11-ديسمبر-2022
البرلمان العراقي

العراقيون ينتظرون تمرير العديد من القوانين (فيسبوك)

في كل دورة نيابية، يشرع مجلس النواب العراقي عشرات القوانين والتشريعات التي تكون ملزمة التنفيذ من قبل الحكومة وفقًا للدستور، إلا أنّ الحكومات تعمدت عدم تطبيق أغلبها، خصوصًا تلك التي تتسبب بأزمات كبيرة في الشارع، وعلى سبيل المثال؛ صوت مجلس النواب في العام 2019 على قانون المرور الجديد الذي كان يفرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين لقوانين السير، ما سبب آنذاك جدلاً واسعًا وهجومًا حادًا، الأمر الذي أجبر حكومة عادل عبد المهدي على عدم العمل بالقانون وتأجيله إلى إشعار آخر.

فوضى نيابية

وفي هذا الصدد، يقول عضو في اللجنة القانونية النيابية الحالية، إنّ "جميع القوانين التي تشرع داخل قبة البرلمان ملزمة التنفيذ من قبل الحكومة، لكن الحكومات المتعاقبة خالفت القانون العراقي بشأن عدم تنفيذ العديد منها".

ويضيف النائب الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، أنّ "مجلس النواب ومنذ سنوات هو أيضًا غير جاد في متابعة تطبيق القوانين المشرعة من قبل السلطة التنفيذية"، مبينًا أنّ "العراق بحاجة إلى تشكيل أو تكوين مؤسسات (إنفاذ القانون)، التي يكون مهامها متابعة الحكومة بشأن تنفيذ القوانين المشرعة".

رأى مراقبون أنّ السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن تعطل تطبيق القوانين والتشريعات التي يصوت عليها في مجلس النواب

وفي العام 2020، أصدر البرلمان قرارًا يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأرض العراقية، جاء ذلك خلال جلسة استثنائية بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، إلا أنّ القرار لم يطبق بشكل فعلي لغاية الآن.

ويقر النائب في حديث لـ"ألترا عراق"، بوجود فوضى في تشريعات مجلس النواب على مدار السنوات الماضية والتي أسفرت عن هذه المشكلة، مشيرًا إلى أنّ "هناك لجانًا جديدة شكلت مؤخرًا من قبل البرلمان لمتابعة جميع القوانين المشروعة والمعطل تنفيذها من قبل الحكومة". 

ويوضح أنّ "اللجان سيكون مهامها الوقوف على أسباب عدم تطبيق القوانين وإيجاد الحلول للمشكلات التي تمنع تنفيذها من قبل الحكومات السابقة والحالية". 

مراقبون يتوقعون أن الدورة الحالية الخامسة لمجلس النواب تعد الأقل من حيث التشريع والرقابة، بما في ذلك الاستجوابات، قياسًا بالدورات السابقة، خاصة ما قبل الرابعة. 

جوانب قانونية

ازدادت المطالبات الشعبية والسياسية مؤخرًا، بتشكيل مجلس اتحادي لتمرير القوانين المعطلة ومنع التفرد بالقرارات البرلمانية من قبل مجلس النواب، فضلًا عن متابعة أداء الحكومة بشأن تنفيذ التشريعات النيابية.

في المقابل، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن تعطل تطبيق القوانين والتشريعات التي يصوت عليها في مجلس النواب". 

ويشير الخبير القانوني إلى أنّ "القانون العراقي ينص على إرسال أي قانون مشرع في البرلمان إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه ونشره في الصحف الرسمية لدخوله حيز التنفيذ".

ووفقًا لحديث العبادي لـ"ألترا عراق"، فإنّ "الحكومات ومنذ العام 2003 تأخذ تطبيق القوانين المشرعة بمزاجية ولم تطبق أغلبها رغم أنها ملزمة التنفيذ بحسب القانون". 

ويختم العبادي، حديثه قائلاً إنّ "هناك جهات سياسية هي من تسيطر على تطبيق التشريعات والقوانين على أرض الواقع، إذ تعمل هذه الجهات على تنفيذ القوانين التي تخدم مصالحها الشخصية وترك التشريعات الأخرى مركونة على الرفوف". 

وألمح رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، في وقت سابق من الشهر الماضي، إلى أهمية الدور التشريعي والرقابي للبرلمان وتحقيق تطلعات المواطنين في العراق والتعاون مع السلطة التنفيذية.

توافقات سياسية

ويرى المحلل السياسي ياسين عزيز، أنّ "هناك خللاً في عمل المؤسسة التشريعية في العراق المتمثلة بمجلس النواب كونه يخضع للتوافقات السياسية بامتياز حيث يعمل كل طرف أو كتلة سياسية أو أي تحالف داخل المجلس للحصول على امتيازات فئوية دون النظر للمصالح العامة".

وهذا الخلل ـ والكلام لعزيز ـ عطل العديد من مهام المجلس وتشريع قوانين تخدم الشارع العراقي والعملية السياسية وعمل مؤسسات الدولة. 

ويقول المحلل السياسي لـ"ألترا عراق"، أن "هناك قوانين تخضع لمزاجيات ومصالح الكتل السياسية الأمر الذي أدى إلى تعطيل عمل المؤسسة التشريعية التي من مهامها سن القوانين والتشريعات"، مستطردًا بالقول "مع استمرار السجال وحرب المصالح بين المكونات السياسية سنشهد تواصل هذه العادة السيئة التي تضع عمل المجلس تحت طائلة المسؤولية والمساءلة ومزيد من عزوف الشارع العراقي عن الاستحقاقات الانتخابية".

عمل مجلس النواب العراقي يخضع غالبًا للتوافقات السياسية بين الكتل المتحكمة

ومع الأزمات السياسية التي عصفت في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، ينتظر العراقيون تمرير العديد من القوانين المهمة أبرزها قانون الأحوال المدنية، قانون "من أين لك هذا؟"، قانون النفط والغاز، قانون المحكمة الاتحادية، قانون التقاعد الموحد وغيرها، فضلاً عن تعديل بعض فقرات الدستور.