24-نوفمبر-2019

عادل عبد المهدي (فيسبوك)

تستفزني تعابير وجهك وأنت تتحدث بحرقة وجديّة عن مكافحة الفساد، وتستوقفني عبارات أنكم ماضون في الإصلاح مع إننا نُدرك جيدًا أنكم جزء من منظومة سياسية أسّست وشرعنت الفساد، ومنكم من أخرج نظرية أن الفساد أصبح ثقافة، وكم كان بودنا أن نصدق تلك المشاعر والأكاذيب لولا تمعننا في حياتكم الباذخة التي تُهينون بها فقراء شعبكم حيث لا تصدق تلك المشاعر.

لقد تم سرقة شرف البلد وتم بيع كرامته في أول مزاد لتسلم السلطة لأن نهم النفوذ وعطشهِ لا ينتهي

ويبدو أن سيْر الأطهار لم تُعلمكم أن مغانم الدنيا هي كمصائد الشيطان وإن الراغب فيها كشارب ماء البحر كلما شَرِب منه ازداد عطشًا، فبأي وجه يخرج ذلك العاشق للدنيا لشعبه.

اقرأ/ي أيضًا: ساحات الاحتجاج.. خطاب العوائق التاريخية

كُنت أتمنى يا سيادة الرئيس أن أرى فيك ذلك الزُهد والتقشف الدُنيوي لولا أني سمعتك تقول في إحدى حواراتك التلفزيونية القديمة أنك تُنفق مليون دولار شهريًا، ولا ندري أصحيح أنك كُنت تُنفقها على الفقراء والأيتام والأرامل كما تدعي ولو صح ذلك مارأينا فقيرًا أو مُعوزًا يتسول في الشارع، لم نسألك من أين لك هذا؟ أتعلم يا سيادة الرئيس أن إنفاقك الشهري هذا كان يكفي لتعيين المئات من حملة الشهادات العليا ممن افترشوا الأرض واغتسلوا بالمياه الحارة التي رشقتهم بها قواتكم الأمنية، إنفاقكم هذا كان يمكن أن يشفي أعداد من مرضى السرطان فكيف من الممكن لك أن تجمع أوجاع الفقر مع حياة الترف والبذخ في قلب واحد.

تتحدثون عن الطاغية والدكتاتور، وأنتم تسكنون قصورهم وتشغلون غرفهم وممراتهم، فأي مواساة تخرجون بها على شعبكم، وما زلتم تستميلون الفاشلين والمتملقين والمنافقين ليرفعوا من مجدكم السياسي، حيث تحولت أحزاب السلطة إلى مدارس لتخريج من احترفوا الفساد.

لقد تم سرقة شرف البلد وتم بيع كرامته في أول مزاد لتسلم السلطة لأن نهم النفوذ وعطشهِ لا ينتهي، وتناسيتم أن نصرة المظلوم من أحب الأعمال إلى الله، وفي النهاية، جعلتم الشعب يتسول بين الشعوب.

أكثر من ستة عشر عامًا عِجافًا من عُمر العراق بفقره وجوعه وتخلفه وجيوش العاطلين الحالمين بقطعة خبز والفساد الذي نخر البلاد، وأنتم تتحدثون عنه بلا خوف ولا خجل.

أنظر يا عبد المهدي فيما حولك من أحوال الشعب، فهل ترى ما يحيط به من مصائب وكوارث وفقر وجوع، أم ترى قصورًا مُشيدة وسيارات فارهة ومناطق مُحصنة؟ 

لقد فرحنا، ونحن نسمع منك بأنك ستؤسس مجلسًا أعلى لمكافحة الفساد، وأنك ستقود صولات لمكافحة الفساد لكنك لم تفعل، وكان بوسعك أن تتحالف مع شعبك وأن يكون درسك الأول إنقاذ البلد من هذا الفساد، وأن يكون عنوانك الأكبر رفاهية الفقراء واليتامى والأرامل وعوائل الشهداء، ولكنك لم تنتصر لنفسك، لقد أُتيحت لكم فرصة نادرة لقيادة هذا الشعب، كان بإمكانكم أن تكونوا من الخالدين، وأن تعملوا لصالح الفقراء والمُعدمين لأن الشعب هو من يخلدكم وليس غيره، لكن بالله عليك، أي الخيارين اخترتم. أنظر فيما حولك من أحوال الشعب، فهل ترى ما يحيط به من مصائب وكوارث وفقر وجوع، أم ترى قصورًا مُشيدة وسيارات فارهة ومناطق مُحصنة.

اقرأ/ي أيضًا: أسئلة من ليلة الجثث المتفحمة!

تخنقكم العبرات ويعلو وجوهكم الحزن، وأنتم تتحدثون عن الفقراء والمُعدمين، وما زلتم تعيشون أنتم وعوائلكم بأموالهم وتعبثون بمقدراتهم وتؤسسون إمبراطوريات لأهليكم من قوت أطفالهم وقنوات فضائية تُمجد بحمدكم، وقصور محصنة، وحياة باذخة، لكنكم نسيتم أن القصور والغرف التي تشغلونها الآن قد سبقكم من سكنها، فأين ذهبوا؟ وأين رحلوا؟ وتلك حكمة الله وعبرته لكم ويا ليتكم اتعظتم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نريد وطن!

"الدولة المستقيلة" في العراق