02-ديسمبر-2021

نسبة العجز المائي ستكون 80% (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم تبدأ الأزمة الحقيقية بعد، هكذا يرى الخبراء والمختصون بالموارد المائية، حيث ينتظر العراق مستقبلًا قاتمًا بسبب تناقص المياه، بدأت بوادره من تقليص العراق لمساحاته المزروعة 50%، إلا أن "التبعات الدموية" لهذه الأزمة بدأت مبكرًا، وسط توقعات بتربع المياه على عرش المتاعب الجديدة التي تنتظر العراق في الفترة القادمة.

خلال الأيام الماضية سجلت نحو 20 مشاجرة بين الفلاحين في عدة محافظات انتهت بسقوط نحو 4 قتلى و9 جرحى من المزارعين

ويقترب العراق من استنفاد خزينه المائي الذي جمعه في 2019 بسبب غزارة الأمطار حينها، حتى وصفت وزارة الموارد المائية الخزين الاستراتيجي مؤخرًا بأنه وصل لـ"مراحل حرجة"، وذلك بعد أكثر من عامين على استخدامه في مجالات مختلفة، فيما يقترن هذا مع التناقص المستمر لواردات العراق المائية من الأنهر القادمة من إيران وتركيا، بفعل الاستمرار ببناء السدود وتغيير مجاري المياه.

اقرأ/ي أيضًا: قرار من المجلس الوزاري العربي للعراق حول أزمة المياه مع إيران

وفي أوقات سابقة تحدثت تقارير دولية عن توقعات باندلاع "حروب المياه" في الشرق الأوسط، وبالرغم من عدم وجود مؤشرات أو رغبة عراقية بأي خطوات متوترة من هذا النوع تجاه إيران أو تركيا، إلا أن نموذج هذه الحروب ربما تكون قد بدأت بوادرها في الداخل العراقي.

توتر حكومي - عشائري.. ونزاعات بين مزارعين

وبينما دفع تناقص واردات المياه وزارة الموارد المائية إلى ترتيب الأولويات وتقسيم الحصص بين المحافظات وتقليصها بنسب متفاوتة بين محافظة وأخرى، ظهرت توترات على مستوى الصعيد المحلي بين مزراعين في المحافظة الواحدة وبين محافظات مختلفة، حيث سجل العراق قبل أيام نزاعًا بين مزارعين من محافظتي واسط "التي توصف بأكثر المحافظات تجاوزًا على المياه"، وآخرين من الديوانية، وجاء هذا النزاع بسبب الحصص المائية ما أدى إلى مشادات كلامية وتشابك بالأيدي، قبل أن تضطر قوة أمنية بإطلاق الرصاص الحي لفض النزاع.

وبالعودة لشهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، نظّم العشرات من  أهالي وعشائر محافظة ميسان، تظاهرة قرب ناظم الكحلاء رفضًا للحصص المحددة لهم، وعمدوا إلى التدخل بنفسهم وفتح بوابات الناظم تجاه أراضيهم الزراعية، والتي تغلقها وزارة الموارد لتوفير دفعات مائية كافية تضمن دفع اللسان الملحي بعيدًا عن البصرة، وفق أولويات تحددها الوزارة، في مؤشر خطير وبوادر لتصادم "عشائري - حكومي" بفعل المياه.

وتشير تقارير لوسائل إعلام عربية إلى تسجيل نحو 20 مشاجرة بين الفلاحين في عدة محافظات خلال الأيام الماضية انتهت بسقوط نحو 4 قتلى و9 جرحى من المزارعين، بفعل خلافات على الحصص المائية، وبدأت تتطور وتتحول إلى نزاع بين عشائر المزراعين.

تلويح بتدخل عسكري

وبالرغم من أن هذه المؤشرات لم تستفحل بعد بشكل واضح، إلا أن عمقها يتضح بشكل كبير على لسان الجهات المسؤولة وتحديدًا وزارة الموارد المائية، التي هددت بـ"التدخل عسكريًا" لفض مسألة "التجاوزات على المياه".

وزير الموارد المائية مهدي الحمداني أكد في تصريحات للوكالة الرسمية وتابعها "ألترا عراق"، أنّ "التجاوزات على المياه في محافظة واسط لها تأثير كبير ومباشر وملموس على بقية المحافظات الجنوبية وينعكس سلبًا على محافظة البصرة".

ولفت وزير الموارد إلى أنه "يجب أن يتفهم الجميع وجود شحة حقيقية وازمة مياه في العراق وهو واقع حال جاء من التغييرات المناخية"، مؤكدًا أن "التجاوز على الحصة المائية سيؤثر على كافة العراق ويعتبر سارقًا بنظر القانون وسنتخذ بحقهم إجراءات قاسية بالتعاون مع القوات المنية".

وبدأت الحكومة أولى خطواتها لاستخدام "القوة" بالفعل، حيث وجّه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي وخلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة الثلاثاء 30 تشرين الثاني/نوفمبر، قيادة العمليات المشتركة ووزارة الداخلية، بـ"المباشرة بحملة ردم الأنهار المتجاوزة، وبالتنسيق مع وزارة الموارد المائية، وعبر القوات المنتشرة في كل المحافظات، فضلا عن إزالة الدوارات غير النظامية، ورفع جميع المضخات المتجاوزة على النظام الإروائي، وعدم السماح لأي جهة خارج وزارة الموارد المائية بالتدخل في هذه الأعمال".

