07-يونيو-2021

الوضع الراهن يضع النظام في دائرة المراقبة الدولية (Getty)

مع كل حديث عن انتخابات تشرين يتصدر خيار المقاطعة نقاشات محتدمة تصل حد الجدل حول الجدوى ومسار المتفقين والمعارضين.

ويؤكد المقاطعون على أن خيارهم هذه المرة لن يقتصر على العزوف عن الانتخابات كما في عام 2018، استنادًا إلى المتغيرات التي فرضتها الاحتجاجات العراقية والتي تبلورت في جانب منها إلى تنظيمات سياسية قد تكون نواة جبهة معارضة سياسية وشعبية ذات صفة قانونية يمكنها التواصل مع الأطراف الدولية.

تدور مناقشات محتدمة وجدال حول جدوى خيار المشاركة في الانتخابات المقبلة أو مقاطعتها 

بالمقابل يعول المشاركون على جبهة معارضة من الداخل، لا تشارك في الأعراف المحاصصاتية المتبعة بعد 2003، وتعمل على فضح كل ما ينافي السياقات القانونية والديمقراطية، لكن المقاطعين يرون في هذا الخيار "مغامرة غير مضمونة النتائج"، بظل انتشار السلاح، وهيمنة القوى التقليدية على مؤسسات الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: تحذير برلمانيّ.. زعماء سياسيون يدبّرون خطة لـ "سرقة" انتخابات تشرين

ويقول المتجهون إلى خيار المقاطعة إنّ مسارًا واحدًا فقط يمكن أنّ يحملهم إلى صناديق الاقتراع يمر عبر اشتراطات من بينها ضبط السلاح وإنهاء حالة الإفلات من العقاب بمحاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين، فضلاً عن تفعيل قانون الأحزاب وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة بعيدًا عن تمثيل الطائفي.

المجتمع الدولي "محرج"!

ويتفق رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، مع خيار المقاطعة، ويعلل موقفه باعتبار استحقاق تشرين الأول/أكتوبر "تقويضًا لشرعية هذا النظام بشكل كبير، خاصة وأنّ الانتخابات مبكرة، وليست في الإطار الدستوري المنصوص عليه، بل جاءت نتيجة الاحتجاجات".

ويرى الشمري، أنّ "عدم مشاركة القوى الناشئة التي تحسب على تشرين، سيضرب الانتخابات المبكرة بمقتل، باعتبارها مطلبًا أساسيًا للمتظاهرين كما تحرص قوى السلطة على وصفها"، مبينًا أنّ "المجتمع الدولي سيكون متفحصًا لهذه المعطيات، ويأخذ بنظر الاعتبار عودة سيطرة القوى التقليدية على القرار السياسي".

ويقول الشمري في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، يحدث لأول مرة بشأن العراق، إذا حدد في الفقرة الثانية (أ) وجود مراقبة دولية وزيادة الرقعة الجغرافية لبعثة المراقبة، والأهم هو اشتراطه تقديم تقرير للأمين العام، وهذا القرار يحمل دلالات قوية، كونه صدر من مجلس الأمن الدولي، وليس الجمعية العمومية للأمم المتحدة".

ويعول الشمري، على أثر هذا القرار، والتقرير الذي سيرفعه الفريق الأممي المراقب للانتخابات "في بلورة قرار من مجلس الأمن الدولي حصرًا ضد النظام القائم، بعد الإحراج الذي وقع فيه المجتمع الدولي نتيجة تحول قوى السلطة في العراق إلى نظام  استبداي لا يراعي حقوق الإنسان ويسود فيه السلاح المنفلت، ما يعني عمليًا زعزعة شرعية هذا النظام وتمهيدًا لتغيير الخارطة السياسية".

ويضيف الشمري، أنّ "الوضع الراهن يضع النظام القائم في دائرة المراقبة الدولية على مستوى لا يقتصر على الانتخابات، بل المخاوف من تحول العراق إلى دولة تهدد السلم والأمن المجتمعي، خاصة بوجود الجماعات المسلحة التي عملت على تهديد بعض دول الجوار، والبعثات الدبلوماسية، وهذا يحفز المجتمع الدولي على التعامل بمعايير جديدة مع العملية السياسية، قد تصل لفرض عقوبات على بعض الجهات".

وحول المعايير التي سيستند إليها المجتمع الدولي لتقييم الوضع في البلاد، يقول الشمري، إنّ "هناك معايير لكل مفصل من العملية الانتخابية، وهي لا ترتبط بمسألة بيع بطاقات الناخبين وتزوير الأصوات فقط، وإنما تبدأ من الدعاية الانتخابية وصولاً إلى مرحلة إعلان النتائج، وعدم مطابقة هذه المعايير للمنظومة العالمية، سيجعل من الانتخابات مزورة".

"خيبة أمل!"

وعلى الرغم من اتفاق شريحة كبيرة من الناشطين وصناع الرأي على غياب أي مؤشرات لتغيير حقيقي، إلاّ أنّ بعضهم يرى أنّ خيار المقاطعة قد يصيب جمهور الاحتجاجات بشيء من "خيبة الأمل".

ويفسر الأكاديمي دياري الفيلي، ذلك بالإشارة إلى أنّ "حركة الاحتجاجات نجحت بشكل كبير في حصد تعاطف مجتمعي، وهذا ما يخشاه خصوم الاحتجاج، وعدم استثمار الحظة قد يعني ضياع فرصة التجربة".

ويقول الفيلي في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "المقاطعة بحد ذاتها لن تقود إلى تغيير المشهد الانتخابي، والمشاركة في بعدها العام كذلك، لكنها قضية لا مفر منها، لمعرفة آليات الانتخابات وشروطها، وخوضها لتمحيصها".

ويوضح، أنّ "التنظيمات السياسية المنبثقة من تشرين بحاجة إلى احتكاك مباشر مع سايكلوجية العملية الانتخابية، والتعرف على توجهات الجمهور وكيفية التأثير على قرارهم من قبل الأطراف التي تملك المال والإعلام، ولا يمكن كسر هذا الاحتكار إلا من خلال التجربة".

يعول المقاطعون على القوى السياسية الجديدة لخلق نواة معارضة مقابل أصوات ترى في المقاطعة "مغامرة غير مضمونة"

ولا يعول الفيلي على إنجاز تغيير حقيقي حتى في حال التسليم بحصول القوى المنبثقة من الاحتجاجات على مقاعد في مجلس النواب، لكن ذلك قد يقود إلى "فضح تسويات وألاعيب قوى السلطة"، كما يرى، ليؤسس مستقبلاً لإنتاج تحول مجتمعي أكبر.

ويشترط الفيلي في المقاطعة أنّ تكون قادرة على "الإخلال في شرعية الانتخابات، وإقناع جمهور واسع بعدم المشاركة"، مشيرًا إلى أنّ "الذهاب إلى خيار المقاطعة دون ذلك، يعني مغامرة تضيع على الحركة الاحتجاجية إمكانية وإن كانت بسيطة في بلورة نواة استراتيجية تحدث تحولات في المدى البعيد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد موعدين.. هل سيتمّ تأجيل موعد الانتخابات المبكرة مرة ثالثة؟

مقاطعة الانتخابات العراقية.. مواجهة سلمية ضد محاصصة ما بعد الغزو الأمريكي