21-أكتوبر-2020

الدولة تريد إيصال قيمة المائة دولار إلى 150 ألف دينار (Getty)

 بعد أشهر من الحديث عن الأزمة المالية والمخاوف من عدم تأمين الرواتب، تأخرت رواتب الموظفين لأكثر من أسبوعين على موعدها المعتاد، فيما يكتنف الغموض مصير رواتب الشهر الجاري، خاصة مع عدم إقرار قانون الاقتراض من قبل البرلمان، والذي رهنت الحكومة حل الأزمة بتمريره، ويتهم نواب الحكومة بتعطيل الرواتب كورقة ضغط على البرلمان لتمرير القانون، مؤكدين وجود إيرادات تغطي الرواتب شهريًا.

يدور الحديث عن خفض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، كتدابير لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط

وإزاء ذلك، يدور الحديث عن خفض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، كتدابير لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا، ولتأمين رواتب الموظفين، فيما يعده مختصون أنه تخفيض للرواتب لكن بطريقة مختلفة، وهو لا يستند إلى أسس موضوعية، ولا يمكن اعتماده لما يترتب عليه من أضرار بالاقتصاد العراقي والقوة الشرائية للمواطن وقوة السندات العراقية في الخارج والتصنيف الائتماني للبلد.

اقرأ/ي أيضًا: ورقة بيضاء وأرقام سوداء ودينار مهدد.. معضلة الرواتب والاقتراض والحلول القاسية

وسجل الدولار الأمريكي ارتفاعًا، إذ وصل في بعض المناطق إلى 126 ألف دينار أمام الـ100 دولار، بعد أن كان 123 ألف دينار، فيما يتداول مختصون أرقامًا تتراوح بين 150 ألف إلى 200 ألف دينار، لكل مئة دولار.

ما العلاقة؟

ويدور السؤال عن علاقة خفض الدينار أمام الدولار، برواتب الموظفين، أن ميزان المدفوعات الخارجية، يهيمن عليه النفط الخام بشكلٍ كبيرٍ بل مطلق تقريبًا، إذ تبلغ نسبة تركز الصادرات النفطية إلى إجمالي الصادرات بحدود 99% معدل، وهذا يعني أن إيرادات العراق  بالدولار، لذا تعتبر الدولة هي الحائز الوحيد للدولار. 

وعند توفيرها للرواتب تضطر لتحويل الموجود النقدي من الدولار إلى الدينار، وعليه، فإن خفض قيمة الدينار سيوفر لها الدولار، ويضرب الخبير الاقتصادي صالح الهماشي مثالًا على ذلك ويقول، "لو فرضنا أن راتب موظف مليون ومائة ألف دينار، في حال سعر الصرف المستقر خلال الفترة الماضية بنحو 122 ألف لكل مئة دولار، فإن راتبه يساوي 900 دولار تقريبًا، لكن لو رفعت الدولة سعر الدولار وجعلته 150 ألف لكل مئة دولار، فسيكون راتبه نحو 700 دولارًا".

ولا ينتهي الأمر عند الرواتب بحسب الهماشي الذي يقول لـ"ألترا عراق"، إن "جميع الخدمات الاستهلاكية هي بالدولار ورفعه يعني ارتفاع ثمنها بالسوق والمتضرر الوحيد هنا المواطن، الذي سيكون بين تراجع قيمة راتبه وارتفاع قيمة المشتريات".

ويضيف الهماشي، أن "خفض العملة تخضع لقوانين عامة، وتعمل بعض الدول ذات الصناعة الفتية، تحاول خفض العملة من أجل تقليل التكاليف، لكنها تؤثر على الوضع المعاشي للمواطنين، ما يجعلها تضع آليات معينة لتوفير الدعم لبعض المجالات الأساسية، لكنها تمتلك قاعدة بيانات دقيقة، عن دخل المواطنين، والمتسفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية، وهذا ما حدث في تركيا عندما خفضت سعر الليرة".

ويشير الهماشي إلى أن "العراق لا يمتلك قاعدة بيانات ولا صناعة مثل تركيا وإيران، اقتصاده ريعي يعتمد على النفط بشكل أساسي، وبالحقيقة خيار خفض العملة يستهدف الرواتب بالدرجة الأساس"، مبينًا أن "المؤشرات الأولية تشير إلى أننا سندخل في حيز تنفيذ هذه الخطوات، والتي تفيد الترجيحات بأن الدولة تريد إيصال قيمة المائة دولار إلى 150 ألف دينار".

قال خبير اقتصادي إن خيار خفض العملة يستهدف الرواتب بالدرجة الأساس

يشبه الهماشي نتائج خفض الدولار بحادثة "نزول العملة" المعروفة في التسعينات من القرن المنصرم، إذ انخفضت قيمة الدينار العراقي وتدهورت بعد بدأ الحرب العراقية الإيرانية، حيث انخفض سعره من 3.3 دولار للدينار الواحد في عام 1980 إلى حوالي 4 دنانير للدولار عام 1988، ورافق ذلك سلسلة من المشاكل الاجتماعية تتعلق بالبيع والشراء بين التجار والديون المترتبة عليهم، ويعتبر الهماشي تكرار تلك الحادثة هو كارثة حقيقية ستدمر الاقتصاد العراقي.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تفاصيل مهولة تكشفها "الورقة البيضاء": نفقات الرواتب ارتفعت 400%

مجلس الوزراء: إقرار "الورقة البيضاء".. وتوجيه بشأن "قطار بغداد"