26-يونيو-2019

يرجح برلماني استدعاء عبد المهدي وبعض أركان الحكومة إلى جلسة استجواب (Getty)

يبدو أن العلاقة بين تحالف سائرون وعادل عبد المهدي لا تمر بأحسن حالاتها، ليس للشواهد المعروفة فحسب، بل لأسباب تتعلق بنوع العلاقة بين سائرون ومن خلفهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وبين عبد المهدي بوصفه رئيسًا للوزراء، وهو ما يُعيدنا إلى الكيفية التي أُختير بها الأخير للمنصب، بالتفاهم مع تحالف الفتح ومشاورات مع المرجعية الدينية كما قال الصدر.

تشهد العلاقة بين "سائرون" أكبر كتل البرلمان ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي بتوتر شديد على الرغم من استكمال الحكومة

صراعات الكتل السياسية ليست بالأمر الجديد على العملية السياسية منذ 2003، وليس تأخير الكابينة الوزارية حدثًا جديدًا على الساحة العراقية بعد كل انتخابات نيابية تشهدها البلاد. وربما أن توزيع الدرجات الخاصة بات أكثر تعقيدًا بكثير عن السنوات السابقة، لعوامل عدة، منها تشوه تركيبة التحالفات والتكتلات داخل البرلمان التي بدورها انعكست أيضًا على ملف الكابينة الوزارية، ومنها المدة التي ألزم بها عبد المهدي نفسه لإنهاء جميع المناصب التي تُدار بالوكالة في مدة أقصاها الثلاثين من حزيران/يونيو 2019.

الكابينة الوزارية.. معضلة مرهقة!

كان من المفترض أن يصوت مجلس النواب على استكمال الكابينة الوزارية والدرجات الخاصة في جلسة الثاني والعشرين من حزيران/يونيو، بحسب جدول أعمال الجلسة الذي نشرته الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في العشرين من حزيران/يونيو؛ لكن الجدول الذي نُشر في يوم الجلسة خلا من فقرة استكمال الكابينة وفقرة التصويت على الدرجات الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا: "الرسالة" تؤتي ثمارها.. البرلمان يحسم حقائب الأمن والعدل و"ينقذ" عبد المهدي

وكشف النائب عن تحالف سائرون رائد فهمي عن سبب خلو جدول أعمال البرلمان من الفقرة المخصصة لاستكمال الكابينة الوزارية، مبينًا أن ذلك جرى بطلب مُقدمٍ من رئيس الوزراء عبد المهدي إلى رئاسة البرلمان لترحيل هذه الفقرة بهدف استكمال كافة الإجراءات القانونية الخاصة بالمرشحين.

فيما أكد النائب عن تيار الحكمة خالد الجشعمي في بيان، أن "سبب رفع فقرة استكمال الكابينة الحكومية هو عدم إرسال الحكومة لأي اسم مرشح مما اضطر البرلمان إلى رفعها من جدول أعماله، على رغم من إبلاغ الحكومة للبرلمان ليلة الجلسة بإضافة هذه الفقرة مع فقرة التصويت على الدرجات الخاصة".

كما أشار النائب عن تحالف سائرون بدر الزيادي في حديثٍ لصحيفة شبه رسمية، إلى أن "رئيس الوزراء يمتنع عن تقديم أسماء المرشحين للوزارات الشاغرة بحجة عدم وجود توافق بين الكتل السياسية على بعض الحقائق ولا سيما الأمنية منها". ويضيف الزيادي "كان الأجدر بعبد المهدي أن يُرسل الأسماء مبكرًا ويحمل النواب مسؤولية تمريرها أو رفضها وعدم الخوض بحجج أن توافقًا لم يحصل لغاية الآن"، مبينًا أن "الضغوط على عبد المهدي جاءت من خطبة المرجعية ورسالة الصدر، ما أحبره على قطع وعد بأن يسلم الأسماء خلال أسبوعين، وهي ذات الأسماء التي بحوزته قبل شهر رمضان".

بعد التهديد.. المعضلةُ حُلّت

كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قال، في 23 حزيران/يونيو، إن "السياسيين مصرون على التقسيمات الطائفية والعرقية والحزبية وتجذير دولة عميقة قديمة وجديدة"، مشيرًا إلى أنهم "مصرون على نفع أنفسهم من خلال التصويتات البرلمانية لصالحهم"، مضيفًا: "نأيت بنفسي عن التشكيلات الوزارية وحرصت أن تكون من التكنوقراط المستقل وأنا مصمم على النأي بنفسي عن المناصب والوظائف التي ستكون وفق معايير خاطئة".

وهدد زعيم التيار الصدري، في حال توزعت المناصب والوظائف وفق معايير خاطئة، بإعلان البراءة من السياسيين "شلع قلع"، مشددًا بالقول: "لن أكون ظهيرًا للمفسدين"، فيما أشار إلى أن "وضع الخدمات لا زال مترديًا والحكومة غير قادرة على تحسين الخدمات مطلقًا"، منتقدًا المجلس الأعلى لمكافحة الفساد (برئاسة عبد المهدي)"، وواصفًا عمله بـ "الخجول والمضمحل".

بعد مهلة الصدر للحكومة والبرلمان، ورسالته هذه التي حملت الكثير من الإشارات الممتعضة من أداء حكومة عبد المهدي والكتل السياسية والتهديد الواضح بـ "الشلع قلع"، وصلت أسماء المرشحين للوزارات الشاغرة إلى مجلس النواب في ليلة 23-24 حزيران/يونيو.

تواجه حكومة عبد المهدي سخطًا شعبيًا وسياسيًا إثر اتهامات بالتقصير والضعف وسوء توزيع الأموال بين المحافظات  

وفي ظهيرة الإثنين، منح مجلس النواب الثقة لياسين طه حسن الياسري وزيرًا للداخلية، وكذلك لنجاح حسن الشمري وزيرًا للدفاع، وفاروق أمين الشواني وزيرًا للعدل، فيما أعفى مجلس النواب شيماء الحيالي من منصب وزير التربية بعد أن صوّت عليها ولم تؤدي القسم لأسباب تتعلق بقضايا إرهاب موجهة ضد شقيقها، ورفض المجلس منح سفانة حسين الطائي الثقة لوزارة التربية.

ما مصير عبد المهدي؟

يقول النائب عن تحالف سائرون جواد حمدان في بيان له، : "من خلال مراقبتنا لأداء الحكومة بعد انقضاء أكثر من تسعة أشهر من عمرها، شخصّنا وبشكل واضح أن الحكومة لم تطبق أي فقرة من فقرات برنامجها الحكومي الذي ألزمت بها نفسها، ونالت ثقة المجلس بسببه، بل ليس في الأفق ما يدل على أنها عازمة على تطبيقه".

اقرأ/ي أيضًا: "فشل" وتشبث بالسلطة.. هل يطيح الجنوب الغاضب بعبد المهدي؟

وحذر حمدان، في 23 حزيران/يونيو، الحكومة من أن "أوضاع البلد تسير نحو الأسوأ، وعدم التزامها ببرنامجها وتعهداتها يدخل البلد في نفق مظلم، وستتحمل جميع النتائج"، لافتًا إلى أن "التحالف ستكون له خطوات عملية وفعلية تحت قبة البرلمان وخارجه من أجل تصحيح المسار".

فيما يعتقد النائب عن سائرون رامي السكيني، أن "رئاسة مجلس الوزراء تعيش أيامها الأخيرة، في ظل الركود والضعف في الأداء وفي الوصول إلى الطموحات التي طرحت"، مبينًا أن "عبد المهدي لا يمكنه إدارة ملف الفساد بشكل صحيح ما يجعل مشهد البلد يتجه للمجهول".

في سياق ما ذكره حمدان عن خطوات داخل و "خارج" البرلمان، يتوقع مراقبون أن يستخدم الزعيم الصدري ورقة الشارع عبر احتجاجات أنصاره للضغط على رئيس الوزراء والكتل السياسية الأخرى للرضوخ لمطالبه، إذا ما لم تجري الرياح بما تشتهيه سفن سائرون وزعيمهم.

من جانبه كشف مصدر برلماني لـ "ألترا عراق" عن عزم كتل نيابية وبينها سائرون "استجواب بعض الوزراء حالما تكتمل كابينة عبد المهدي الوزارية"، مبينًا أن "استجواب الوزراء قد يؤدي إلى إقالتهم في حال عدم قناعة الكتل بإجاباتهم".

وعلى الرغم من أن مجلس النواب صوّت على ثلاثة وزراء، ولم يبق من الكابينة الوزارية إلا وزارة واحدة شاغرة، يبقى أداء عبد المهدي وحكومته غير ملبٍ لطموح الناس، خاصةً مع تردي الخدمة الكهربائية تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة، والاعتراضات على توزيع تخصيصات الموازنة الاتحادية للمحافظات، ومشكلات الوظائف.

يقول النائب عن تحالف سائرون سعران الأعاجيبي، : "أعطينا حكومة عبد المهدي الفرصة الكافية لكنها لم تُقدم منجزًا واحدًا حتى الآن، وكل الأمور من سيء إلى أسوء". ويشير الأعاجيبي لـ "ألترا عراق"، إلى أن "التخصيصات المالية من الموازنة الاتحادية العامة لم تصل حتى اللحظة، وقد أخبرني محافظ المثنى بأننا لا نمتلك فلسًا واحدًا"، متسائلًا عن مصير الأموال والكيفية التي يتصرف وفقها وزير المالية.

يؤكد الأعاجيبي، إننا "لم نلمس تقدمًا لا في مجال الكهرباء ولا الماء ولا الطرقات، ولا زالت المدارس الطينية موجودة في المحافظات الجنوبية"، مبينًا أن "كل ما جرى في مجال التعليم هو تغيير رؤساء الجامعات لصالح أحزاب وشخصيات معينة".

كما يتوقع النائب عن التحالف المدعوم من قبل الصدر، استجوابًا قريبًا لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي وبعض الوزراء حتى في حال اكتمال الكابينة الوزارية، وتحديدًا وزير المالية، "كونها تعمل بتحزب، وهذا خلاف الاتفاق الذي عقد مع عبد المهدي بحكومة تكنوقراط وليس حكومة محاصصة"، فيما يرى أن "شخصية رئيس الوزراء لا تنطبق عليها المواصفات التي حددتها المرجعية الدينية كالحزم والشجاعة"، مبينًا أن "الأحزاب هي المستفيدة وهي من تفرض على عبد المهدي ما تريد في ملف الدرجات الخاصة".

تعتزم قوى سياسية استجواب رئيس الحكومة وبعض أركانها وعلى رأسهم وزير المالية مع حضور خيار سحب الثقة

يأتي ذلك مع  حديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن تقديم زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي مجددًا كمرشح لرئاسة الحكومة بديلًا لعبد المهدي في حال سُحبت الثقة من الأخير، إذا ما استمر "عدم الرضا" عن حكومته، خاصة مع اتخاذ بعض الكتل السياسية خيار المعارضة البرلمانية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

 من المالكي إلى عبد المهدي.. قصة الـ100 يوم المكرّرة!