07-يناير-2020

أكد مستشار عبدالمهدي أن فرض عقوبات أمريكية على العراق يعني "خسارة" لواشنطن (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

عادت مشاهد الحصار إلى أذهان العراقيين بعد تهديد الرئيس الأمريكي ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على البلاد، فيما بدأت ملامح القلق تظهر في الأسواق بعدم استقرار أسعار صرف الدولار.

قال صالح إن ما ينشر عن انهيار اقتصاد العراق نتيجة عقوبات محتملة يهدف لـ"إحداث حالة من الهلع" ضمن سياق الحرب النفسية

في هذا الصدد حدد المستشار المالي لرئيس الحكومي والخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح، سيناريوهين بما يتعلق بالتهديدات الأمريكية ضد العراق، من وجهة نظره في الاقتصاد السياسي، أحدهما واقعي والآخر تخيلي، على حد تعبيره.

اقرأ/ي أيضًا: بيان حكومي حول مغادرة الأمريكيين مواقع نفطية بعد تحذير صارم.. والأسعار تقفز

وقال صالح في مقال له، إن "ما ينشر وبشكل مكثف عن حالة الاقتصاد من سيناريو فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية المحتملة على بلادنا، يأتي في جوهره لإحداث شيء من الهلع وموجة من الحرب النفسية ضمن تناقض مخرجات أطراف الصراع الدولية ومخرجاتها على الساحة العراقية".

ورأى صالح، أن "الإشاعة الاقتصادية اليوم ماهي إلا تذكير لوقائع قاسية حدثت إبان غزو العراق للكويت من فرض المنظمة الدولية لعقوبات شاملة على العراق بين أعوام 1990 – 2003، ومخلفاتها الكارثية التي مزقت نسيج المجتمع وبنيته الاقتصادية والمعيشية، والدور الأمريكي في تلك العقوبات القاسية".

ويعتقد المستشار المالي لرئيس الحكومة، أن واشنطن "لا ترغب في انتقام شامل من العراق، ما يجري لا يعدو موجة من ماكنة التهديدات الإعلامية في إطار ضغط سياسي حتى اللحظة"، فيما يؤكد أن "أي شيء ضار لم يطال الاقتصاد العراقي على أرض الواقع، سوى سلوك فردي خلاصته القلق والتحسب".

كما يشير، إلى أن ذلك السلوك "لم ينعكس على تفاقم الطلب الكلي على السلع والخدمات أو إحداث تأثير في المستوى العام للأسعار أو التضخم كما يسمى، باستثناء تقلبات جزئية حدثت ولساعات في سعر صرف الدينار مقابل الدولار في الأسواق الثانوية خلال الأيام القليلة الماضية، إزاء قوة البنك المركزي العراقي في ضبط السوق ومناسيب السيولة فيها، لامتلاكه وسائل تدخل في التصدي لأي موجات مضاربة سعرية ضارة تحصل في سوق الصرف، بحكم احتياطياته العالية وحسن التنسيق والتدبير مع البنك الاحتياطي الفيديرالي الأمريكي نفسه".

أكد أن العقوبات التي قد تفرض على العراق لن تكون أممية ما يعني نشوء تكتل جديد يضم العراق وإيران وروسيا والصين

وعلى الرغم من ذلك، تطرق الخبير الاقتصادي إلى احتمالية شن واشنطن حصارًا اقتصاديًا على البلاد، أو عقوبات أو مقاطعة اقتصادية أمريكية جذرية ذات تأثير سلبي بحق 40 مليون عراقي، موضحًا أن ذلك سيعني أن "الولايات المتحدة قد غامرت بمشروعها في العراق الذي أسست له في احتلال 2003، وفقدت مصالحها الجيوسياسية في غرب آسيا، وهو شبه هزيمة قاسية وضرب لمصالحها في المنطقة".

وبين، أن "دولة مثل الولايات المتحدة لن تفعل ذلك إطلاقًا مهما كلف الأمر ولن تخسر صداقة العراق في ظل معطيات النظام السياسي القائم حاليًا كنظام ديمقراطي قام على انقاض دكتاتورية شرسة"، فيما وصف التهديدات الأمريكية بـ "حملة سيكولوجية تفسر من وجهة نظر علم الاقتصاد السلوكي، كمحصلة للصراع والتصعيد بين الطرفين على الرغم مما يتركه من حسابات لإدارة المخاطر الاقتصادية هنا وهناك أحيانًا، وتمثل جزءًا من الحرب النفسية للتخويف وإشاعة الهلع بين الناس، التي عادةً ما يطلقها المضاربون ومغتنمو الفرص لتحقيق الربح الطارئ في أجواء رديئة غير نقية".

كما أشار الخبير الاقتصادي، إلى سيناريو آخر وصفه بـ "التخيلي"، يستعرض النتائج في حال قررت الولايات المتحدة الأمريكية فعلًا محاصرة العراق أو فرض عقوبات اقتصادية قاسية ضده.

اقرأ/ي أيضًا: القصة الكاملة لاغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد

قال صالح، إن "العقوبات ابتداءً لن تكون أميية مثلما حصل عام 1990 في حرب الكويت، إذ ستدفع الولايات المتحدة، على وفق هذا السيناريو، بالعراق إلى إيجاد حلفاء دوليين آخرين للعيش والخروج من المأزق الاقتصادي المدمر وفقدان الأمل بالمستقبل، أي أن ثمة فسحة لدخول العراق إلى مشهد جيوسياسي يمكن تسميته خيالاً بمربع القوة الجديد".

وأضاف مستشار رئيس الحكومة، أن ذلك يعني "نشوء تكتل ضمن التوجه العالمي الحالي قد يضم: العراق وإيران والصين وروسيا، وهذا ما تخشاه أمريكا باعتباره فقدانًا للعراق كدولة صديقة محبة للحرية والسلام ودولة بعيدة عن سياسة المحاور تمامًا".

استبعد مستشار رئيس الحكومة تمامًا لجوء واشنطن إلى فرض حصار اقتصادي على العراق لما يعنيه ذلك من مغامرة لمشروعها في البلاد

وبين، أن مثل هذا الإجراء الأمريكي "سيدفع البلاد إلى التعاطي مع مفاتيح كتلة اقتصادية وجيوسياسية جديدة تحمي مصالح الشعب من شراسة العقوبات والمرور بتجارب مدمرة للإنسانية و تعقيم التنمية والرخاء الاقتصادي".

وختم مظهر محمد صالح، بالتقليل من إمكانية لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى عقوبات شاملة ضد العراق، لما ستخسره واشنطن بالمقابل من صداقة مع "بلد متوازن في سياسته الخارجية القائمة على نبذ المحاور والساعية إلى التعاون الإيجابي الدولي والإقليمي"، على حد تعبيره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أسباب "كارثة" موازنة 2020.. هل ستؤثر على رواتب موظفي الدولة؟

"شرعنة المليارات المسروقة".. القصّة الكاملة لغسيل الأموال في العراق