض الكشف عن اسمه، "بكل وضوح، أن تلك المطاعم هي واجهات لغسيل الأموال، حيث عرض عليّ أحد الأصدقاء الوساطة مع شخصية مهمة لم يخبرني باسمها، مستدركًا "لكنه بيّن لي أن هذه الشخص سيكون شريكًا، ومقابل كل مبلغ يسجل في السجلات الرسمية كأرباح يمنحني 20 %، وكجزء من الإغراء أخبرني أن أول مبلغ ينوي غسله هو مليون دولار، وبالآلية التي تناسبني من حيث الوقت، لكنني رفضت دون تفكير".

اقرأ/ي أيضًا: تقرير بريطاني عن "الفساد المحصّن" في العراق: السلطة تنهب المواطن والمستثمر!

لا يقتصر أمر "غسيل الأموال" على المطاعم الفخمة، بحسب صاحب المطعم الذي قال "نحن أصحاب المشاريع نعرف كل من يعمل بتلك الطريقة، مثل محلات بيع الحلويات والمعجنات أو الكافيهات".

الظل يهرب!

لا توجد علاقة مثبتة بشكل مادي على الشراكة بين "الظل" و"الغاسل"، ببساطة؛ أي إثبات من هذا النوع يعد دليلًا عليه، وهذا ما يمنح "الظل" مرونة في الهرب أو الانقلاب، ويتداول الكثير حكايات عديدة عن "انقلابات" على غاسلي الأموال انتهت بموت "الظل".

مصدر مطلع يروي لـ"ألترا عراق"، واحدة من القصص المعروفة التي تسبّبت بإصابة أحد القيادات الأمنية بـ"جلطة" أفقدته الحركة بسبب هرب "ظله" إلى أحد الدول الأوربية بنحو 80 مليون دولار.

قال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن "أحد القيادات الأمنية كان يرسل لأبنه المراهق المقيم في أحد دول الجوار أموالًا بشكل دوري، وهي كانت عبارة عن مبالغ تجنى من التلاعب بسجلات الوقود، أو إجراء التنقلات في قواطع مسؤوليته عبر "سماسرة"، لافتًا إلى أن "تلك المبالغ كان يودعها الابن بأكثر من حساب مصرفي في دولة لا تدقّق عن الأصول المالية".

أضاف المصدر أن "الشاب المراهق وقع بحب "فتاة ليل" في أحد النوادي الليلة، وبعد مغامرات غرامية تزوجها دون علم الأب، والذي لم يدم طويلًا حتى عرف بالأمر، فغضب منه وطلب منه أن يطلّقها، فيما رفض الابن، ما دعاه إلى مطالبته بتحويل المبالغ جميعها على حسابات جديدة تابعة له، في محاولة لسحب الأموال من الابن، لكن الأمر لم يستغرق سوى أيام حتى اختفى الابن وزوجته والأموال بشكل نهائي".

أشار إلى أنه "بعد اتصالات واستخدام للنفوذ توصل إلى أن أبنه في أحدى الدول الأوروبية، والذي طلب منه عدم التواصل معه أو محاولة تعقبه لأن الأمر سيكلفه فضيحة، ما جعل الأب يرقد لأشهر في الفراش بعد "جلطة" ألمت به". 

طرق "غسيل الأموال" التي يفضلها القيادات الأمنية هي صالات القمار والروليت التي تعمل على تبييض الأموال بكميات مفتوحة

أبرز طرق "غسيل الأموال" للقيادات الأمنية هي صالات القمار والروليت التي تعمل على تبييض الأموال بكميات مفتوحة دون الحاجة إلى التعقيدات التي توجد في الملفات الأخرى، بحسب المصدر نفسه.

اقرأ/ي أيضًا: فساد "أبو مازن" والعاكوب وانتهاكات "الميليشيات" يحركان واشنطن.. وبغداد ساكنة!

إن الأموال المغسولة بعد 2003 توازي المبالغ المهدورة خلال الفترات المتعاقبة، بحسب الخبيرة الاقتصادية سلامة سميسم، مشيرةً إلى "وجود صفقات خاسرة يدخل فيها الغاسل من أجل تبييض أمواله تصل الخسارة فيها إلى 50%"، ومن الأمثلة الواضحة أن سعر الموز في السوق العراقية بالمفرد نحو دولار ونصف، فيما يصل سعره في البورصة العالمية إلى دولارين ونصف، والفرق واضح، نحو دولار ونصف، وهذا هو ثمن غسيل الأموال بمثل هذه الصفقة.

تعزو سميسم "ضعف الرقابة القانونية على عمليات الغسيل إلى وجود تشريعات "صمّاء"، والتي تتعلّق بالأوراق الثبوتية للصفقات التجارية، والثروة المترتبة عليها، والتي يسهل التلاعب بها، والتحايل على السلطات في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد".

