23-أكتوبر-2019

خرج شباب كرد في الإقليم لرمي القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا إلى العراق بالحجارة (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يعيش الشارع الكردي في شمال العراق بمشاعر غاضبة منذ أيام لأسباب متعددة، أبرزها العمليات العسكرية التركية في منطقة شمال شرق سوريا، ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تسيطر على تلك المنطقة.

لا يزال الموقف في إقليم كردستان مرتبكًا من العمليات العسكرية التركية في منطقة شمال شرق سوريا بسبب العلاقة مع تركيا 

ورغم إعلان الجانبين المتحاربين في سوريا وقف إطلاق النار المشروط على مقربة من الحدود العراقية، يبقى الموقف الكردي العراقي مرتبكًا، بسبب العلاقة مع تركيا المبنية على أساس اقتصادي، بمقابل المبادئ القومية التي تربط إقليم كردستان العراق مع الكرد في سوريا، أو ما يسمى بمناطق كردستان الغربية.

اقرأ/ي أيضًا: تعليق "نبع السلام".. تركيا قاتلت وأمريكا انسحبت وأسئلة عَمَّن انتصر

وإلى الآن، تتضارب التصريحات الكردية في العراق، خصوصًا أن إقليم كردستان العراق لا يرتبط بعلاقة وثيقة مع الحكومة السورية، التي بدأ الكرد هناك في التوافق معها ضد تركيا التي تقول إنها "تسعى لإنشاء منطقة آمنة في مناطق الانتشار الكردي بهدف إعادة اللاجئين السوريين من تركيا وإبعاد شبح حزب العمال الكردستاني التركي الذي يدعم "قسد".

يضع القتال على الأراضي السورية السياسيين الكرد العراقيين بموقف محرج أمام تركيا والحكومة العراقية وحتى الولايات المتحدة، التي رفعت يدها عن "قسد" رغم أنها كانت قد أنشأت تلك القوة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

الموقف الفعلي في كردستان بدأ من إنشاء أربع مخيمات في محافظة دهوك لاستقبال اللاجئين، وأبلغ مصدر في منظمة بارزاني الخيرية التي يملكها رئيس الوزراء مسرور بارزاني "ألترا عراق" وصول نحو ألف شخص حتى الآن من كرد سوريا، هربوا من الحرب هناك، وأغلبهم عوائل".

يسعى إقليم كردستان لاحتضان اللاجئين في محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي خرج باحتجاجات أحرق خلالها الأعلام التركية، وناقش برلمان إقليم كردستان الأسبوع الماضي الأوضاع في شمال شرق سوريا، خرج ببيان على لسان رئيس البرلمان، ريواز فائق، التي تنتمي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني "اليكتي" المتناغم مع قوات "قسد"، قالت فيه "نحن في شك تجاه معظم أصدقائنا، ولكن بنفس الوقت نعلم أنه لولا الأصدقاء لما انتصرنا في حربنا ضد "داعش"، لافتة إلى أن "الشعب الكردي يعيش في قلق شديد الآن"، لكن بيان البرلمان لم يذكر القوات التركية بأي كلمة، ولم يشر إلى أي تفاصيل تخص العمليات العسكرية سوى الطلب بإيقافها.

تثير الأزمة في سوريا مخاوف الكرد في إقليم كردستان، لأنها إذا تطورت ربما تفرز صراعًا داخليًا في الإقليم

المحلل السياسي الكردي سيروان كوران، قال لـ"ألترا عراق"، إن "موقف أربيل يختلف عن موقف السليمانية في إقليم كردستان، حيث أن أربيل لا تدعم حزب العمال في تركيا ولا "قسد" في سوريا، ولا أي جهة في إيران، وتسعى للنأي بالنفس، وهي سياسة الحزب الأقوى في أربيل الحزب الديمقراطي "البارتي"، الذي يرتبط بشكل وثيق مع الشركات التركية، والاستثمارات في إقليم كردستان، مستدركًا "ولكن موقف السليمانية هو داعم ولكن ليس علنًا وهو موقف الاتحاد الوطني الكردستاني، وعلاقته أقل بتركيا، وحتى الولايات المتحدة، ولذلك فإن الموقف حتى اللحظة يعد مربكًا هنا".

اقرأ/ي أيضًا: القوات التركية على أبواب منبج.. انسحاب أمريكي واتفاق روسي

أضاف كوران أن "الأزمة في سوريا، تخيف جميع الكرد هنا في إقليم كردستان، لأنها فعليًا إذا تطورت فأنها قد تفرز صراعًا داخليًا هنا، بين النأي بالنفس الحكومي والرفض الشعبي لهذا الأمر لأسباب قومية تجمع كرد سوريا بأكراد العراق".

