30-مارس-2019

يدور صراع بين الشباب والرياضة والأولمبية منذ 16 عامًا (فيسبوك)

بعد أكثر من 15 عامًا على تغيير النظام في العراق، ما زال الجدل يثار حول اللجنة الأولمبية الوطنية، والتي بقيت بين وصفها من الكيانات المنحلة من جهة، واكتسابها الشرعية من اللجنة الأولمبية الدولية من جهة أخرى. وبقيت على هذا الحال طوال السنين الماضية قبل أن تثار الأزمة مؤخرًا، وتحديدًا بعد إجراء انتخابات المكتب التنفيذي للجنة، على الرغم من عدم وجود قانون عراقي ينظم عملها ويعطي الشرعية لانتخاباتها.

تعد اللجنة الأولمبية العراقية من الكيانات المنحلة وفق قرار سلطة الغزو الأمريكي برئاسة بول بريمير عام 2003، لكنها لا تزال تمارس عملها باعتراف اللجنة الأولمبية الدولية

كان الحاكم المدني للعراق بعد الغزو بول بريمر، قد قرر في 23 حزيران/يونيو 2003، حل العديد من المؤسسات والمنظمات التي كانت عاملة في زمن النظام السابق ومن بينها اللجنة الأولمبية العراقية، ما تسبب بثغرة قانونية تتعلق بعمل اللجنة وأملاكها وقانونها.

الأولمبية.. "كيان منحل!"

وعلى الرغم من مساعي اللجنة الأولمبية لكسب قرار يستثنيها من قائمة الكيانات المنحلة، إلا أن القضاء رد عددًا من الدعاوى التي كسبتها وزارة الشباب ضد الأولمبية، حيث أصدرت محكمة التمييز في الرصافة قرارًا قضائيًا قطعيًا بإعادة أراضي الوزارة المشغولة من قبل اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، فيما حصلت الدائرة القانونية بالوزارة، في 19 أيلول/سبتمبر 2017، على 7 قرارات قضائية قطعية، تؤكد أن اللجنة الأولمبية من "الكيانات المنحلة".

اقرأ/ي أيضًا: ملعب الشعب غارق بالفساد والإهمال.. عشرات آلاف المشجعين بين الكلاب والغاز

يقول الصحفي الرياضي ميثم الحسني في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "العراق عمل بظروف استثنائية واللجنة الأولمبية سيرت أمورها بلوائح وإجراءات كانت أشبه بحالة طوارئ للرياضة العراقية".

كما يبين الحسني وهو المنسق الإعلامي لاتحاد ألعاب القوى، أن "‏البعض يصر على تغييب القانون على الرغم من أنه يأخذ ميزانية خيالية من الحكومة"، مؤكدًا أن "من حق الحكومة أن تحمي الأموال التي تمنحها للمؤسسات الرياضية بقانون يحمي الجميع".

حرب بين الوزارة والأولمبية

منذ لجوء وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية العراقية إلى القضاء، والمعركة دائرة بينهما، لكن إجراء انتخابات المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية، في 15 - 16 شباط/فبراير الماضي، رفع سخونتها، حيث طعنت الوزارة ببيان شديد اللهجة بشرعية المؤتمر الانتخابي للجنة.

وذكرت الوزارة بحسب البيان، أنها "تسعى إلى الحصول على موافقة مجلس الوزراء لصرف التخصيصات المالية للاتحادات الرياضية بشكل مباشر، وبأسلوب منظم من أجل تسيير أنشطتها على وفق خططها المقرة لغاية قول القضاء العراقي كلمته الأخيرة وتجاوز الفراغ الحاصل واكتمال تشريع قانون اللجنة الأولمبية الوطنية الجديد".

الأولمبية ترد

رد اللجنة الأولمبية لم يتأخر كثيرًا إذ أكد الأمين المالي للجنة سرمد عبد الإله، في تصريح صحفي، إن "هناك عدة تفسيرات بشأن قرار المحكمة الاتحادية باعتبار اللجنة الأولمبية كيانًا منحلًا"، مبينًا أن "الحكومة لديها تفسير بشأن هذا القرار، وهي من أعطى اللجنة الأولمبية الشرعية والاعتراف لممارسة عملها".

عدة أيام مرت بين شد وجذب من قبل الطرفين، حيث تهدد وزارة الشباب والرياضة بقطع التمويل المالي عن اللجنة الأولمبية، فيما تهدد الأخيرة باللجوء إلى الأولمبية الدولية، وتحذر من عقوبات قد تطال الرياضة العراقية.

انخفاض حدة التوتر

لكن الأيام الأخيرة شهدت بوادر حل للأزمة مع استجابة اللجنة الأولمبية لضغوط الحكومة ممثلة بوزارة الشباب والرياضة، بعد حديث عن ملفات فساد في اللجنة ووجود اتحادات وهمية وملفات قد تطيح بـ "رؤوس كبيرة" في اللجنة الأولمبية.

