02-أبريل-2019

يحضر الصدر لـ "عاصفة" بعد غياب وصمت لأشهر (فيسبوك)

بعد غياب دام لأشهر، عاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الواجهة من جديد، وأثارت عودته المزيد من الأسئلة والجدل بين أتباعه وكذلك في الأوساط السياسية والإعلامية.

ظهر الصدر بخطوات متثاقلة متكئًا على عصا يؤدي الزيارة الدينية في العتبة العلوية، معيدًا الحديث عن حالته الصحية وسبب صمته عن المشاكل والأزمات الداخلية إلى الواجهة

أشارت مصادر في 25 من آذار/مارس، إلى عودة الصدر إلى محافظة النجف، ليكسر صمته بعد أربعة أيام، بتغريدة على صفحته الرسمية في تويتر اقتصرت على وسم "الجولان عربية"، ردًا على توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلانًا رئاسيًا خاصًا باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.

اقرأ/ي أيضًا: بعد أشهر من الغياب.. الجولان تخرج الصدر عن صمته

وجرى حديث بين الأوساط الصحفية والسياسية عن لقاءات جمعت الصدر بزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله وقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في لبنان لاستكمال الكابينة الوزارية. وذهب آخرون إلى أن الصدر خضع لضغوط المحور الذي يضم إيران وسوريّة ولبنان.

مجددًا: الصدر يدعو الأسد للتنحي!

زعيم التيار الصدري عاد وغرد في 31 آذار/مارس حول الاحتجاجات العربية التي انطلقت في الوقت الذي كان غائبًا فيه. وقال الصدر إن "الربيع العربي يتجدد بعد أن تأجج في تونس ومصر وليبيا والبحرين واختطف من سوريّة واليمن، وها هو اليوم يتوهج من جديد في السودان والجزائر، سائلين العلي القدير أن ينصر الشعوب التي نهضت من أجل التغيير".

لم يكتفِ الصدر بوصف "الاختطاف" على الثورات في سوريا واليمن، بل وجه رسالة لحكامهما قال فيها "أرجو من الله أن يتحد العقلاء من أجل إنهاء معاناة سوريّة واليمن ليكفكفوا جراحاتهم، وأن يتنحى حكامها من أجل إنهاء الحروب الظالمة فيهما.. ولنكون على قدر المسؤولية أمام اتحاد ترامب ونتنياهو".

موقف الصدر الخارج عن مواقف عموم السياسيين الشيعة في العراق لم يكُ الأول، فقد دعا قبل نحو عامين، في 8 نيسان/أبريل 2017 الرئيس السوري بشار الأسد لتقديم استقالته وأن يتنحى عن الحكم ليجنب البلاد ويلات الحروب وسيطرة الإرهابيين فيعطى زمام الأمر إلى جهات شعبية نافذة تستطيع الوقوف ضد الإرهاب ليكون له موقفًا تاريخيًا بطوليًا قبل أن يفوت الأوان". وأثار موقف الصدر حينها العديد من الانتقادات ممن يُحسبون على "محور الممانعة"، فيما أوضح بعد ذلك أن أسباب دعوته للأسد بالتنحي "هي تجنب مصير الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي".

جدد الصدر مواقفه المخالفة لحلفاء إيران بشأن سوريا واليمن، في ظل ترجيحات حول حراك قادم بعد الاعتكاف  

وربما جاءت تغريدته الأخيرة عن الربيع العربي تأكيدًا لموقفه من الصراع في سوريا واليمن، المُخالف لحلفاء إيران في المنطقة، بعد حديث غير قليل عن رجوع الصدر إلى التكتل الطائفي إثر اتفاقاته مع تحالف الفتح على اختيار عبد المهدي، وكذلك التوافقات الأخيرة حول عدد من القضايا منها ملف التواجد الأمريكي.

ظهور بعد غياب

الإثنين، الأول من نيسان/أبريل، شهد أول ظهور علني للصدر أمام الكاميرات منذ أشهر، حيث أدى الزيارة لمرقد الإمام علي في محافظة النجف، متكئًا على عكازة، بخطوات متثاقلة، ما أعاد حديث المقربين منه عن وعكة صحية مر بها خلال الفترة الماضية وتلقى العلاج في لبنان، إلى الواجهة. حين كشف مقربٌ للصدر في حديث لـ "ألترا عراق"، في 8 آذار/مارس، عن خضوع الصدر لعملية جراحية لرفع البنكرياس، قبل شهر في إحدى مستشفيات العاصمة اللبنانية بيروت.

زعيم التيار الصدري في أول ظهور بعد غياب لأشهر في العتبة العلوية

كما قال مصدر آخر حينها لـ "ألترا عراق" إن "الشائعات عديدة وجميعها تكهنات، فلا أحدًا يعرف محل إقامة الصدر طيلة الفترة الماضية، رغم الحديث عن حجز طابق كامل في إحدى مستشفيات لبنان، لكنها في الغالب تكهنات غير مثبتة".

وأثارت صور الصدر، حزن أنصاره ومريده عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لما فيها من آثار على التعب والضعف الصحي، فيما قال جابر الخفاجي المقرب من الصدر، أن لظهور العصا "مآرب أخرى"، مؤكدًا أنها ترمز إلى "القوة وليس الضعف".

