17-مارس-2023
العملات المعدنية في العراق

على غرار الدول المتقدمة (Getty)

مع ازدياد التضخم في الأسواق المحلية، عاد الحديث في الأوساط الاقتصادية حول أسباب عدم لجوء العراق إلى إصدار العملات المعدنية بهدف إعادة القيمة للعملة الصغيرة التي باتت لا قيمة لها في التعاملات اليومية.

يرى خبراء اقتصاديون أن العملات المعدنية تقوم بتسهيل العديد من التعاملات المصرفية اليومية

ويعتبر البنك المركزي هو المسؤول الوحيد عن إمداد البلاد بعملته الورقية والمعدنية، في حين أوقف العراق تعاملاته بـ"العملة المعدنية"، منذ سنوات رغم استمرار العمل بها بعد العام 2003.

وقبل سنوات ليست ببعيدة، طالبت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي البنك المركزي بإعادة العمل بـ "العملة المعدنية"، مبررة بأنّ "ذلك أعطى قوة لاقتصاد دول في الشرق الأوسط". 

عملات ذهبية موجودة في موقع أثري في محافظة واسط العراقية وتعود إلى 1500 عام
عملات ذهبية موجودة في موقع أثري بمحافظة واسط وتعود إلى 1500 عام

أسباب عدم التعامل بها

الخبير في الشؤون الاقتصادية والمالية، جليل اللامي، يقول إنّ العملة النقدية المعدنية تعتبر من أهم معالم النظام الاقتصادي والمالي في العالم، إلا أنّ العراق "يفتقدها اليوم رغم أن تداولها كان كبيرًا في القرن الماضي".

وتسهل العملات المعدنية الصغيرة ـ بحسب اللامي ـ العديد من التعاملات المصرفية اليومية، حيث أنّ "استخدام الفئات المعدنية ونزولها للتداول سيعطي قيمة اعتبارية للعملة".

ووفقًا لحديث اللامي مع "ألترا عراق"، فإنّ أغلب دول الجوار تجد أنّ "أسعار صرف عملتها المحلية مرتفعة جدًا أمام الدولار، وهي في الأساس تمتلك عملة معدنية تعمل من خلالها للحفاظ على العملة وعدم الحاجة إلى طلب المزيد من الأوراق النقدية خصوصًا ذات الفئات الصغيرة". 

ويعود سبب إهمال العملة المعدنية في العراق إلى "تكلفة سك العملة المعدنية المرتفع والذي يكلف أكثر من العملة الورقية، فضلًا عن صعوبة حملها بالنسبة للمواطنين"، كما يشير اللامي.

وبعد التضخم الحاصل في الاقتصاد ـ والكلام للامي ـ أصبح من الصعب سك العملات المعدنية وجعلها متداولة بين المواطنين، لذلك فإن "خطوة حذف الأصفار من المفترض أن تسبق عملية سك العملة المعدنية لتكون هناك قيمة للفئات الصغيرة مقابل الكبيرة ومن ثم اللجوء إلى سك العملات النقدية".

وشهد العراق إصدار أول عملة جديدة خلال العام 1931، وكانت عبارة عن مسكوكات معدنية برونزية. 

العملات المعدنية

 

لا تأثير للعملات المعدنية

 

لكن هناك من يرى أن عدم استخدام هذه العملة يعود لسبب فني أو إجرائي ولا يرتبط بأي شكل بالتضخم، بحسب الخبير الاقتصادي، حسين جابر، والذي يعلّل ذلك بأنه "إذا ستخدمت فئة الألف دينار الورقية أو المعدنية إن وجدت، فلا يسبب ذلك أي تغيير في المستوى العام للأسعار، لأنها وسيلة للتبادل ونقل القيمة بين البائع والمستهلك".

والتضخم في الأسعار الذي يشعر به معظم الناس هو في تضخم الرقم وليس القيمة، لأن الدينار العراقي ـ وفقًا لجابر ـ لا يزال من الناحية القانونية "يساوي 1000 فلس، وبسبب فرط الإصدار النقدي أصبح يساوي 1000 دينار، وهو في حقيقته دينار واحد، مؤكدًا "إذًا لا يوجد تأثير لاستخدام العملة المعدنية".

ويقول جابر لـ"ألترا عراق"، إنّ "العملة المعدنية تستخدم للفئات الصغيرة من العملة كأجزاء صغيرة تعطي مرونة أكبر في التعامل وتحقق قدرًا من العدالة لصالح المستهلكين، أما العملات الكبيرة فلا يتم تعويضها بالعملات المعدنية لاعتبارات فنية"

إيجابيات مهمة

لكن جابر يقر بأنّ للعملة المعدنية إيجابيات تنعكس على دخول المستهلكين وأصحاب الدخول المحدودة كالموظفين والمتقاعدين وغيرهم.

ويوضح أنّ "العملات المعدنية كونها فئات صغيرة وتشكل أجزاء من العملة الكبيرة، فهي تستطيع تغطية الفروق في الأسعار بشكل مرن دون خسارة للمستهلك أو البائع وتحد من الأرباح الاستثنائية التي يحققها البائعون من خلال بيع سلعهم الزهيدة الثمن بأسعار أعلى تتوافق مع فئات العملة المتوفرة، فمثلاً: سعر قنينة الماء الصغيرة 135 دينارًا بالجملة سعرها مع الربح 175 دينارًا، لكن سعر البيع للمستهلك ستكون بـ 250 دينارًا إذ لا يوجد فئة أصغر من 250 دينار  لإرجاعها للمستهلك، فيكون أمامه القبول بهذا السعر بقنينة واحدة أو يشتري ثلاث قناني بـ 500 دينار حتى لو لم يكن محتاجًا إليها".

العملات المعدنية

 

وحول ارتفاع أسعار إنتاجها، يضيف جابر أنّ "تكلفة صنعها أقل من تكلفة الورقية، وكذلك لا تتعرض للتلف بسرعة العملات الورقية القابلة للتلف والحرق والتمزق وغير ذلك".

رأى خبراء في الاقتصاد أنّ القضاء على التضخم في العراق يكون في أتمتة العملات رقميًا

أما عن سلبيات العملة المعدنية، فتكاد تكون "معدومة حيث لا يمكن استخدامها للتعاملات التجارية وتكون مقتصرة للتعاملات الفردية"، بحسب رؤية الخبير الاقتصادي، حسين جابر.

عملات مكلفة

وبعد الغزو الأمريكي للعراق بفترة قليلة، أعلن البنك المركزي العراقي عرض عملات معدنية من فئات 25 و50 و100 دينار للتداول للمرة الأولى بعد أن ألغيت من قبل نظام صدام حسين بعد حرب الخليج عام 1991.

2004

 

لكنّ التضخم المستمر في الأسواق المحلية بأسبابه الداخلية والخارجية ألتهم العملات العراقية الصغيرة وأصبح ليس لديها أي قيمة مادية، وفقًا للخبير الاقتصادي، نبيل التميمي. 

ويقول التميمي لـ"ألترا عراق"، إنّ "إصدار عملات نقدية يكلف خزينة البنك المركزي الكثير من الأموال"، معتبرًا أنّ "الحل الأمثل للقضاء على التضخم الاقتصادي في العراق هو أتمتة العملات رقميًا".

ويوضح أنّ "تحويل تداول العملات بشكل رقمي سيعيد للعملات الصغيرة قيمتها، خصوصًا وأن أغلب دول العالم المتطورة اقتصاديًا باتت لا تعتمد على التعاملات النقدية".

دلالات: