05-ديسمبر-2019

واجهت السلطات العراقية الاحتجاجات بخطاب المؤامرة منذ انطلاقها (Getty)

تحاول عبثًا حكومة المنطقة الخضراء إيهام بسطاء الناس بأنها تتعرّض لمؤامرة خارجية، تشترك فيها أطراف دولية وإقليمية، لضرب الاستقرار والسلم الداخلي عبر التركيز على ما شهدته التظاهرات من أعمال عنف تبدو للوهلة الأولى مألوفة في أغلب دول العالم عندما ينزل الناس فيها إلى الشوارع لأي سبب كان، وباستعارة منصاتها الإعلامية لمصطلح "الفتنة" من الفقه الديني الموالي للسلطة.

تقول بعض الأطراف السياسية إن التظاهرات مدفوعة من أمريكا مع أن الأخيرة تمتلك أكبر سفارة في العالم ببغداد

الإنسان العراقي عمومًا، حاد الطباع عصبي المزاج، وعندما يتعرض حامل تلك الصفات لقمع وحشي سيلجأ في بعض الأحيان لرد فعل عنيف دون أن نغفل حقيقة وجود مندسين تقف خلفهم جهات سلطوية شيطنت هذه التظاهرات قبل انطلاقها، حتى حاولت حرف مسارها السلمي لتبرير قمعها، ولسنا هنا بحاجة لبيان ماهيتها الواضحة، قبل أن يفشل شيوخ الناصرية ونساؤها حمام الدم المخطط له سلفًا. 

اقرأ/ي أيضًا: الاستقالة وطريق النضوج.. تحوّل المتظاهر إلى ناشط

وبالعودة للمؤامرة المفترضة، يحق لنا التساؤل عن الدول المحركة لها؛ فهل هي الولايات المتحدة مؤسسة هذا النظام السياسي وصاحبة السفارة الأكبر في العالم بعاصمته، فضلًا عن عدة قواعد عسكرية متفرقة في أنحاء البلاد؟ أم هي السعودية التي ما إن أعادت سفيرها لبغداد حتى توافد عليه جموع السياسيين والنواب لأداء مناسك الحج في فندق الرشيد، وهي الغارقة في حرب اليمن والساعية بدورها للاستعانة بالغرب لدرء الخطر الإيراني عنها، أو قد تكون الإمارات والتي تشكل ظروف العراق الحالية فرصة ذهبية لها للنمو والازدهار الاقتصادي أكثر على حساب موانئه المعطلة واقتصاده الهش بسبب سوء الإدارة والفساد الحكومي!

وباختصار هناك قرار خارجي على عدم عودة العراق لمكانته المعهودة، واستعادة دوره الإقليمي من خلال الإبقاء على نظام 2003 عمومًا لأنه وفّر لكل القوى الدولية والإقليمية فرصة لا تتكرر كثيرًا لاختراق أمن العراق القومي واستباحة سيادته بشكل لا مثيل له تاريخيًا، من خلال لوبيات متعددة الولاءات داخل هذه السلطة تنفذ أجندة الخارج وترعى مصالحه على حساب مصلحة الوطن والمواطن في العراق.

لذا ترى الجميع صامتًا عن حجم الانتهاكات الرهيب الذي تخلل التظاهرات بشكل لا يفهم منه إلا إشارة عدم ممانعة غير مباشرة لحفلة الموت المستمرة في هذه البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

معركة "الوجود المريح".. النفوذ الأمريكي والإيراني

انتفاضة الغضب: حين يُفقد الوطن والأمل والعمل!