09-يونيو-2019

كان سقوط الموصل صدمة مرعبة تبيّن فيها فشل نظام المحاصصة في المحافظة على البلاد (تويتر)

يحظى نحو 20 مسؤولًا متهمًا بـ"الخيانة العسكرية" ممن ورد اسمهم في تقرير اللجنة البرلمانية للتحقيق بسقوط الموصل، بامتيازات ومناصب "عليا" عسكرية وسياسية في الحكومة الحالية، فيما يزاولون أعمالهم وحياتهم وسفرهم بصورة طبيعية، بعد مرور خمسة أعوام على ذكرى اجتياح تنظيم داعش لكبرى مدن العراق في 10 حزيران/يونيو 2014.

نحو 20 مسؤولًا متهمًا بـ"الخيانة العسكرية" يتمتعون بامتيازات ومناصب عليا عسكرية وسياسية في الحكومة الحالية

شكل البرلمان في مطلع آب/أغسطس لجنة للتحقيق في أسباب سقوط الموصل، تألفت من 20 نائبًا من مختلف الكتل السياسية، تولوا مهمة التحري عن أسباب سقوط المدينة وتحديد المذنبين، استمعوا خلالها إلى إفادات أبرز القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين، لتنهي اللجنة عملها بعد عام من التحقيق بعرض تقرير حملت فيه المسؤولية لـ36 سياسيا وعسكريا عن سقوط المدينة.

اقرأ/ي أيضًا: من "الإرهاب" إلى "المكاتب الاقتصادية".. أين تختفي سجلات وأضابير أراضي الموصل؟

في تفاصيل تقرير اللجنة استعراض للأحداث التي أدت إلى سقوط المدينة من الجوانب السياسية والإدارية والجغرافية والاجتماعية، والأسباب التي ساهمت بتنامي تنظيم داعش، فما تطرق إلى إهمال وتقصير القادة السياسيين والأمنيين في وصول المدينة إلى الوضع الذي مهد لاحتلالها لتنظيم داعش.

أوكلت رئاسة اللجنة لرئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق حاكم الزاملي، الذي شكا من تعرض اللجنة الخاصة بالتحقيق في سقوط المدينة إلى ضغوط ومضايقات ومحاولات لحرف الحقائق، خاصة فيما يتعلق بأسماء الشخصيات التي ورد اسمها في تقرير اللجنة.

يرى الزاملي في حوار مع "ألترا عراق"، أنه "لم يعدم أو يحاكم حتى اللحظة أي متورط بسقوط مدينة الموصل، لا من كبار الضباط ولا من صغارهم، على الرغم من إرسال تقرير اللجنة إلى مجلس الوزراء والقضاء والمحاكم العسكرية والادعاء العام"، مبينًا أن "ملف الأسماء المتورط وضع على الرف حاله حال ملفات الفساد والإرهاب، ولم يحسم حتى الآن".

ووفقًا للزاملي، فأن قائمة المتهمين المتورطين بسقوط المدينة الذين ورد اسمهم في تقرير لجنته، تضم كلا من؛ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، رئيس أركان الجيش السابق الفريق بابكر زيباري، قائد القوات البرية السابق الفريق أول ركن علي غيدان، مدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي، معاون رئيس أركان الجيش لشؤون الميرة السابق الفريق الركن عبد الكريم العزي، قائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي، قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية السابق اللواء الركن كفاح مزهر علي، قائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي، قائد شرطة نينوى السابق اللواء خالد سلطان العكيلي، محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي، نائب محافظ نينوى السابق حسن العلاف، وقائد شرطة نينوى السابق اللواء الركن خالد الحمداني.

كما ضمن القائمة، مدير دائرة الوقف السني في الموصل أبو بكر كنعان، وكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الأسدي، آمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة في الجيش سابقًا العميد حسن هادي صالح، بالإضافة إلى: آمر الفوج الثاني المسؤول عن حماية الخط الاستراتيجي في نينوى المقدم نزار حلمي، آمر لواء التدخل السريع السابق العميد الركن علي عبود ثامر، وآمر مسؤول صحوة نينوى عضو مجلس العشائر أنور اللهيبي.

مسؤول التحقيق بـ"سقوط الموصل": للأحزاب سطوتها وتأثيرها على القرار السياسي والقضائي، ولا تستطيع الجهات المعنية محاسبة الكبار، لأنهم متنفذون ولديهم المال والسلطة، ولذا أهمل ملف سقوط المدينة!

 وحول إمكانية محاسبة المتورطين ومحاكمتهم عسكريًا، يقول الزاملي إن "للأحزاب سطوتها وتأثيرها على القرار السياسي والقضائي، لا تستطيع الجهات المعنية محاسبة الكبار، لأنهم متنفذون ولديهم المال والسلطة، ولذا اهمل الملف" مبينًا أن "القانون يطبق على الضعفاء والمواطنين البسطاء.. هل تتذكر حادثة القبض على طفل سرق علبة مناديل في السماوة ومحاكمته!، بينما لم ينفذ  حكم الإعدام رميًا بالرصاص الذي أصدرته المحكمة العسكرية بحق قائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي".

اقرأ/ي أيضًا: موصل ما بعد داعش.. فرح عابر وخوف من المستقبل

يشير رئيس اللجنة المكلفة بتحقيق الموصل إلى أن "ملف التحقيق متكامل ومهني يتكون من 165 صفحة ومعززًا بالأدلة والوثائق والبيانات والاثباتات والإفادات، عملنا عليه لأشهر متواصلة من التحقيق ويدين عدد من  المتورطين بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد والإعدام ، وقد أرسلناه إلى جميع من له علاقة بالأمر إلى القضاء والحكومة والمحاكم العسكرية في وزراتي الدفاع والداخلية. لقد وضعوه على الرفوف".

ووفق قانون العقوبات العسكرية العراقي لسنة 2007 فإن عقوبة الإعدام تشمل كل من "سعى لسلخ جزء من العراق عن إدارة الحكومة أو لوضع العراق أو جزء منه تحت سيطرة دولة أجنبية، وترك أو سلم إلى العدو أو استخدم وسيلة لإرغام أو إغراء آمر أو شخص آخر ما، على أن يترك أو يسلم بصورة تخالف ما تتطلبه المواقف العسكرية موقعًا أو مكانًا أو مخفرًا أو حامية أو حرسًا خفرًا".

كما يُعاقب بالإعدام كل "من سلم أو سبب تسليم المعامل العسكرية المختصة بالعتاد وأدوات الحرب والمصانع ومخازن التعبئة ومن سبب أو سهل استيلاء العدو على قسم من القوات العسكرية، بالإضافة إلى كل من كان آمرًا لموقع وسلمه إلى العدو قبل أن ينفد كل ما لديه من وسائل الدفاع أو اهمل استعمال الوسائل المذكورة".

ويحذر رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق حاكم الزاملي في حواره مع "ألترا عراق"، من "هروب عدد من المسؤولين المتهمين بسقوط الموصل إلى خارج العراق"، مؤكدًا أن "عددًا من هم الآن في خارج العراق بينهم محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي".

فيما يرجح الزاملي محاكمة المتسببين بسقوط المدينة خلال المرحلة المقبلة، عازيًا ذلك إلى "تراجع دور الأحزاب وسطوتها بالإضافة إلى ضعف شعبيتها، هذا الملف خطير ولن يتم غلقه، لأنه تسبب بخسارة العراق لمليارات الدولارات وازهاق آلاف الشباب من الشهداء ومثلهم من الجرحى"، ومن المؤسف أن " هناك نحو 20 مسؤولًا ما زالوا يمارسون مهامهم ومسؤولياتهم بصورة طبيعية".

 وختم الزاملي حواره داعيًا رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي إلى "تطبيق العقوبات إلى المذنبين وعدم اهمال ملف الموصل"، لافتًا إلى أن "غالبيتهم الآن أحرار طلقاء، ما عدا بضعة ضباط صغار أودعوا في السجن، بينما بقي عدد من قادة العمليات وكبار الضباط في مسؤولياتهم ومناصبهم".

مسؤول التحقيق بـ"سقوط الموصل": أرسلنا التحقيق بسقوط المدينة إلى جميع من له علاقة بالأمر، إلى القضاء والحكومة والمحاكم العسكرية في وزراتي الدفاع والداخلية. لقد وضعوه على الرفوف!

في التاسع من حزيران/يونيو 2014 انهارت العديد من قطعات الجيش والشرطة بعد هجوم "عنيف" لتنظيم داعش على مدينة المصل، انسحب على اثره عشرات الضباط والقادة العسكريين وقادة العمليات من مواقعهم، بينما تركت أسلحة ومعدات ثقيلة تقدر بمليارات الدولارات سيطر عليها التنظيم، وهو ما استعرضه تقرير اللجنة التحقيقية لسقوط الموصل.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تحت الموصل القديمة.. هكذا تعامل جثث جنود البغدادي

التهريب والأتاوات في الموصل..هل هو الانهيار مجددًا؟