الاعتكاف يسبق العاصفة!

أحد عناصر سرايا السلام (الجناح المسلح التابع للصدر)، تحدث لـ "ألترا عراق" عن عادة صدرية. يقول: "بصورة عامة يواظب الصدر على الاعتكاف كل سنة، وعادة ما يكون الاعتكاف في العشرة الأخيرة من شهر رمضان، لكن الاعتكاف بغير هذا الوقت دائمًا ما يكون مقدمة لحراك".

يشير العنصر الذي رفض الكشف عن هويته، إلى "اعتكاف الصدر قبل الانتفاضة الأولى في النجف التي أعلن في مقاومة الأمريكان، واعتكافه بعد تجميد جيش المهدي لأكثر من سنة، واعتكافه قبل الحراك الجماهيري الأخير"، موضحًا أن "أي اعتكاف بغير رمضان هو مقدمة لمرحلة جديدة".

ولعل مهلة "العام" التي أعطاها الصدر عشية تشكيل الحكومة في 14 تشرين الأول/اكتوبر، 2018 لعبد المهدي "لإثبات نجاحه" وتهديده بـ "انتفاضة كلية في حال عدم انتصار الإصلاح"، مؤشرات على العاصفة القادمة قد تتمثل بسحب يد الصدر من هذه الحكومة واللجوء إلى التظاهرات مجددًا، خاصة بعد إصرار عبد المهدي على تقديم فالح الفياض مرشحًا لوزارة الداخلية في مجلس النواب رغم إصرار سائرون على رفضه، وكذلك غياب الخطوات الكبيرة نحو مكافحة الفساد وإصلاح مؤسسات الدولة.

لا زال الصدر صامتًا بشأن المشاكل الداخلية وملف استكمال الحكومة بانتظار انقضاء المهلة التي منحها لعبد المهدي، في ظل حديث عن بوادر خلاف مع المرجعية الدينية في النجف

وذهب بهاء الأعرجي في تصريح صحفي إلى أبعد من ذلك حين قال إن "الصدر قد يطرح مشروعًا مناهضًا لعبد المهدي وحكومته التي قد لا تُكمل سنة من عمرها".

كما عبر النائب عن تحالف سائرون رامي السكيني في تصريح تلفزيوني عن امتعاضه بالقول إن "رئيس الوزراء عبد المهدي ينفع رئيسًا للورزاء في سويسرا، وليس في بلد مثل العراق"، وأرجع ذات النائب سبب التدخلات الخارجية وابتزاز الكتل السياسية للحكومة لـ "ضعف عبد المهدي".

المرجعية.. وتربص إيران!

يرى مراقبون أن حديث الصدر عن الجولان والثورات العربية دون التطرق للوضع العراقي، هو جزء من صمته تجاه ما يجري في ملف الكابينة الوزارية وبقية الملفات، بانتظار اكتمال ملامح الحكومة والتوقيتات التي منحها لها ليعلن عن موقفه.

يقول مصدر مقرب من الصدر لـ "ألترا عراق"، إن "زعيم التيار أخذ تعهدًا من مرجعية النجف العليا بعد إصرارهم على عادل عبد المهدي بأن يطبق شروطه وخصوصًا في قضية المناصب الأمنية"، مبينًا أن "هناك بوادر خلاف أو خيبة أمل بينه وبين المرجعية".

وأشار المصدر، إلى "مشروع آخر يلوح في الأفق سيتدارك به الصدرالأمر"، مبينًا أن "تأني الصدر في التحرك هو من أجل إعطاء الفرصة وعدم السماح لخلافه مع مرجعية النجف بأن يطفح في ظل التربص الإيراني".

التوجه للخارج.. رسائل وتأكيدات على القضايا

كما كشف، عن "توسع يقوم به الصدر نحو الخارج عبر تكليف ثلاثة من قياديي التيار ليديروا الأمور الداخلية"، موضحًا أن "هذا الإجراء الذي يسعى  إليه الصدر يهدف من خلاله إلى التفرغ للعمل والقضايا الخارجية والإقليمية".

ويرى النائب عن تحالف سائرون سعران الأعاجيبي، أن "تغريدة الصدر جاءت لإثبات مواقفه ليست فقط المحلية، بل على المستوى العربي والإقليمي والدولي والإنساني"، مبيًنا أن "مواقف الصدر معروفة اتجاه القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني".

يشير مصدر مقرب إلى سعي الصدر للتفرغ إلى القضايا الخارجية والإقليمية من خلال تكليف ثلاثة من قياديي التيار بإدارة الشؤون المحلية

عد الأعاجيبي في تصريح لـ "ألترا عراق" تغريدة الربيع العربي، "رسالة واضحة للقوى الإمبريالية وأمريكا وترامب، بأن العراق لا زال متصديًا للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية"، متوقعًا "ردة فعل واضحة من قبل الشعوب العربية"، فيما شدد على أن "فلسطين والجولان ستبقى أراضٍ عربية مهما فعل ترامب".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مصدر خاص يكشف أسباب "احتجاب" الصدر والموقف السياسي المرتقب بعد عزلته

هل اعتكف الصدر لغضبه من سياسة عبد المهدي مع "ميليشيات" الفتح؟