19-أبريل-2021

أصبحت تغريدة البعض تتحكم بنا وبمصائرنا (تويتر)

في أيام ذلك الزمن الجميل حيث لم يكن العالم قد أصبح قرية صغيرة بعد، عندما كانت السذاجة والبراءة تطغى على عقول البشرية، كانت الأخبار والمعلومات والأحداث تتناهى إلى مسامعنا ونشاهدها عبر صندوق صغير كان قابعًا في إحدى غرف المنزل يسمى (التلفزيون). كان هذا الصندوق ينقل لنا ما يدور من أحداث وأخبار وبيانات (طبعًا بعد أن تمر هذه الأخبار من تحت رقيب المقص الحكومي).

لماذا نطلق صفة تغريدة لهلوسة قاتل أو مهووس أو متعطش للدماء قد يتفوه بحماقات أو عبارات لتأجيج الرأي العام؟

كنا نشاهد ونسمع المذيع بصوته الأجش ونبرته الحادة، وهو يقرأ البيان الحكومي ونترقب الخطاب الذي سيُلقيه الرئيس، وكلنا خوف وقلق من أن يكون هذا الخطاب إعلان حرب أو أي نزوة للقائد، وعلى العموم، كانت الأخبار والمعلومات التي تصل إلى الرأي العام مُقنّنة ومحدودة تتحكم بها بوابات التحكم الحكومي.

اقرأ/ي أيضًا: عن عالمنا الموازي الجديد.. فيسبوك!

في زمننا الحاضر، وبعد تطور وسائل الاتصال الجماهيري تغير كُل شيء وأصبحت الرسائل الإعلامية تصل إلى الرأي العام مباشرة وبكل سهولة، وربما دون أي رقيب ولا تمنعها أية حدود، فبمجرد كبسة زر ستجعلك تطلع على مجريات الأمور والأحداث في العالم، وأصبح ما يسمى بـ"مواقع التواصل الاجتماعي" وسائل مهمة لإيصال المعلومات إلى الحشود البشرية المتلهفة لتلقي المعلومة والخبر، وأصبحت (التغريدة) هي الوسيلة البديلة للبيان الذي كان يُقرأ في التلفزيون، فأصبح من البديهي أن نشاهد ونسمع ونقرأ الكثير من التغريدات لقادة سياسيين ورجال دين ودولة وحتى للفنانين والراقصات.

في وقتنا الحاضر كثرت التغريدات والمغردين وأصبح الجميع يُغرد، ولا أدري من أين أًشتُقت كلمة (تغريدة)، ومن اخترعها، ولماذا الإصرار على تسميتها تغريدة وكيف جاءوا بهذه المفردة البريئة والجميلة ووضعوا لها (logo) عبارة عن صورة طائر صغير بريء، مع العلم أن هناك تغريدات أنتجت حروبًا وكوارثًا، والأهم لماذا نطلق صفة تغريدة لهلوسة قاتل أو مهووس أو متعطش للدماء قد يتفوه بحماقات أو عبارات لتأجيج الرأي العام؟

أيُها السادة؛ لماذا لا نعترف أن عالمنا السابق كان جميلًا ورائعًا وبريئًا، بالرغم من أنه لم يكن قرية صغيرة، لماذا أصبحت تغريدة البعض تتحكم بنا وبمصائرنا وجعلتنا نفقد قدرة التحكم بمشاعرنا وأفكارنا وتقودنا إلى حيث لا نُريد؟ العالم أصبح صغيرًا، نعم، وربما امتلأت أفكارنا بالتغريدات، لكن العقل والمنطق يقول إننا نعيش في زمن الفوضى والانفلات والتخبط، ولا زلت أسأل لماذا تسمى (تغريدة)؟

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"فيسبوك".. مرحبًا بك في أحلام اليقظة

أمنيات حاضرة وشروط غائبة