الجهات المسؤولة لا تعلم.. والعجز المائي سيكون 80% خلال 13 عامًا

وفي محاولة للاستفهام من قبل الجهات المختصة حول ما إذا كانت قد أشرت هذا النوع من النزاعات أو التفتت إليه، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "لا توجد معلومات لدى وزارة الداخلية حول قضايا مثل هذه بشكل ملفت للنظر، ومن الممكن أنه تم تسجيل حالات كهذه في المحافظات".

وحول عمق هذه الأزمة مستقبليًا وما إذا كانت ستولد مشكلة أمنية من نوع جديد، يشير المحنا إلى أن "المؤشرات المستقبلية بهذا الشأن من اختصاص وزارة الموارد المائية ولا نعلم ما إذا كانت الأزمة ستصل إلى حجم التسبب بمشكلة أمنية ولكن وزارة الداخلية ستكون حاضرة للتدخل حينها".

من جانبه، يشير مستشار الوزارة عون ذياب في حديث لـ"ألترا عراق" إلى أنّ "الوزارة تقسم حصص المياه على المحافظات تبعًا للمساحات المزروعة وما متوفر من مياه فضلًا عن خصوصية كل محافظة ولا سيما البصرة"، مضيفًا أن "هنالك أزمة ويجب على الجميع إدراكها والتعامل وفقها".

وحول ما إذا تقوم الوزارة بتحديد زراعة مساحات تابعة لمزارعين معينين وحرمان آخرين، يبيّن ذياب أنّ "الوزارة تقوم بتقسيم الحصص وفق معايير للمحافظة بشكل كامل، أما توزيع هذه الحصة داخل المحافظة فهو من مسؤولية الحكومة المحلية حيث يجب أن توزع الحصص بالتساوي، ويسري التخفيض على الجميع".

وبينما يؤكد عدم ووجود معلومات لدى الوزارة بنشوب نزاعات مسلحة بين المزارعين على المياه، إلا أنه لا يستبعد حدوث ذلك معتبرًا أن "النزاع على المياه مسألة أزلية منذ القدم".

ولتوضيح عمق الأزمة بشكل أوضح، فإنّ واردات المياه العراقية انخفضت بنسبة 40%، في الوقت الذي كانت  تمثل مجمل واردات العراق من المياه قرابة الـ70 مليار متر مكعب سنويًا،  لتنخفض في الوقت الحالي إلى ما يقارب الـ40 مليار متر مكعب فقط.

لا تستبعد وزارة الموارد المائية نشوب نزاعات مسلحة بين المزارعين على المياه

وتشير وزارة الموارد المائية إلى أنه بعد قرابة 13 عامًا، ستنخفض واردات العراق 30% إضافية، ليكون مجموع الانخفاض بواردات المياه العراقية بحلول العام 2035، قرابة الـ70%، فيكون مجمل ما يرد للعراق من مياه لن يتجاوز الـ11 مليار متر مكعب، في الوقت الذي تبلغ حاجة العراق أكثر من 50 مليار متر مكعب، ما يعني أن نسبة واردات المياه حينها ستكون أقلّ من 20% مقارنةً بالحاجة الاستهلاكية للبلاد، مع الأخذ بنظر الاعتبار تصاعد الحاجة للاستهلاك أكثر من 50 مليار متر مكعب، فضلًا عن تزايد عدد النسمات قرابة المليون نسمة سنويًا في العراق.

اقرأ/ي أيضًا: العراق يلوّح بتحرك دولي: إيران قطعت المياه تمامًا

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قالت وزارة الموارد المائية، إنّ إيران قطعت المياه بشكل كامل عن العراق ولم تتقاسم الضرر معه، مشيرةً إلى أن تصرفاتها مخالفة للأعراف الدولية.

وذكر مستشار الوزارة عون ذياب عبد الله في تصريح للصحيفة الرسمية تابعه "ألترا عراق"، أن "القطع أثر بشكل مباشر في المناطق الحيوية المهمة مثل ديالى وبدرة وجصان وهور الحويزة، إضافة إلى شط العرب"، مضيفًا أن "تصرفات طهران مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية، وأهمها اتفاقية العام 1975، فضلًا عن استغلالها للمياه أعالي الحوض وعدم مراعاة مصلحة مناطق المصب".   

وكشف عن "تناقص الخزين المائي لا سيما في سد حمرين المقام على نهر ديالى، الذي شارفت مياهه على الجفاف"، مبينًا أن "قلة هطول الأمطار وقطع إيران لمجموعة الأنهر المغذية من سيروان، سبب هذه المشكلة"، مشددًا على أن "استمرار انقطاع الواردات المائية عن البلاد، ربما سيؤدي إلى هجرة قسرية من جنوبها، لا سيما ضمن مناطق الأهوار المهددة بالجفاف".  

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ملف المياه مع إيران.. "مؤشرات إيجابية" لإنشاء سد شط العرب

الموارد: إيران خفضت كميات المياه الواردة إلى العراق.. بل قطعت بعضها