04-يوليو-2019

النظام السياسي في العراق يتعامل مع العشيرة على أنها الرصيد الأكبر في الانتخابات والاصطفاف الطائفي (AFP)

ألترا عراق  ـ فريق التحرير

ليس خبرًا جديدًا. خلافٌ عشائري يتحول إلى نزاع بالأسلحة النارية مخلفًا قتلى وجرحى، في ظل عجز القوات الأمنية عن السيطرة على ظاهرة السلاح المنفلت بيد العشائر، والذي يُستَخدم ضد بعضها البعض، بعد أن يعجز طرفان عن حل مشاكلهما بالحوار، أو بقانون الدولة.

نزاع المسلح في منطقة الفضيلية أدى إلى مقتل نجل مدير الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان، وإصابة ابن شقيقه بجروح خطيرة، فضلًا عن قيام العشيرة بإحراق منزل اللواء 

نزاع عشائري، اندلع يوم الأربعاء 3 تموز/يوليو 2019، أدى إلى سقوط  أربعة قتلى وخمسة جرحى بحسب ما تداولته وسائل إعلام ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ/ي أيضًا: عشيرة تقتل ابن مدير الدفاع المدني وتحرق بيته وتمنع فرقه من إخماد النيران!

مصادر أشارت إلى أن النزاع المسلح في منطقة الفضيلية شرقي بغداد، أدى إلى مقتل نجل مدير الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان، وإصابة ابن شقيقه بجروح خطيرة، فضلًا عن قيام العشيرة بإحراق منزل اللواء بوهان مع عدد من المنازل الأخرى المجاورة له.

يكتب الصحفي حسن سرداح على صفحته في "فيسبوك"، أن "العشيرة التي قتلت نجل مدير الدفاع المدني وحرقت منازلهم، منعت سيارات الإطفاء من إخماد النيران المشتعلة في تلك المنازل".

وعلّق الإعلامي حسن رحم على الحادثة بالقول "عشيرة في الفضيلية تداهم منزل مدير الدفاع المدني وتقتل ابنه وتحرق بيته، وتمنع سيارة الإطفاء من الوصول. لا يحدث ذلك حتى في أفلام الأكشن".

فيما ذكرت مصادر أن "القوات الأمنية أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى منطقة الفضيلية في بغداد، بعد اندلاع النزاع وحرق المنازل"، في الوقت الذي أظهرت صور تداولها ناشطون ومواقع إخبارية محلية، انتشارًا لقوات الشرطة الاتحادية في المنطقة، بعجلات عسكرية وناقلات جنود.

فيما أشارت قناة فضائية إلى أن "القوات الأمنية منعت الإعلاميين من الدخول إلى منطقة الفضيلية، وشددت الحراسة على مداخلها".

سيناريو مكرر.. والقوات تتقدم!

لم تكن حادثة الأربعاء هي الأولى، وتحديدًا في منطقة الفضيلية، التي تشهد بين الحين والآخر نزاعات و"دگات" عشائرية تخلف قتلى وجرحى في صفوف المتقاتلين.

وعلى طريقة "القوات تتقدم" في مسرحية الزعيم للفنان عادل إمام، تتقدم القوات الأمنية الرسمية بعد اندلاع المعارك بين العشائر، ثم "تتقهقر" حين تنتهي المعركة، وهكذا دواليك.

العشيرة التي قتلت نجل مدير الدفاع المدني وحرقت منازلهم، منعت سيارات الإطفاء من إخماد النيران المشتعلة في تلك المنازل

في كانون الأول/ديسمبر 2015 اندلعت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة بين عشيرتين في ساعات متأخرة من الليل بمنطقة الفضيلية، استمر حتى صباح اليوم التالي.

اقرأ/ي أيضًا: يد القبيلة الخفية في العراق.. خزان السلطة الموازية

كما أشارت مصادر صحفية في آب/أغسطس 2016، إلى أن "نزاعًا عشائريًا اندلع في منطقة الفضيلية بين عشيرتي "السواعد" و "ألبو دراج" أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 11 آخرين، كما  أصيبت عناصر من دوريات الشرطة بإطلاق نار تعرضت له أثناء تدخلها لفض النزاع.

