30-أغسطس-2020

ما يشهده محرم هذه السنة في العراق هو استمرار للاحتجاج (Getty)

يحيي العراقيون مراسيم شهر محرم هذه السنة بطريقة مختلفة، إذ تغيب الوجوه السياسية عن المواكب الحسينية، بعد أن كانوا يزورونها كل سنة ويلتقطون الصور أثناء تقديمهم المأكولات والمشروبات للمعزين، وتتعالى أصوات القراء الحسينيين بنقد الحكومة والتنديد بـ"الفساد" الذي تمارسه السلطة منذ عام 2003، مستذكرين احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر، والقمع الذي قوبل به المتظاهرون، ومن على المنابر التي طالما وظفت سياسيًا، تحدث خطباء ورجال دين بارزين عن القتل الممنهج الذي يطال النشطاء.

رفعت صور ضحايا انتفاضة تشرين في المراقد المقدسة، في النجف وكربلاء والكاظمية

ولا ينتهي الأمر عند ذلك، إذ رُفعت صور ضحايا انتفاضة تشرين في المراقد المقدسة، فضلًا عن المواكب المنتشرة في معظم محافظات البلاد بأسمائهم، بالإضافة إلى تأسيس موكب "عزاء تشرين" الذي دخل إلى العتبة الحسينية بصور الضحايا وفي هتافات تثني على الاحتجاج.

وفي السياق، تساءل المرجع الديني والخطيب الحسيني المعروف، فاضل المالكي، عن قتلة المحتجين، وإن كانوا قد جاءوا من خارج البلاد، مشيرًا إلى أن "الفقراء يموتون بالأمراض، وأنتم وأولادكم، وأقرباؤكم، تستمتعون بالحياة"، في إشارة للسياسيين. 

اقرأ/ي أيضًا: رهانات السلطة الخاسرة

واتهم المالكي خلال خطبة في مجلس عزاء حسيني أطلع عليها "ألترا عراق"، جهات لم يسمّها، واتهمها بالسيطرة على مقدرات العراق واستغلال داعش لصالحها، للوصول إلى السلطة، متسائلًا "إلى متى يستمر هذا الوضع؟ ونصرخ هيهات منّا الذلة، وأنت ذليل لهؤلاء، وأنت تابع لهؤلاء، وأنت ذيل لهؤلاء، من الذي قتل المتظاهرين، هل جاءوا من موزبيق، أو جزر الواق واق، ألستم أنتم، والعجب أن يدّعي الولاء لعلي وهو يجزر شعبه جزر الأضاحي". 

وأشار المالكي إلى أنه "من جهة أخرى يأتون بداعش، ويطلبون منّا قتاله، وبدماء أبنائكم، وعلى جماجمهم، يمتلكون القرار التشريعي في البرلمان، أين الوعي؟". 

من جهته، تحدث الخطيب الحسيني البارز جعفر الإبراهيمي عن اغتيال الناشطين، وتنفيذه مقابل مبالغ مالية دون معرفة القاتل أي شيء عن الضحية، وفي مقطع أطلع عليه "ألترا عراق" يروي الإبراهيمي تفاصيل عن معلومات تلقاها حول إحدى حالات الاغتيال، قال فيها إن القاتل تلقى مبلغ 500 ألف دينار.

إزاء ذلك، أكد مدير قسم الإعلام في العتبة الحسينية، علي شبر، أن "رفع الصور في داخل الصحن الحسيني لا يتم إلا من خلال التنسيق والموافقة من قبل مكتب الأمين العام للعتبة".

وقال شبر لـ"ألترا عراق"، إن "بعض الأحيان في الزيارة الأربعينية نتيجة التزاحم يتمكن الزوار من إدخال صور ورفعها داخل الصحن، مستدركًا "لكن هذه الأيام لا يمكن ذلك دون موافقة خاصة وأن الزيارة مقتصرة على سكان كربلاء"، لافتًا إلى أن "هذه الأمور تتم من خلال التنسيق مع مكتب الأمين العام للعتبة، وهو يسمح أو يمنع ذلك".

وأضاف شبر أن "موكب عزاء تشرين رسمي وسُجل في هيئة المواكب الحسينية، فيما تكون الردات واللطميات الحسينية من اختصاص إدارة الموكب وهي خاصة بحسب  الموكب".

خسارة آخر الأدوات

فيما يرى رجل الدين علي الموسوي، أن "توظيف المجالس والمواكب الحسينية والمجالس ضد السلطة موغلًا بالقدم، خاصة وأن قضية الحسين قائمة على رفض الظلم والاستبداد ويغلب عليها الخطاب الثوري في العراق، مبينًا أنه "كثيرًا ما كانت تزعج السلطة ويحاولون قمعها وتحييدها، وما يحدث خلال هذا العام والأعوام الأخيرة هو مصداق لذلك".

وأضاف الموسوي لـ"ألترا عراق"، أن "ما يشهده محرم هذه السنة هو استمرار للاحتجاج على الأحزاب والقوى المهيمنة على القرار السياسي، خاصة تلك التي تدعي الانتماء لخط الحسين وآل البيت، من خلال التذكير بالتنعم بخيرات البلاد وعيش عوائلهم برفاهية، فيما يذود البسطاء للدفاع عن الوطن".

يرى رجل الدين علي الموسوي أن الرفض والنقد للسلطة، والاحتفاء بضحايا الاحتجاج في الأماكن المقدسة، يعني ضمنًا موافقة المرجعية الدينية عليه

وتابع الموسوي، أن "الرفض والنقد للسلطة، والاحتفاء بضحايا الاحتجاج في الأماكن المقدسة، يعني ضمنًا موافقة المرجعية الدينية عليه، من خلال سماح إدارة العتبات بذلك، فضلًا عن التغيير الواضح في خطاب رجال الدين في مجالس العزاء"، لافتًا إلى أن "الأحزاب والقادة السياسيين خسروا واحدة من أهم أدواتهم التحشيدية، إذ كانوا يستغلون شهر محرم لعكس صورة عن كونهم على الخط الحسيني، ولكنهم اليوم يعتكفون في منازلهم، فيما يقيم بعضهم مجالس العزاء في أماكنهم الخاصة وهذه آخر قنوات الاستغلال". 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الطقوس الشيعية.. آليات الدفاع عن الهوية

رمزية الصورة والتشابيه الحسينية: محاولة للتفكيك