تستدل سميسم في حديثها لـ"ألترا عراق" بالتجارب العالمية بمكافحة غسيل الأموال، حيث تقول إن "التحريات الجنائية الاقتصادية تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة غسيل الأموال، إذ تبحث في مصادر الثروة بشكل دقيق وعملي من خلال سلسلة إجراءات تحقيقية في الميدان، بالإضافة إلى مآلات الثروة"، لافتة إلى أن "تلك الإجراءات ليست بالمستحيلة ويمكن تطبيقها في العراق".

وبالرغم من أن "غسيل الأموال"، أصبح ظاهرة في الفضاء العراقي، لكنه لا يواجه بالمستوى الذي ينتشر فيه، إذ ترجع سميسم "التغاضي" عن عمليات غسيل الأموال، وعدم الاستعانة بتجارب الدول المتطورة إلى "مسميات ورقية مجهولة"، فيما تتجاهل السلطات "الثراء الفاحش والسريع للكثير من الساسة، بالإضافة إلى التجار غير المعروفين الذين سرعان ما يتحولون إلى أساطين في سوق العمل".

لفتت سميسم إلى أن "التاجر الذي يعمل تحت دائرة الضوء تكون جميع صفقاته معلومة، التفاصيل والأرباح المترتبة عليها، مستدركة "لكن العمل المجهول يجعل مصدر الثروة مجهولًا، خاصة في أعمال المخدرات والتهريب، والتي تثري صاحبها بصورة سريعة وتضعه تحت حماية وتوجيه مافيات كبيرة".  

الأموال المغسولة بعد 2003 توازي المبالغ المهدورة منذ 16 عامًا، بحسب خبيبرة اقتصادية، والتي وصلت وفق إحصائيات إلى أكثر من 500 مليار دولار 

خطورة غسيل الأموال  تكمن بانعكاساته المباشرة على مفاصل حياة "الاقتصادية والسياسية والأخلاقية والفكرية"، ويؤثر بشكل مركز على الأفراد في الجانب الاقتصادي، حيث يؤدي إلى اختلال في التوازن الاقتصادي الذي يعد الركيزة الأساسية للتعايش، بحسب الخبير الاقتصادي جمعة عادل.  

اقرأ/ي أيضًا: أحدهما أهدر ملايين باسم الحسين.. كيف أنقذ "علوش جرمانة" مسؤولين فاسدين؟!

يرى عادل في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "آلية غسيل الأموال  بالعراق سلسة، حيث تمرر الأموال  ببساطة، جراء تظافر مجموعة عوامل، منها الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد، بالإضافة إلى ضعف الأجهزة الرقابية الحكومية وقلة خبرتها".

يعزو عادل تنامي ظاهرة غسيل الأموال، واتساعها إلى "التطور في القطاع المالي والمصرفي الذي ساعد بشكل عملي على عمليات التلاعب، بالإضافة إلى "النظام الآلي لتحويل الأموال، الذي سهّل إتمام عمليات مشبوهة لغسيل الأموال، فضلًا عن شبكة الإنترنت التي استثمر من خلالها غاسلي الأموال السرعة للتحويلات النقدية عبر البلدان، أو داخل البلد الواحد".

وفي هذه الظروف، فأن نسبة كبيرة من المخاطبات المالية المرسلة بين المؤسسات المصرفية والأفراد لا تحتوي على المعلومات التفصيلية الخاصة بهذه المعاملات، بحسب عادل، فيما يرى مختصون في الاقتصاد أن مصادر الأموال غير المشروعة في العراق، هي سرقات المصارف والبنوك بعد احتلال العراق، والأموال  المتأتية من سرقة الآثار الثمينة وتهريبها، بالإضافة إلى تهريب النفط ومشتقاته، وعصابات السرقات والخطف، والأموال  المخصصة لإعادة الإعمار التي تتجه نحو إقامة مشاريع وتقديم خدمات وهمية، فضلًا عن المتاجرة بالمخدرات و الرشوة والفساد الإداري.

وخلال تحقيقه، عرف "ألترا عراق" من المختصين أن الآثار المترتبة على "غسيل الأموال" هي إضعاف الدخل القومي من خلال استنزاف رؤوس الأموال وهروبها إلى الخارج، ما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الادخار والاستهلاك، بالإضافة إلى أنه يجعل الدولة ملزمة بـ"التحويل الخارجي" إذ تزداد المديونية، فضلًا عن عدم الاستقرار النقدي (سعر الصرف) والخوف من تقلّبات مستقبلية، ما يعني قيام الأفراد بشراء العملات الأجنبية وادخارها داخل العراق وخارجه، فضلًا عن استنزاف الاقتصاد الوطني لصالح الاقتصادات الخارجية واستقطاعات من الدخل القومي للبلاد.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

16 عامًا على "سقوط بغداد".. الخراب أيقونة للماضي والمستقبل

9 حقائق هامة ينبغي ألا ننساها عن الغزو الأمريكي للعراق