"صدمة واستنفار".. ما آثار قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية على الاقتصاد العراقي؟
3 أبريل 2025
في ليلة الأربعاء/الخميس 2 – 3 نيسان/أبريل 2025، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسومًا جمركية على عشرات الدول، بينها العراق، بنسب مختلفة.
فرض ترامب رسومًا على صادرات العراق بنسبة 39%
وكان ترامب مهّد للرسوم الجديدة ووصف فرضها بـ"يوم التحرير"، مستهدفًا الدول الصديقة وغير الصديقة، بهدف تعزيز التصنيع الداخلي الأميركي
وظهر ترامب في حديقة البيت الأبيض حاملًا لوحة كبيرة تضمنت قائمة بنسب التعريفات الجمركية، والتي كانت بنسبة 34% على الصين، و20% على الاتحاد الأوروبي، و30% على الواردات من جنوب أفريقيا، و31% على الواردات من سويسرا، و49% على الواردات من كمبوديا، و32% على الواردات من إندونيسيا، و24% على الواردات من اليابان. أما العراق، فقد فرض ترامب رسومًا بنسبة 39% على صادرات العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية.
لعنة الاستيراد.. أول تعليق حكومي
في أول تعليق حكومي على ذلك، أكد مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الحكومة محمد السوداني، إن "النفط والغاز الطبيعي هو خارج الرسوم الأميركية وهذا هو الشيء الأمين ظاهريًا"، وفق تعبيره.
واستدرك في حديثه لـ"ألترا عراق"، بالقول، إن "المخيف أن تتولى المصارف الأميركية فرض رسوم على تحويلات العراق إلى بلدان أخرى عند التسديد بتحويل الدولار إلى عملات دول وهي بلدان ممن يفرض عليها رسوم 78%".
وأضاف المستشار في حديثه عن مخاوفه: "كذلك فرض رسوم على عوائد استثمار الاحتياطيات الدولارية في أميركا عند تحويلها إلى عملات اجنبية أخرى لكون عوائد النفط هي مودعة في أميركا بموجب قرارات دولية وأميركية وهذا هو الجانب الغامض في الموضوع".
مستشار السوداني متخوف من فرض رسوم على تحويلات العراق
وختم بالقول: "ظاهريًا لا توجد آثار تذكر إلا بشكل محدود ولكن عمليًا هناك تشابكات حمائية في الاقتصاد الدولي سترفع من كلفة التجارة الدولية ونحن بلد مستورد".
ائتلاف المالكي: صدمة واستنفار
ائتلاف دولة القانون، أحد أطراف الإطار التنسيقي الحاكم في العراق، وصف الرسوم الجمركية المفروضة من إدارة ترامب بأنها "صدمة لكل دول العالم بضمنها العراق"، وقد "جعلت الجميع بحالة استنفار لتقييم الموقف".
وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون، عمران كركوش، إن "العراق سيتأثر بشكل كبير بما يخص الصادرات النفطية"، وأكد أن "الرسوم التي ستفرض على صادرات النفط العراقية لأميركا ستحدث ضغطًا على الاقتصاد العراقي لاعتماده الكبير على الإيرادات النفطية"، معتبرًا أن "ذلك سيجعل العراق يبحث عن أسواق جديدة في آسيا وأوروبا وأماكن أخرى".
وذكر كركوش أن "الإعلان الأميركي يمثل انقلابًا على الاتفاقيات الدولية والعولمة التي تتبناها الإدارة الأميركية منذ سنوات حيث رفعت الضغوط عن السلع والبضائع في السابق والخدمات والأشخاص وكل ذلك سيؤثر كثيرًا وقد يحدث كسادًا عالميًا وتضخمًا في الاقتصاد الدولي".
يقول القيادي في ائتلاف المالكي إن العراق تعرض للصدمة من رسوم ترامب
وأضاف: "ستكون هناك مشاكل كبيرة للبلدان المشمولة وأبرزها العراق ما سيدفعه للبحث عن أسواق تجارية جديدة واقتصادات نشطة بعيدًا عن الهيمنة الأميركية التي تتحكم الآن بصادراته النفطية، كما أن ذلك يؤكد اتجاه العالم لاقتصاد جديد وانفتاح وإعادة بلورة لعلاقات اقتصادية بين دول الشرق والغرب".
وتابع: "مع ذلك ربما سيقوم ترامب بإعادة النظر في بعض الرسوم التي فرضها لأنه قد فعلها قبل أيام بشكل مماثل مع المكسيك ما يعني أنه ربما يعود لتقييم ما فعله وأعلنه فيما لو واجه ضغوطًا دولية وردود أفعال كثيرة وكبيرة ستدفعه لتقديم إعفاءات أو تغيير جيد للرسوم".
واعتبر القيادي في ائتلاف المالكي، أن "هذا الاجراء الأميركي يبين رغبة ترامب في رسم نظام جديد للعلاقات الدولية قائم على أساس الحماية الاقتصادية عكس المفاهيم المعروفة منذ سنوات، ويتم التعامل بها مع دول العالم"، مشيرًا إلى أن "ترامب ألمح إلى مشكلة مقبلة أو حرب اقتصادية قادمة تستعد الولايات المتحدة لها عبر ترصين جبهتها الداخلية وليست بالضرورة حرب عالمية ثالثة أو حرب نووية بقدر ما هي حرب لمواجهة العنفوان المتصاعد للصين في العالم".
ترامب قد يضغط على العراق
اقتصاديًا، اعتبر الباحث والاستشاري في الاقتصاد والنقل الدولي، زياد الهاشمي، رسوم ترامب الجمركية على العراق جزءًا من عملية تنفيذ استراتيجيته الدولية لتقليص الخلل في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وباقي دول العالم المصدرة للولايات المتحدة.
وقال الهاشمي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن العراق يتمتع اليوم بفائض في الميزان التجاري لصالحه بقرابة 6 مليار دولار (معظمها صادرات نفطية لمصافي تكساس وكاليفورنيا)، بمعنى أن العراق يصدر أكثر مما يستورد من الولايات المتحدة"، موضحًا أن "ترامب يستهدف من خلال فرض رسوم جمركية على الصادرات العراقية للولايات المتحدة تقليص هذا الفارق في الميزان التجاري والذي يميل لصالح العراق، والعمل على توازنه أو تحويله لصالح الولايات المتحدة".
باب التفاوض مفتوح وضغوطات أميركية قادمة على العراق
وأضاف: "في حالة لم تنجح الرسوم الجمركية المفروضة على العراق في تعديل الخلل في الميزان التجاري، قد تتجه إدارة ترامب للضغط على العراق لزيادة مشترياته من المنتجين الأميركيين وفتح الاقتصاد العراقي أكثر أمام الشركات الأميركية"، مبينًا أن "باب المفاوضات مع الأميركيين سيكون مفتوحًا للتفاوض على هذه النقاط، للتوصل لاتفاق مناسب لكلا الدولتين".
وأشار الهاشمي إلى أن "العراق لن يجد من جانبه صعوبة في إيجاد أسواق بديلة لنفطه المُصدّر للولايات المتحدة، وقد تكون الرسوم الجمركية ذات تأثير سلبي مباشر على الشركات الأميركية والمستهلك الأميركي أكثر منه على الجانب العراقي، وهذه نقطة تفاوضية مهمة في صالح العراق".
آثار سلبية على النفط
الخبير الاقتصادي، الأكاديمي نبيل المرسومي، علّق على تأثير رسوم ترامب الجديدة على العراق، قائلًا، إن " الرئيس الأميركي ترامب فرض رسومًا على كل السلع المستوردة من الولايات المتحدة وبنسب متفاوتة تبدأ من 10% صعودًا غير أنه أعفى واردات النفط والغاز والمنتجات المكررة من الرسوم الجمركية".
وأضاف: "وقد فرض ترامب رسوم بنسبة 39% على صادرات العراق إلى الولايات المتحدة، ولأن صادرات العراق محدودة جدًا فلن يكون للقرار الأميركي في هذا الجانب تأثيرًا يذكر".
الدول المصدرة للنفط وبينها العراق ستتضرر
واستدرك بالقول: "غير إن الرسوم الجديدة سيكون لها أثر سلبي على التجارة والنمو الاقتصادي العالمي ومن ثم على نمو الطلب على النفط وبالتالي سيكون لها أثرًا سلبيًا على أسعار النفط التي فقدت دولارين كرد فعل سريع على رسوم ترامب، وستشهد الأيام القادمة حجم التأثير السلبي لهذه الرسوم على أسعار النفط العالمية التي ستتضرر منها كل الدول المصدرة للنفط ومن بينها العراق".
تعطيل المشاريع في العراق
الأكاديمي الاقتصادي أحمد صدام، يتفق مع المرسومي بمسألة الآثار السلبية على النفط، مع إضافة عامل آخر سوف يتسبب تعطيل المشاريع الاستثمارية في العراق.
وعلّق صدام، على قرار الرئيس الأميركي وآثار على العراق، بالقول: "سوف يتأثر العراق بسبب رسوم ترامب باتجاهين، أولهما أن هذه الرسوم سوف تقود إلى إبطاء النمو العالمي ومن ثم ينخفض الطلب على النفط وبالتالي انخفاض أسعاره عالميًا مما يؤدي إلى انخفاض ايرادات العراق المالية وتأثير ذلك في زيادة مستوى العجز المالي بشكل أكبر".
وأضاف: "ويتمثل التأثير الثاني من خلال ارتفاع الأسعار عالميًا لمختلف السلع بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج لا سيما في الولايات المتحدة وهذا الأمر يؤثر على ارتفاع تكلفة الاستيرادات العراقية من مختلف السلع وهذا يعني ارتفاع مستوى اختلال الميزان التجاري العراقي بشكل أكبر في السنوات المقبلة".
