11-أبريل-2022

استمع وأقرأ تصريحات الطرفين الخصم من التيار الصدري والإطار التنسيقي، وكلاهما يتحدث عن إمكانية ذهاب أحدهما إلى المعارضة في الحكومة المقبلة بحال نجح الآخر في تشكيلها. لكن حصول هذا الأمر لا يعني النهاية السعيدة التي ينشدها الكثيرون.

يشير هذا المشهد إلى أنّ البلاد أمام معادلة "المعارضة المسلحة" أو الحكومة المسلحة بالقانون وخارج القانون

لك أن تتخيل هذا الإطار التنسيقي بكل أطرافه كيف سيكون في المعارضة، أو حتى التيار الصدري، فكلاهما لديه ترسانة عسكرية بالإمكان استخدامها في أي حدث قد يحصل دون رغبة منهما، أو قد ينزل إلى الشارع لفرض نفسه وقوته كما حصل في تظاهرات الرافضين لنتائج الانتخابات من جماهير الإطار التنسيقي في قلب العاصمة وعلى مدى أسابيع، وغيرها من الأحداث المعروفة التي شهرت فيها أطراف السلاح بوجه الحكومة وقواتها.

ذهاب الإطار أو التيار ليكون معارضًا تحت قبة البرلمان هو شيء لا بأس به، بل هو قمة العمل الديمقراطي إن حصل، لكن هل سيسلم من يقود الحكومة على نفسه من عدم استخدام سلاح الخصم ضده مرة أخرى وبذات الطرق السابقة مع اختلاف الجهات المهاجمة أو تشابهها. بالتأكيد لا ضمانة لذلك إلاّ إذا سلم الجميع سلاحه قبل أي خطوة نحو الاستحقاقات.

نتكلم في فرضيات وربما أشياء لن تحصل، بل ولعل حصولها سيكون مفاجئة لشدة الاستحالة، فالطرف الذي سيتمكن من تشكيل الحكومة ربما سينجح عبر سلاحه أو يذخره احتياطًا، حيث يكون سلاح الدولة كافيًا وتوظيف الأتباع في صفوفه ليس بالأمر العسير.

يشير هذا المشهد إلى أنّ البلاد أمام معادلة "المعارضة المسلحة، أو الحكومة المسلحة بالقانون وخارج القانون"، ولك أن ترسم صورة للوضع المقبل، فعلى الرغم من أنّ سيناريو التوافق مستبعد، وكل الدلالات وإصرار زعيم التيار الصدري على نبذ هذا الطريق، إلاّ أنّ التوافق ربما يكون أرحم من ذهاب طرف لتبويب سلاحه باسم الدولة ليكون الآخر خارجًا عنها مع سلاحه!

ولهذا فأنّ الأغلبية التي يصعب تحقيقها الآن لتشكيل الحكومة، ولكن يسعى "التحالف الثلاثي" بقيادة الصدر لتحقيقها ربما تكون بداية السيناريو الذي لم يتخيله أحد سوى الإطار التنسيقي الذي استشعر الخطر في أول ساعات إعلان نتائج الانتخابات ليهيم بجمهوره في بغداد.

يقاتل زعماء الإطار التنسيقي لإقناع الصدر بالتوافق، ليس حبًا بساكن الحنانة بكل تأكيد، لكنهم كمن يرى نفسه منزوع النفوذ والمال أمام خصم لدود قد يشهر بوجهه ملفات الفساد أو سلاح الدولة، وعندها لن يكون هناك خيار سوى الانتحار بالمواجهة المسلحة، وهو ما حذروا منه مرارًا وتكرارًا، في إشارة إلى وجود استعداد تام لحرق الأخضر واليابس من أجل السلطة فقط وتحت عنوان مقدس اسمه "استحقاق المكون".

لا يجد زعماء الإطار حرجًا في محاولة قلب الطاولة ودفع الصدر إلى المعارضة إن استطاعوا، لكنه خيار أشد مرارة بالنظر إلى حجم النقمة الشعبية وقدرة الصدر على تحريك الشارع فضلاً عن أذرعه المسلحة والتي ذاق مآسيها العراقيون في مناسبات كثيرة.

مع سوداوية السيناريوين، يبدو مشهد التوافق مريحًا لأطراف السلطة مع فورة أسعار النفط، إذ يمكن لحكومة من طراز العرف السياسي القائم احتواء الضغط الشعبي مؤقتًا عبر بضع درجات وظيفية هنا وأمتار من الأسلفت هناك، ثم التفكير لاحقًا بمخرج عبر مناورة أخرى تضمن استمرار الحكم وإدامة الشبكات الزبائنية، وتوفيرها كسلاح لمواجهة أي حركة احتجاجية جديدة.