04-يونيو-2019

قرار إلغاء "العيدية" جاء التزامًا بالمنهاج الحكومي (الأمانة العامة لمجلس الوزراء)

منذ 15 عامًا يعيش الموظفين لحظة الترقب والانتظار في كل عيد لعلهم ينالون "العيدية"، متأملين من رؤساء الوزراء المتعاقبين أن يكرروا ما فعله أياد علاوي أول رئيس وزراء بعد 2003، حيث منح موظفي الدولة عيدية 100 ألف دينار لتكون سنّة تمشي عليها الوزارات في الاستقرار الاقتصادي وتتوقف عنها في الأزمات.

حمل عيد الفطر هذا فرحة للموظفين، لكنها لم تكتمل، حيث منح عدد من الوزراء والمديريات موظفيهم "عيدية"، تراوحت بحسب الوزارة وجنس التعيين والدرجة الوظيفية

لكن عيد الفطر هذا حمل فرحة للموظفين، لكنها لم تكتمل، وبنسق مختلف، حيث منح عدد من الوزراء والمديريات موظفيهم "عيدية"، تراوحت بحسب الوزارة وجنس التعيين والدرجة الوظيفية، ما دفع بعض موظفي الوزارات الأخرى إلى الاعتراض، فضلًا عن اعتراض مواطنين وسياسيين، خاصة وأن بعضها جاءت بحجم راتب موظف.

 وبشأن الموقف القانوني لـ"العيديات" التي أطلقها الوزراء، قال الخبير القانوني مهند نعيم، "هناك صلاحيات للوزير، بصرف مكافئات لموظفي الوزارة، وبهذا السقف المالي"، مبينًا في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "القانون لَم يحدد فئة بعينها، ويحق للوزير إلغاءها إذا تبين عدم الاستحقاق".
أضاف نعيم أن "كل وزير له الحق بالإنفاق حسب الوفرة المالية، ولا علاقة لبقية موظفي الوزارات الأخرى الاعتراض".
 اقرأ/ي أيضًا: بحجة الفقراء والعاطلين.. عبد المهدي يسحب مكافآت العيد من الموظفين

أولى العيديات كانت من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حيث أعلنت في 26 آيار/مايو إطلاق "العيدية" وهي مبلغ 100 ألف دينار للمستفيدين من إعانة الحماية الاجتماعية لفئتي النساء والرجال في بغداد والمحافظات، مضيفةً في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، أن "مبلغ العيدية سيتم اكتمال إنزاله إلى البطاقات الذكية (الكي كارد) الخاصة بالمشمولين منتصف الليل، والاستلام يكون عبر منافذ (الكي كارد) القريبة على محال سكن المشمولين".
 وتوالت بيانات الوزارات لتعلن منح "العيديات" إلى الموظفين، حيث أعلنت وزارة الإعمار والإسكان موافقة الوزير بنكين ريكاني، في 30 آيار/مايو، صرف مكافأة مالية لموظفي الوزارة بمناسبة عيد الفطر.

قال بيان صادر عن وزارة الإعمار، إن "الوزير وافق على منح فئات من موظفي وزارة الإعمار والاسكان مكافأة قدرها 50 ألف دينار بمناسبة عيد الفطر المبارك"، والفئات المشمولة هم "موظفو الوزارة والمنتسبون إليها، والبلديات والعقود والأجور كافة، ومكتب المفتش العام، وحماية الشخصيات والاستخبارات، وحماية المنشآت، ومصرف الرافدين/ فرع الوزارة، وعمال التنظيف".

لم يمض وقت طويل، حتى قرر وزير النقل وزير النقل عبد الله لعيبي منح "عيدية" لكافة منتسبي الوزارة وتشكيلاتها وحسب التخصيص المالي المتوفر، داعيًا بحسب بيان تابعه "ألترا عراق"، موظفي الوزارة وجميع تشكيلاتها إلى "إدامة زخم العطاء لتقديم أفضل الخدمات للمواطن والعائلة العراقية، وبذل ما بوسعهم لتسهيل عمليه النقل بسلاسة وانسيابية من خلال زج وتسخير جهد وإمكانيات الوزارة لإتمام فرحة العوائل بالاحتفال بأيام عيد الفطر المبارك".
فيما التحقت وزارة التجارة في الركب حيث أعلن الوزير محمد هاشم العاني، بصرف 100 ألف دينار كعيدية، إذ خول وفقًا لبيان المدراء في شركات الوزارة بصرف مكافآت العيدية لمنتسبيهم، كلا حسب إمكانية الشركة المالية.
ولم يقتصر الأمر على الوزارات، إذ منحت الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل إحدى تشكيلات وزارة الموارد المائية "العيدية" إلى فئات من موظفي الهيئة، موضحة في بيان لها، موافقة المدير العام وافق على منح فئات من موظفي الهيئة مكافأة قدرها 100 ألف دينار للملاك الدائم من حملة شهادة البكالوريوس، و75 ألف دينار لحملة شهادة الدبلوم والإعدادية والمتوسطة والابتدائية، والعقود والملاك المؤقت والأجور 50 ألف دينار .

