03-مايو-2021

تتلخص حكايات المقالب حاليًا بوضع الضيف تحت ضغط الموت (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

في خضم التنافس الفنّي المميّز خلال الموسم الرمضاني الحالي والأعمال المختلفة التي لاقت استحسان الجمهور لما حاولت معالجته من قضايا اجتماعيّة وسياسيّة تسعى إلى تعزيز السلم الاجتماعي بالدرجة الأولى، ظهرت بالمقابل أعمالًا من المفترض أنها "كوميديّة"، تأتي على النقيض تمامًا من الأعمال الأخرى وتكرّس مشهد العنف و"المزاح" عبر الأسلحة النارية، بالإضافة إلى تعريض ضيوف المقالب في هذه البرامج إلى "الإهانة"، وإظهارهم بمظهر ذليل، وفقًا لمتابعين.

 ظهرت أعمالًا من المفترض أنها "كوميديّة" في رمضان لكنها تكرّس مشهد العنف و"المزاح" عبر الأسلحة النارية

"طنب رسلان" و"طلقة توني" وبرامج أخرى بُثّت على شاشات عراقية، تتلخص فكرتها بمقالب تطيح بفنانين عراقيين وشعراء عبر تخويفهم بالسلاح وتوجيه فوهات بنادق على رأس الضيف الضحيّة، في مشاهد لا تدعو للضحك ولايوجد فيها ماهو كوميدي، بحسب مختصين، وبينما برر القائمون على برنامج "طنب رسلان" بأن البرنامج يهدف إلى "إظهار وحشيّة داعش والسخرية منهم"، والتذكير بـ"بطولات الحشد الشعبي والجيش" الذي يأتي لينقذ الضحيّة الفنان بعد أن يقع أسيرًا بيد تنظيم "داعش" خلال حملة إنسانية لإحدى العوائل في المناطق المحرّرة، إلا أن مهتمين بالشأن الفني ومختصين، أكدوا على أن البرامج من هذا النوع أعطت رسائلًا سلبيّة وعكسيّة قد تصل إلى مرحلة "الترويج لداعش وقوتهم وأن المناطق المحررة غير آمنة".

ما هي فكرة المقالب؟

ويقول الكاتب والممثل الناشئ مصطفى بهجت في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "فكرة المقالب فيما سبق كانت تتلخص بوضع الناس في موقف محرج وصادم تجعل من الموقف جميعه مضحكًا بحسب ردود فعل الأشخاص ضحيّة المقلب، وبينما كانت تتم على أكثر من شخص وتركز على تحويل الموقف كله مضحكًا تطورت المقالب إلى التركيز على جعل الضيوف نجوم وفنانين معروفين وجعل كل واحد منهم أضحوكة يتركز المقلب على شخصهم".

اقرأ/ي أيضًا: هيئة الإعلام والاتصالات تقرر إيقاف "طنب رسلان" و "طلقة توني"

ويضيف أن "تشوه المقالب ابتدأ من رحلة الفنان رامز جلال خلال المواسم الـ6 الماضية، عندما انتقلت المقالب إلى ساديّة واضحة تُمعن في إهانة الضيف والاستمتاع بتعذيبه، وهو الأمر الذي بدأ العراقيون يجترونه ويقلدونه للأسف، حيث تطغي الساديّة على المقالب التي يشهدها الموسم الرمضاني الحالي التي طغى عليها استخدام السلاح".

ويبيّن أن "محتوى هذه البرامج تتركز على إهانة وتعذيب الضيف وبالطبع يتطلب الأمر تدخل نقابة الفنانين وهيئة الإعلام والاتصالات لمراقبة وإيقاف هذه البرامج".

ويرى بهجت أن "العراقيين جديّين وليسوا ذوي دم خفيف أو مرحبين بالنكتة، ولذلك برامج الكاميرا الخفيّة فشلت طوال السنين الماضية في العراق كون الشخص الضحيّة سيكون لديه رد فعل عنيف، لذا فأن برامج كهذه تُنفذ بعد اتفاق مع الضيف الفنان الذي يوافق أن يظهر في هذه البرامج لمقابل مادي وغيرها من الاعتبارات"، إلا أنه وبالرغم من الاتفاق المسبق، فإن ليس كل تفاصيل المقلب سيكون الضيف على علم بها، ما يجعله أحيانًا عرضة لمواقف تسيء إليه، والأمر لا يتعلق بالفنان فحسب، بل أن الآثار السلبية تمتد إلى الشارع والمشاهد ولا تقتصر على الضيف الضحيّة".

ما هي المحددات الأخلاقية للمقالب؟

يتفق الكاتب والممثل الذي بدأ مشواره بالكوميديا وامتد إلى الرسائل الدرامية هذا العام أحمد وحيد، حول وجود "تحوّل" بفكرة المقالب عمومًا من الاستفزاز إلى الإهانة، ويبين وحيد في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "فكرة المقالب بدأت في العالم وتحديدًا الغرب، منذ عقود طويلة، وعلى الصعيد العربي ابتدأها فؤاد المهندس قبل 30 أو 40 سنة، وإذا كان هنالك تجربة سابقة إلا أن تجربة المهندس كانت الأبرز في هذا المجال".

