التقى رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، مع رئيس المحكمة الاتحادية، جاسم العميري، وذلك للنقاش حول قرار رواتب موظفي الإقليم وقضايا أخرى.
وكانت المحكمة الاتحادية قررت في شباط/فبراير، توطين رواتب موظفي الإقليم قرارًا باتًا وملزمًا، كما ألزمت "رئيس مجلس الوزراء الاتحادي بإطلاق رواتب منتسبي الإقليم بعد التوطين وعدم تمويلها عن طريق القروض". وقررت المحكمة الاتحادية أيضًا "إلزام مجلس وزراء إقليم كردستان تسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية".
لطيف رشيد: رسم السياسة المالية والجمركية وإصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق ورسم السياسة النقدية من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية
وقال رشيد وفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، اليوم الثلاثاء، 19 آذار/مارس، واطلع عليه "ألترا عراق"، إنّ "العملية السياسية بعد سنة 2003 قامت على أساس عدد من الثوابت التي توافقت عليها إرادة القادة السياسيين، وثبتت في الدستور، مؤكدًا أنّ من أبرز تلك المبادئ أن "يكون العراق دولة اتحادية نظام الحكم فيه جمهوري نيابي برلماني".
وأشار رشيد إلى أنّ "الدستور قد أقر صراحة فدرالية إقليم كردستان وسلطاته القائمة، وهو ما يعني أنّ لسلطات إقليم كردستان الصلاحيات الكاملة على الإقليم ومواطنيه بما لا يخالف الدستور والقانون في غير الصلاحيات الحصرية للاتحاد".
رشيد أكد أنّ "رسم السياسة المالية والجمركية وإصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق ورسم السياسة النقدية من الصلاحيات الحصرية للاتحاد، لكن تنفيذ هذه السياسة وتحديد آليات التنفيذ تدخل ضمن صلاحيات الإقليم".
وتحدث رشيد عن "حرصه الشديد على إنفاذ حكم الدستور والتشريعات في تنظيم العلاقة بين مكونات الشعب العراقي والعمل على التخفيف من معاناة الشعب الكردي الناشئة عن عدم الانتظام في دفع الرواتب"، مشيرًا إلى "أهمية العمل مع سلطات الإقليم لكل ما فيه خير للإقليم وشعبه".
بدوره، قال رئيس المحكمة الاتحادية، جاسم العميري، إنّ "المحكمة ملتزمة بما أتفق عليه المؤسسون للعملية السياسية، وما جرى تدوينه في دستور ارتضاه العراقيون، نظم العلاقة بين السلطات الاتحادية والأقاليم".
ولفت إلى أنّ "المحكمة الاتحادية العليا حريصة على تنفيذ ما ورد في الدستور والتشريعات النافذة، وأنها ستكون الداعم الأول لسيادة مبادئ الشرعية والمشروعية، وستكون الأمين الحامي لحقوق الشعب والوفية لدماء الشهداء".
وقال العميري أيضًا إنّ "المحكمة حريصة على سيادة مبادئ الديمقراطية، وأحكام الدستور في كل ما تقضي به، وأنها ستكون حريصة على متابعة آليات تنفيذ قرارها المرقم (224 وموحدتها 269/اتحادية/2023) في 21/2/2024 بما يؤمن إيصال الاستحقاقات المالية للموظفين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، والعاملين في الأجهزة الأمنية في الأوقات المحددة".
جاسم العميري: المحكمة الاتحادية ستكون على تواصل وتشاور مستمر مع رئيس الجمهورية لإزالة العقبات التي قد تواجه تنفيذ قرار توطين رواتب موظفي الإقليم
وحول قرار المحكمة الاتحادية بالعدد (224 وموحديتها 269/اتحادية /2023) المتعلقة برواتب موظفي إقليم كردستان العراق، قال العميري إنه يهدف إلى "حماية المصلحة العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية وأن وزارة المالية الاتحادية لديها تنسيق مباشر مع وزارة المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان بخصوص موضوع القرار ووضع الأطر الكلية والجزئية لتنفيذ بنوده بصورة تحافظ على استمرارية صرف الرواتب دون التوقف لأسباب فنية أو إجرائية وذلك لكون آلية التوطين تتطلب فترة زمنية بموجب كتاب وزارة المالية الاتحادية، لذلك "يتم صرف الرواتب نقدًا للموظفين المتبقين الذين لم تكتمل عملية التوطين لديهم بسبب الإجراءات الفنية لحين استكمال عملية توطين الرواتب كاملةً".
وقال العميري إنّ "المحكمة ستبقى داعمة لحقوق الشعب والمدافع عنها وستكون على تواصل وتشاور مستمر مع رئيس الجمهورية مع التواصل المستمر مع وزارة المالية الاتحادية لإزالة العقبات التي قد تواجه تنفيذ القرار".
وكان عضو المحكمة الاتحادية العليا، القاضي عبد الرحمن سليمان زيباري، أعلن في 12 آذار/مارس 2024، انسحابه من عضوية المحكمة بسبب قراراتها التي تهدف إلى "العودة للنظام المركزي"، وفق تعبيره.
وفي 5 آذار/مارس 2024، أصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني بيانًا هاجم فيه قرارات المحكمة الاتحادية، وقال إن القرارات تكشف عن توجه في العراق للابتعاد عن النظام الديمقراطي، داعيًا إلى عدم استغلال المحكمة الاتحادية أكثر من هذا لتحقيق الأهداف والأغراض السياسية.
وجاء البيان، بعد "إصدار القرار بحسم الدعوى المقامة للطعن في قانون انتخاب برلمان كردستان - العراق رقم (1) لسنة 1992 المعدل"، و"خرق الحقوق الدستورية لإقليم كردستان ومبدأ فصل السلطات المثبت في الدستور"، وفق تعبيره.
وأشار البارتي إلى أن المحكمة الاتحادية "تنتهك بنود الدستور وأحكامه"، وإلى "توالي قراراتها التي تشكل انتهاكًا لمبدأ الفصل بين السلطات فقد وضعت نفسها مقام السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأناطت بنفسها من السلطات والصلاحيات ما لم ينطه بها الدستور"، حيث "سعت في قراراتها الأخيرة إلى تقليص اختصاصات وصلاحيات سلطات الإقليم واتجهت بوضوح إلى إضعاف مؤسساته وإفساح المجال للسلطات الاتحادية بالتجاوز على الاختصاصات الدستورية للإقليم"، مؤكدًا أن قرارات المحكمة "تكشف بوضوح التوجه بالعراق إلى دولة ذات نظام مركزي والابتعاد عن النظام الديمقراطي الاتحادي".