تصاعدت حدة صراع بين وزارة الشباب والرياضة الممثل الحكومي واللجنة الأولمبية الدائر منذ 15 عامًا 

ويقول النائب الأول لرئيس اللجنة الأولمبية فلاح حسن في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "الحديث عن وجود اتحادات وهمية أمر مبالغ به، فلا وجود لهكذا اتحادات ترتبط باللجنة"، مبينًا أن "اللجنة الأولمبية هي ممثل الرياضة العراقية أمام الاولمبية الدولية، ولا نسعى لأي تقاطعات مع وزارة الشباب والرياضة".

كما يؤكد، أن اللجنة والوزارة "في مركب واحد للوصول إلى شاطئ الأمان"، مشددًا على ضرورة "تقديم الدعم المتبادل بين الوزارة واللجنة من أجل الارتقاء بالرياضة العراقية"، فيما أشار إلى أن وزارة الشباب هي الممثل الحكومي ‏والأولمبية هي المسؤولة عن كل الألعاب و"التقاطعات لا تخدم أحدًا".

وتماشياً مع رغبة الحكومة بتشكيل لجان لإدارة الأمور المالية في اللجنة وصرف الميزانية المخصصة لها في الموازنة الاتحادية لعام 2019، أعلنت اللجنة الأولمبية العراقية، الخميس 28 آذار/مارس، تشكيل اللجان الخاصة لتنفيذ القرار.

الأمين العام للجنة حيدر الجميلي قال في بيان تلقى "ألترا عراق"، نسخة منه، إن "الأولمبية تعلن عن تشكيل لجنة ثلاثية من ممثلي وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وذلك لإدارة المنحة المخصصة للجنة الأولمبية الوطنية ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2019".

كما بين الجميلي، أن اللجنة الأولمبية شكلت "اللجنة الفنية – الخبراء - لمناقشة واقرار المناهج السنوية، واللجنة الإدارية والمالية والقانونية التي تنفذ واجبات التدقيق والرقابة على الصرف المالي، ولجنة المتابعة والتنسيق، تتولى مراقبة عمل الاتحادات الرياضية وتنفيذها للبرامج والمناهج التي تتم المصادقة عليها"، مشيرًا إلى أن "انبثاق هذه اللجان جاء إثر الاتفاق الذي جرى في قبة البرلمان العراقي، الثلاثاء الماضي، و تخويل وزير الشباب والرياضة أحمد العبيدي لرعد حمودي بتشكيل هذه اللجان على أن تتكون من الخبراء الأكاديميين، وشريطة عدم تواجد أعضاء المكتب التنفيذي بهذه اللجان".

رد شديد اللهجة

لم تمض سوى ساعات على إعلان اللجنة الأولمبية تشكيل اللجان، حتى جاء الرد من وزارة الشباب والرياضة بلهجة شديدة، حيث أكدت في بيان صحفي أن "أمر تسمية اللجان الخاصة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 60 لسنة 2019 من اختصاص اللجنة المشتركة حصرًا"، مبينة أن " الأسماء المقترحة من قبل اللجنة الاولمبية الوطنية (المنحلة) لجميع اللجان التي سيتم تشكيلها محط اعتزاز وتقدير كبيرين وليس لدينا أي اعتراض تجاهها لاسيما الأكاديمية والرياضية كونهم أصحاب تاريخ وانجاز ومهنية".

لكنها شددت، أن "أي قرار للمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية في الوقت الحالي يعد غير شرعي وفق قوانين الدولة العراقية والسلطات القضائية"، مؤكدة أن "هدفها تطبيق القانون لأنها تمثل الحكومة".

كما بينت الوزارة، أن "حيدر الجميلي رئيس الاتحاد العراقي للفروسية فقط، وليس لديه الصفة التي تخوله لإصدار أي قرار أو تشكيل لجان ولا يحق له توجيه أسماء موظفي الدولة للاشتراك باللجان"، موضحة أن "هناك لجان فرعية أخرى متعلقة بشأن الصرف والقانون والإدارة سيعلنها الوزير بالتشاور مع رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي، أما اللجنة الرقابية فهي من شأن الجهة الرقابية الممثلة باللجنة حصرًا".

تغذي عائدية الأراضي والممتلكات والمنشآت الرياضية الصراع بين وزارة الشباب واللجنة الأولمبية دون نهاية قريبة بانتظار قانون جديد ينظم عملهما ويقطع الطريق على الفاسدين

ومع استمرار الجدل حول شرعية اللجنة الأولمبية من عدمها، والحرب المستمرة مع وزارة الشباب والرياضة، يبدو أن الصراع حول الأراضي والممتلكات والمنشآت الرياضية هو الوقود الذي يغذي نار هذه الحرب، بانتظار قانون يتناغم مع رغبات اللجنة الأولمبية الدولية، ويقطع الطريق أمام الفساد والفاسدين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رغم جدل احترافه.. "ميمي" لا يُرِيد أوروبا!