ويتطرق وحيد إلى سبب كون برامج المقالب قديمًا كانت جميلة وأصبحت الآن "مقززة"، يعود إلى الاختلاف في التناول، والذي يتمثل بالفرق بين "استفزاز المقابل أو الضيف وتنتظر ردّة فعله، وبين انتظار ردّة فعله بعد إهانته".

تتلخص حكايات المقالب حاليًا بوضع الضيف تحت ضغط الموت وانتظار ردّة فعله

ويكمل وحيد أن "ما كنّا نشاهده من مقالب قادرة على إضحاكنا والذي بعضه مستمر حتى اليوم مثل برنامج المقالب الكندي just for laughs، فهو لاستمرار التزام هذه البرامج بمعايير المقالب، وهو الاستفزاز غير المباشر وتتنوع على أساسه ردود فعل ضحيّة المقلب، وأحيانًا تكون مضحكة وأحيانًا يكون رده مضحكًا أكثر من المقلب ويقع صاحب المقلب هو الضحيّة".

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام يعيد "داعش" إلى الموصل

وما بدأ يحصل مؤخرًا من مقالب رامز جلال وما تبعه ولا سيما في العراق مؤخرًا، هو مقالب تتلخص بوضع الضيف تحت ضغط الموت، وانتظار ردّة الفعل، بحسب وحيد الذي يكمل متسائلًا: "ما هي ردة الفعل التي تنتظرها مني وأنا أمام الموت غير الصراخ والاستنجاد والتوسل مهما كنت شجاعًا؟ وما هو المضحك في أن تراني أصرخ أو أستنجد؟".

ويطرح وحيد مثالًا على أفكار لمقالب قديمة تتلخص بأن تكون ماشيًا وبعد دقائق ستجد شخصًا يسير خلفك وبعد دقيقة يأتي شخص ثالث يسير خلفكما، وبعد فترة وجيزة تلتفت لتجد قطار بشري كبير يسير خلفك دون أن تفهم ماذا يحدث ويجعلك في موقف لا تعرف كيف تتصرف تجاهه، وربما يدفعك للضحك أو الاستفزاز أو يجعلك تركض وجميع ردود الفعل حينها ستكون مضحكة، فهي تعتمد على الاستفزاز مع الاحتفاظ بكرامة الضيف بالكامل دون إهانته.

موافقة الضيف.. مشكلة تواجه نقابة الفنانين

ويقول نقيب الفنانين الدكتور جبار جودي، إنه "لا سلطة للنقابة بالنسبة لبرامج الكاميرا الخفية أو المقالب سوى مخاطبة هيئة الإعلام والاتصالات"، إلا أن المشكلة الأكبر التي تواجه النقابة بحسب جودي هو أن "يكون الفنان موافقًا على الظهور بهذه الطريقة لأن يكون قد استلم أجرًا ماليًا مسبقًا مقابل الظهور،  وإذا كانت هناك إساءة، فالإساءة ستكون لشخصه وليس لعموم الفنانين".

ويضيف جودي: "بالمقابل نرى في التنوع عافية لا نريد أن نكون سيفًا مسلطًا على رقاب الآخرين ولا نعمد على التضييق على الناس وخياراتهم".

لكن الشاعر ومقدم البرامج أثير التميمي وهو ضيف سقط ضحية إحدى هذه البرامج العراقية التي تعرض حاليًا خلال شهر رمضان، نفى خلال حديث لـ"ألترا عراق" أن يكون التصوير أو المقلب متفق عليه مسبقًا، وأن رد فعله كان عفويًا وشعر بالخوف الشديد بالفعل وهو تحت تهديد السلاح.

وبينما رفض التميمي "تقييم" البرنامج الذي وقع ضحية إحدى مقالبه، إلا أنه أكد "رفضه وضد فكرة موضوع الكاميرا الخفية تمامًا لأن بعض البرامج هي إهانة"، بحسب وصفه.

بعد بث نحو 20 حلقة، قررت هيئة الإعلام والاتصالات إيقاف بث برنامج طنب رسلان وطلقة توني لمخالفتهما لوائح البث الإعلامي

وكان الشاعر عباس عبد الحسن المقرّب من التيار الصدري، أحد أبرز ضحايا هذه البرامج، وما تحمله من تبعات وأثر نفسي سلبي على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ظهوره بموقف ضعيف وهو "يستنجد بعناصر داعش الافتراضيين" أثناء اختطافه ويصفهم بـ"أهل الغيرة العراقيين" في محاولة لتخليص نفسه من الموت، في الوقت الذي كان لعبد الحسن قصائدًا في محافل كثيرة "يسخر" فيها من "داعش"، ليكون رد الفعل هذا مصداق لما وصفه المختصون بأنه "ترويج" لداعش وإظهارهم بمظهر القوّة.

وبعد بث نحو 20 حلقة، قررت هيئة الإعلام والاتصالات، إيقاف بث برنامج طنب رسلان وطلقة توني لمخالفتهما لوائح البث الإعلامي، الأمر الذي اعتبره رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنه "جاء متأخرًا" وكان من المفترض أن يتم بوقت مبكر.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هستيريا الطشّة: دراما على خطى "إعلام البرتقالة"

منافسة عالمية وصفاء السراي حاضرًا.. موسم "ساخن" لدراما رمضان في العراق