منح عيدية لموظفي مديرية في وزارة الموارد المائية (ألترا عراق)

عيدية بمقدار راتب!
 مرت بيانات الوزارات أعلاه بهدوء وسلاسة، ولم تُثر ردود فعل كبيرة، لكن ما أثار سخط المواطنين والموظفين على حدٍ سواء هو منح وزارة المالية موظفيها "عيدية" تعادل راتب شهر كامل لموظف في وزارة الصحة أو التربية.
ووفقاً لوثيقة حصل "ألترا عراق" على نسخة منها، فإن وزير المالية فؤاد حسين، وافق على صرف مبلغ 500 ألف دينار للمدراء العامين، ومبلغ 300 ألف دينار لموظفي الملاك ومبلغ 200 ألف دينار لموظفي العقود.

لكن سرعان ما قررت الوزارة إلغاء "العيدية" بعد ردود فعل متعدّدة من سياسيين ومواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعية، حيث نقلت تصريحات صحفية، تابعها "ألترا عراق"، إلغاء وزارة المالية العيدية التي كان من المقرر أن تمنحها هذا الأسبوع.
 سخط الناس يدفع عبد المهدي للتدخل!
 ومن النادر أن يتفق الكثير من المدونين في وسائل التواصل الاجتماعي والساسة على قرارٍ معين، لكن كرنفال "العيديات" وحّد الطرفين في صناعة جدار صد شكّل ضغطًا على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للتدخل في الأمر
حيث نشر مدونون وثيقة وزارة المالية والمتضمنة المبالغ المخصصة لموظفين الوزارة، مع استغراب واستهجان من عدم المساواة واستغلال صلاحياتها المالية في منح هذا المبلغ.
من جانبه، دعا عضو مجلس النواب محمد شياع السوداني، الحكومة إلى العدالة في توزيع منحة العيدية، مؤكدًا أن "إظهار الطبقية بين الدوائر ولّد موجة غضب واستهجان بين موظفي الدولة".
قال السوداني في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إن "التفاوت والتمييز بين موظفي دوائر الدولة مرفوض ويمثل بدعة في سياق عمل مؤسسات الدولة وهذا الكلام بدا واضحًا جليًا من خلال توزيع منحة (العيدية) بين الموظفين بشكل متفاوت وغير منصف، مبينًا "إذ توزع إحدى الوزارات منحة العيد بمبالغ تصل إلى ما يساوي راتبًا تامًا وفي الوقت نفسه هناك وزارات لا يشمل موظفوها بالعيدية بسبب قلة تخصيصاتها المالية أو انعدامها، وكذا الحال في بعض الوزارات التي وزعت منحة قليلة بحسب الإمكانيات".
في السياق قال المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، إن "الذي يحتاج العيدية "خمس فئات" المواطن الفقير الذي لا يعمل بالدولة وأصحاب العقود والمتقاعد والأرامل والأيتام".
أضاف أن "وزارة المالية وزارة سيادية غير منتجة تجبي وتجمع الأموال من الضرائب والجمارك وغيرها من المداخيل السيادية فليس من المعقول هذا التمييز، متسائلًا "أين السيد عادل عبد المهدي؟".

الضجة واعتراض الناس على "عيدية" بعض الوزارات دفعت عبد المهدي أن يقطع النزاع ويحسم الموقف ويوجه بإلغاء قرار العيدية الممنوحة من قبل بعض الوزارات الحكومية

وكما يبدو، أن الضجة دفعت رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، أن يقطع النزاع ويحسم الموقف، حيث وجه بإلغاء قرار العيدية الممنوحة من قبل بعض الوزارات الحكومية، موجهًا باسترجاع المبالغ الممنوحة أو استقطاعها من راتب الموظف.
وأظهرت وثيقة صادرة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في 3 حزيران /يونيو، توجيهًا باسترجاع المبالغ الممنوحة إلى الموظفين تحت عنوان "العيدية" أو استقطاعها من رواتب الموظفين.

وبينت الوثيقة أن "ذلك يأتي حرصًا للحفاظ على التوازن بين المواطنين بمختلف شرائحهم، والابتعاد عن كل ما يميّز بين الموظفين والمواطنين".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تجنب هذه الأماكن خلال العيد.. واحذر "خسارة" سيارتك!

من المالكي إلى عبد المهدي.. قصة الـ100 يوم المكرّرة!