واندلع في شباط/فبراير 2018،  نزاع عشائري كبير بين عشيرتي (العتاب) و (العكيل) في ذات المنطقة، اضطر قيادة عمليات بغداد وقوات مكافحة الإرهاب للتدخل بعد أن تطور النزاع إلى اشتباكات بالأسلحة الثقيلة استخدمت فيه الهاونات و(قذائف آر بي جي 7) و (بي كي سي)".

في 1 شباط/فبراير 2019، قال إعلام نجدة بغداد في بيان إن "نزاعًا اندلع بين عشيرتين في منطقة الفضيلية أسفر عن إصابة 3 أشخاص بإطلاقات نارية"، مبينًا أن "دوريات النجدة وبالتعاون مع الشرطة الاتحادية اعتقلت 16 شخصًا من الطرفين".

أصل النزاع: ثأر قديم

يكشف شاهد عيان رفض الكشف عن اسمه وهويته لأسباب عشائرية، تفاصيل نزاع عشائري قديم، والأسباب التي تقف خلفه، مرجحًا أن يكون الحادث الأخير امتدادًا لذلك النزاع.

يقول الشاهد "قبل سنتين تقريبًا، كان أطفالٌ يلعبون كرة القدم في الشارع، وإثر مزاح بينهم، قام طفلٌ من عشيرة (العكـَيل) بدَفعِ طفل من عشيرة (بني كعب) وضحك بقية الأطفال على الطفل الذي سقط على الأرض".

يُكمل لـ"ألترا عراق"، أن "القضية كبرت شيئًا فشيئًا، وتدخل الكبار من الطرفين ووصلت إلى حد إطلاق النار، وفي الأثناء جاء رجلٌ مسن من عشيرة (العتاب) ليأخذ أولاده من هذه المعمعة ثم سقط أرضًا بطلقة نارية أردت الرجل قتيلًا". "صار هناك دمٌ في القضية" يقول الشاهد.

قصة المعركة التي حدثت بين عشيرتين في الفضيلية وأدت إلى مقتل ابن مدير الدفاع المدني كان أصلها مزاح بين أطفال يلعبون في الشارع

عشيرة الرجل المسن (العتابي) قالوا إن الطلقة التي قتلته مصدرها منازل "بوهان" والتي من ضمنها منزل مدير الدفاع المدني، فكان رأيهم أن حل النزاع يتطلب "فصلًا عشائريًا"، وخروج "بوهان" من منطقة الفضيلية"، أو قتل أحد منهم، بحسب الشاهد.

قادةٌ عسكريون مدعومون بطائرات لفض النزاع!

يروي مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه خوفًا من الملاحقة، أن "قوة عسكرية على رأسها قائد الفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية، وقائد عمليات بغداد، ونائب قائد العمليات، حضرت إلى المنطقة بعد ذلك النزاع، مدعومة بطائرات من وزارة الدفاع".

يقول المصدر لـ"ألترا عراق" إن "قوة من الشرطة الاتحادية وكّلت إليها واجبات أمنية في منطقة الفضيلية وبقيت لمدة ستة أشهر لمنع حدوث أي نزاع بين الطرفين". ويضيف "لكن مسعانا لم يأتِ بنتيجة، وأعتقد أن الحادث الأخير هو من ضمن الثأر القديم".

في السياق، يؤكد أحد سكان المنطقة، أن "الحادث الأخير هو امتداد لمشكلة قديمة بين العتاب وعكَيل (بيت زبن)، كون الأخير لم يمتثل لـ(التحويلة) التي طالبت بها عشيرة العتاب بعد حادث القتل".

ويلفت في حديثه لـ"ألترا عراق" إلى أن "قوة مسلحة أقدمت على قتل نجل مدير الدفاع المدني بعد ملاحقته على ما يسمى الطريق السياحي وقتله".

قوة من الشرطة الاتحادية وكّلت إليها واجبات أمنية في منطقة الفضيلية وبقيت لمدة ستة أشهر لمنع حدوث أي نزاع بين الطرفين، لكن دون جدوى 

وفي رواية مغايرة لما تناقله المدونون، يقول "بعد قتل نجل مدير الدفاع المدني أقدمت عشيرته على حرق منازل عشيرة العتاب، وردت الأخيرة بفتح النار عليهم، وانتشر المسلحون على أسطح المنازل ولم تهدأ المنطقة حتى بعد حلول المساء".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

دولة العشائر.. بين فقدان الشرعية واستثمار الهوية

فزاعة العشيرة العراقية.. سيف المحاصصة المشهر