بيّن أنه "في حال نزل الشعب في إقليم كردستان العراق للدفاع عن أكراد سوريا، داخل الأراضي السورية أو مستهدفين المنشآت التركية في العراق فأنه سيحرج الحكومة ويجعلها تواجه الشعب باعتبارها لن تستطيع أن تقف بالضد من الموقف التركي".

الأحزاب في إقليم كردستان العراق أعلنت مجتمعة أنها ترفض تلك العمليات العسكرية وحذرت من أنها تقوض الحرب ضد "داعش"، وقد تسمح لهم بالتسلل مجددًا، وقد يستهدفون إقليم كردستان العراق.

لكن الخبير الأمني الكردي ميروان محمد يرى أن "تنظيم "داعش" انتهى، ولكن هناك معتقلين لدى "قسد" وقد تستخدمهم هي أو الحكومة التركية في حال وضعت اليد عليهم، حيث سيجري إطلاق سراحهم ولا أحد يعرف وجهتهم أين ستكون أو ماذا سيفعلون".

قال محمد لـ"ألترا عراق"، إن "هذا المأزق الثاني الذي يؤرق القادة الكرد في حكومة إقليم كردستان العراق، بعد مأزق اللاجئين المتفاقم، والذي قد يزيد تردي الوضع الاقتصادي في الإقليم، ومخاوف اضطراب الوضع المحلي".

أعلنت الأحزاب في إقليم كردستان العراق مجتمعة أنها ترفض تلك العمليات العسكرية في سوريا وحذرت من أنها تقوض الحرب ضد "داعش"

رئيس الحكومة في إقليم كردستان، مسرور بارزاني، شدد خلال لقائه بمسؤولين حزبيين من كرد سوريا، على ضرورة نبذ العنف والحرب، مؤكدًا في الوقت ذاته على أهمية حل النزاعات عبر السبل السلمية.

العلاقة الكردية الأمريكية

ومع انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا الى العراق، قالت رئاسة الإقليم إنها "تثمن موقف التحالف الدولي وخصوصًا الجيش الأمريكي"، فيما أوردت الخدمات التي قدمت للكرد في العراق، ابتداءً من فرض حظر الطيران أيام  نظام صدام وصولًا إلى إسقاط النظام كاملًا عبر احتلال العراق، ومن ثم الحرب على "داعش".

اقرأ/ي أيضًا: بالخرائط.. تركيا تستعيد الإمبراطورية العثمانية

قال بيان رئاسة الإقليم الذي جاء على إثر دخول القوات الأمريكية إلى إقليم كردستان العراق قادمة من سوريا، إنه "يجب عدم الخلط بين قرار سياسي غير مرغوب فيه، وبين الدور الكفاحي للتحالف والقوات الأمريكية".

وهنا يدخل الإقليم في مأزق آخر مع الشارع، الذي خرج بعض الشباب فيه لرمي القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا إلى العراق بالحجارة، كما يفتح الباب ـ بحسب مراقبين ـ أمام مشكلة جديدة هذه المرة ليست مع تركيا أو الحكومة الاتحادية العراقية، وإنما مع الولايات المتحدة الأمريكية.

نظرة على الموقف العراقي

مع غياب الموقف الواضح للحكومة العراقية على صعيد التصعيد على مقربة من الحدود العراقية في الشمال، خرج رئيس الجمهورية برهم صالح في "تغريدة" على تويتر، وهو القيادي الكردي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ليعلن أن "التوغل التركي العسكري في سوريا تصعيد خطير، سيؤدي إلى فاجعة إنسانية ويعزز قدرة الإرهابيين لإعادة تنظيم فلولهم، ويشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي".

يؤكد الصحفي الكردي محما شلال أن "موقف السياسيين الكرد العراقيين لا يختلف عن موقف الحكومة العراقية في هذه الأزمة حيث أن الحكومة ببغداد تسعى للنأي بالنفس، وكذلك إقليم كردستان، لكن ما يختلف هو أن الإقليم يسعى لتهدئة الأوضاع وعدم الانخراط في العمليات، والبقاء على خط المفاوضات".

يعيش الإقليم في مأزق مع الشارع، الذي خرج بعض الشباب فيه لرمي القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا إلى العراق بالحجارة

أضاف شلال لـ"ألترا عراق" أن "إقليم كردستان دفع بمقاتلي البيشمركة " إلى شمال شرق سوريا وتحديدًا كوباني "عين العرب" قبل ثلاثة أعوام لقتال "داعش"، واليوم لم يحرّك أي قطعات إلى هناك، وهذا أكبر دليل على عدم محاولة إقليم كردستان العراق التدخل في القضية على الميدان واقتصرت على التصريح عبر وسائل الإعلام".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

موسكو وواشنطن ترفضان إدانة عملية "نبع السلام" التركية والأسد يتهم قسد بالخيانة

المأساة السورية وأوهام الحل السياسي