12-سبتمبر-2021

200 نائب حالي مرشح للدورة المقبلة (ألترا عراق)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

تحوّل رأس السلطة التنفيذية في عام 2019 رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، إلى "نقطة سوداء" في أذهان شريحة واسعة من العراقيين، وشخصية لا يمكن تقبّلها مرّة أخرى، وذلك بفعل الدماء التي سقطت في ساحات الاحتجاج بيد قوات رسمية وغير رسمية تحت قيادته، حتى أصبح أي موقف أو صورة يظهر بها عبد المهدي، تثير الغضب والسخرية في آن واحد على مواقع التواصل الاجتماعي.

سُربّت حديثًا صورة من قبل مستشار الكاظمي قال إنها لغرفة عمليات التصدي للمتظاهرين في "ليلة القنص" أظهرت تواجد رأس السلطة التشريعية محمد الحلبوسي

وبينما حاز عبدالمهدي نصيبه اجتماعيًا بفعل الممارسات التي طالت المتظاهرين في تشرين وما بعدها، كان مجلس النواب سواء الكتل التي يضمها تحته أو بصفته ككيان تشريعي، يتلقى نصيبه من الشعارات المناهضة، وغالبًا ما كانت تقتصر على تهم الفساد، إلا أن حد القطيعة الفاصل والمتمثل بـ"التورط بالدماء" ربما كان يطال بعض الكتل والشخصيات البرلمانية لكونها تمثّل أجنحة مسلحة متهمة بقتل المتظاهرين.

                                                     قناتنا على تلغرام.. تغطيات مُحايدة بأقلام حرّة

لكن صورة سُربّت حديثًا من قبل مهند نعيم مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قال إنها لغرفة عمليات التصدي للمتظاهرين في "ليلة القنص" أظهرت تواجد "رأس السلطة التشريعية" محمد الحلبوسي، جنبًا إلى جنب مع رأس السلطة التنفيذية عادل عبد المهدي، فيما أشر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ظهور نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق "أبو مهدي المهندس" يقف في الخلف.

الصورة التي نشرها نعيم، فجر يوم 12 أيلول/سبتمبر معلقًا عليها: "ليلة القنّاص، ما ناسيكم، الأيام حبلى"، تم حذفها بعد ساعات فضلًا عن إغلاق حساب نعيم على "فيسبوك"، دون معرفة الأسباب، وما إذا كان تم تعطيل الحساب من قبله شخصيًا أم بتدخل خارجي، إلا أن هذه الصورة نجحت باستعادة وطرح التساؤلات عن دور البرلمان ومقدار مساهمته بالتوّرط في دماء المتظاهرين، ليس بصفة متشظية تطال كتلًا وشخصيات بفعل ارتباطاتها، بل بصفته المؤسسية ككيان تشريعي متمثلًا برئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي يمثّل بشكل واضح موقف البرلمان المضاد للاحتجاجات والموافقة على قمعها جنبًا إلى جنب مع السلطة التنفيذية في حينها، كما رأى ناشطون.

ولعل التوصل لهذه الحقيقة لا يحتاج إلى صورة تظهر الحلبوسي داخل غرفة عمليات "قنص المتظاهرين"، بحسب مراقبين، بل أن مراجعة بسيطة لموقف مجلس النواب من عمليات قتل المتظاهرين وعدم استخدام صلاحياته بالتضييق ومساءلة السلطة التنفيذية، تمثل ضوءًا أخضر أعطى الغطاء الشرعي والصلاحيات الكاملة للسلطة التنفيذية بقمع وقتل أكثر من 600 متظاهر وجرح ما يفوق الـ20 ألف آخرين.

ويقول المحلّل السياسي أحمد الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "مما لا شك فيه، حصلت عملية تخادم واضحة بين السلطة التشريعية والتنفيذية خلال فترة احتجاجات تشرين، جميعنا رأينا الانفعال والحماس في مجلس النواب بعد اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وجرت تحركات وتشريعات على صدى هذا الحدث، بينما لم يتخذ خطوات مماثلة أو يسجل موقفًا منفعلًا مع دماء المتظاهرين ضد السلطة التنفيذية".

وأضاف أن "البرلمان يمتلك القدرة على فرض إجراءات تشريعية وقانونية على الحكومة لمنع قمع المتظاهرين وهذا لم يحصل، وبمجرد عدم حصول هذا الشيء يعني أن هناك عملية تخادم"، معتبرًا أن "هذه الكتل كانت تعتقد وتؤمن بأنها هي المستهدفة ووجودها مستهدف، وخصومتها كانت مع القواعد الشعبية بشكل واضح، لذلك عادل عبد المهدي كان يمثل وجودها".

وفي فترة القمع، لم تتخذ الكتل السياسية أي إجراء قانوني أو تشريعي لمنع عملية قمع المتظاهرين، أو محاسبة الحكومة أو إجراء جلسة مفتوحة لمسائلة الحكومة على الأقل، ومن قبل جميع المكوّنات والكتل، فكلها كانت متخادمة مع السلطة ضد المتظاهرين، بحسب الياسري الذي اعتبر أن "الممطالة والتسويف في مطالبات المتظاهرين ولا سيما قانون الانتخابات هو مؤشر آخر على التخادم، ومساهمة السلطة التشريعية بالتعاون مع السلطة التنفيذية لقمع المتظاهرين والاحتجاجات".

واعتبر الياسري أن "كل ما يطرح من قبل الحكومة أو من يرتبط بها فيما يخص تشرين في الوقت الحالي هو داعية انتخابية حيث سيمر على تظاهرات تشرين نحو عامين وهي فترة كافية لإحقاق العدالة للضحايا، واكتمال التحقيقات ولكن ليس هناك جدية، مشيرًا إلى أن "الدفاع الحقيقي عن دماء المحتجين سيكون في الانتخابات المقبلة ومن يريد استرجاع حقوق الدماء التي سقطت يجب عليه يمنع صعود الذين احتلوا الدولة العراقية لصالح الدول الأخرى"، لافتًا إلى أن "حرب تشرين هي الانتخابات العراقية المقبلة لمن يريد أن يحارب".

ووسط هذه المؤاخذات التي تجعل البرلمان الحالي بكافة أعضائه وكتله شريكًا في الإجهاز على الحركة الاحتجاجية وقتل المتظاهرين، وبالرغم من كون المرجعية كانت قد "عزلت" البرلمان الحالي بشكل واضح في خطبة سابقة عن أي عملية إصلاحية مستقبلية، راهنةً عمليات الإصلاح والقرارات المصيرية للبلاد بيد البرلمان القادم "المنبثق عن إرادة الشعب"، إلا أن أكثر من نصف  شخوص وأعضاء البرلمان الحالي والبالغ عددهم قرابة 200 نائب، هم مرشحون للانتخابات ويستعدون للعودة بتشكيل البرلمان المقبل، وعلى رأسهم محمد الحلبوسي الذي ينوي الحصول على ولاية ثانية في رئاسة البرلمان القادم.

ويقول المتظاهر أسامة جميل في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "مجلس النواب وبكتله المختلفة يتحمل مسؤولية جميع المشاكل والدماء التي سقطت ما بعد 2003 وحتى اليوم، فهو السلطة التشريعية التي رسمت الطريق للسلطات التنفيذية طوال السنوات السابقة وهي المتحكمة بكل مفاصل المشهد السياسي والقوانين والتشريعات التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر".

يقول متظاهرون إن احتجاجات تشرين وانصارها يمتلكون ثأرًا ضد البرلمان الحالي بمختلف الكتل وأحزابه

ويبيّن جميل أن "تشرين وأنصارها يمتلكون ثأرًا ضد البرلمان الحالي بمختلف كتله وأحزابه، ففضلًا عن كونها هي من أتت بحكومة عادل عبدالمهدي وتوافقت عليه، فإن العديد من الكتل داخل البرلمان تابعة لأحزاب تحكمت بالقوات الأمنية بمختلف صنوفها وهي من زجت بآلاف العناصر التي تمتلك ولاءها، فضلًا عن القادة الأمنيين"، معتبرًا أن "ما جرى على عبدالمهدي يجب أن يجري على البرلمان من ناحية الموقف الاجتماعي".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

صراع الحلبوسي والخنجر.. فاعل إيراني ومؤشرات خطيرة للانحياز

الحلبوسي ـ الخنجر: صراع العميان على باب إيران