مشاريع الحكومة ستتعطل بسبب انخفاض أسعار النفط
وأكد أن "كل ذلك يؤثر سلبًا في خطط الحكومة الاستثمارية، إذ سوف ينصب جهد السياسة الاقتصادية في العراق على تأمين النفقات التشغيلية بشكل رئيس بمعنى تأجيل وتعطيل الكثير من المشاريع المخطط لها في السنوات المقبلة".
ما التجارة بين العراق وأميركا؟
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي والمختص في إدارة الأزمات، علي الفريجي، أن "ميزان التجارة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية شهد تطورات ملحوظة خلال السنوات العشر الماضية".
وفي حديثه لـ"ألترا عراق"، فصّل الفريجي "نظرة عامة على المواد الأساسية التي يتم تصديرها من العراق إلى أميركا وتلك التي يتم استيرادها منها، وكانت كالتالي:
الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة:
- النفط الخام: يُعتبر النفط المصدر الرئيسي لإيرادات العراق، حيث شكلت صادرات النفط غالبية الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة.
- المواد الغذائية: مثل الحبوب، وخاصة الحنطة، والتمور.
- المعادن: مثل الكبريت وبعض المعادن الأخرى.
الواردات العراقية من الولايات المتحدة:
- المعدات والآليات الثقيلة: مثل الآلات الزراعية ومعدات البناء.
- المركبات وقطع غيارها: بما في ذلك السيارات والشاحنات وملحقاتها
- الأدوية والمستلزمات الطبية: تلبية لاحتياجات القطاع الصحي العراقي.
- المواد الغذائية: مثل الحبوب، بما في ذلك الحنطة، واللحوم.
- المنتجات التكنولوجية: مثل الأجهزة الإلكترونية والحاسوبية.
التطورات الحديثة (2023):
في عام 2023، شهدت الصادرات الأميركية إلى العراق ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغت قيمتها 2.25 مليار دولار، بزيادة 151% عن عام 2022 الذي كانت فيه 900 مليون دولار.
- الطائرات وأجزاؤها: بلغت قيمة صادراتها 815 مليون دولار في 2023، مقارنة بـ47 مليون دولار في 2022.
- السيارات وملحقاتها: ارتفعت إلى 361 مليون دولار في 2023 من 117 مليون دولار في 2022.
- الأجهزة الميكانيكية ومحطات الطاقة: بلغت 266 مليون دولار في 2023، مقارنة بـ195 مليون دولار في 2022.
- الحبوب (الحنطة): ارتفعت إلى 248 مليون دولار في 2023 من 110 مليون دولار في 2022.
- اللحوم: بلغت قيمة صادراتها 39 مليون دولار في 2023، مقارنة بـ10.7 مليون دولار في 2022.
في المقابل، انخفضت صادرات العراق إلى الولايات المتحدة في 2023 إلى 8.5 مليار دولار، مقارنة بـ10 مليارات دولار في 2022، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط.
تأثيرات سلبية محتملة على العراق
الفريجي، وفي تعليقه على التأثيرات المحتلمة، قال: "بشكل عام، تُظهر البيانات أن العراق يعتمد بشكل كبير على تصدير النفط الخام إلى الولايات المتحدة، بينما يستورد منها مجموعة متنوعة من السلع، بما في ذلك المعدات الثقيلة، المركبات، المستلزمات الطبية، والمواد الغذائية".
التجارة بين العراق وأميركا ستتأثر بشكل كبير وتؤثر على المشاريع في العراق
وخلص الفريجي بالقول: "فرض رسوم جمركية بنسبة 39% على السلع المستوردة من الولايات المتحدة سيؤثر بشكل كبير على عملية الاستيراد والتصدير بين العراق والولايات المتحدة".
وتوقع الفريجي أن "تزيد تكاليف السلع المستوردة، مما قد يؤثر على المشاريع والبنية التحتية في العراق. كما قد يسعى المستوردون إلى مصادر بديلة لتفادي الرسوم، مما قد يؤدي إلى تغييرات في سلاسل الإمداد"، مؤكدًا "على العراق دراسة هذه التغييرات بعناية واتخاذ تدابير للتخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة على الاقتصاد الوطني".
الكلمات المفتاحية

بسبب الأزمة المالية.. الرافدين يرفض المقارنة بـ"انهيارات مصرفية في دول أخرى"
دعا إلى "الإبقاء على ما تبقى من الثقة في مؤسسات الدولة"

كردستان ستطبق المواصفات العراقية في المنافذ الحدودية.. قرارات مجلس الاقتصاد
قرر مجلس الاقتصاد اعتماد الفحوصات التي يجريها الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في الحكومة الاتحادية من قبل هيئة التقييس والسيطرة النوعية في إقليم كردستان

رسميًا.. أرنولد في بغداد وسيقود منتخب العراق بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم
قدّم الاتحاد العراقي لكرة القدم المدرب الجديد الأسترالي غراهام أرنولد

لجنة عراقية تختار فيلم "سعيد أفندي" لتمثيل العراق في مهرجان "كان"
اختيار فيلم سعيد أفندي لتمثيل العراق رسميًا في الدورة 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي