07-مايو-2022
مجلس النواب

القوى السياسية بدأت تتبادل في إعطاء المهل لبعضها البعض (فيسبوك)

القوى السياسية وبعد سبعة أشهر من السجال حول تشكيل الحكومة، انتقلت إلى أسلوب جديد وهو تبادل إعطاء المهل لبعضها البعض، فبعد أن انتهت مهلة الأربعين يومًا التي قدمها التيار للإطار، قدم الإطار عرضًا للمستقلين بأن يبادروا هم بتشكيل الحكومة بشرط ضمان حقوق المكون الشيعي فيها، إذ يلاحظ بأن الإطار أخذ مؤخرًا بطرح هذا الشرط ليظهر بمظهر المدافع عن "حقوق الشيعة"، في مقابل التيار الذي يعد نفسه الأجدر بـ"تمثيل الشيعة"، لأنه هو من فاز في الانتخابات ، مع أن المحافظات التي يسكنها غالبية شيعية - ونأسف لإطلاق هذه التسميات - هي الأقل إعمارًا والأسوأ من ناحية الخدمات من بين المحافظات العراقية الأخرى، لأن الاهتمام بحقوقها لم يكن هو الشغل الشاغل طوال 18 سنة للقوى التي تمثلها في البرلمان والحكومة بعد أن انشغلت عنها بالمكاسب والامتيازات. 

ثم تلى عرض الإطار للمستقلين، عرض من التيار لهم ومهلة أمدها خمسة عشر يومًا لتشكيل حكومة بمعزل عنه، وفي حال لم يتوفقوا، فليس من الغريب أن يستمر السجال بين هذه القوى ويستمر تبادل المهل بينها من دون نتيجة تذكر ما دام الجميع مصرًا على شروطه ومواقفه المسبقة.

إن أخطر ما في الواقع الحالي للبلاد ليس فقط الانسداد السياسي وعقدته انتخاب رئيس جمهورية متفق عليه من القوى السياسية، بل واقع العراق الهش وظروفه العامة المنذرة بمخاطر كبيرة ، أسوأها عودة الإرهاب من جديد، فضلًا عن الصراعات الداخلية التي قد تنشب في أي لحظة لتطيح بكل شيء، أما الفساد، فلا يمكن لأحد أن ينكر أثر الأزمات في استفحاله. إذ تعد الأزمة الحالية فرصة كبيرة يمكن للفاسدين استغلالها في مواصلة نهب أموال الدولة واستنزاف مقدراتها الذي لم يتوقف منذ السقوط وإلى الآن.

ما يفرض على الشعب ممثلًا بناشطيه أن يقول كلمته في مواجهة هذه المخاطر، فيضع حدًا للمخاطرين باستقراره و المتلاعبين بمصيره، ليكون هو - هذه المرة - من يعطي مهلة تشكيل الحكومة، فإذا كان من حق القوى السياسية أن تقدم مهلًا لتشكيل الحكومة لبعضها البعض، فإنّ من حق الشعب أن يقدم مهلة للقوى السياسية لنفس الغرض، فمن شأن موقف شعبي قوي أن يسهم في الإسراع بتشكيل الحكومة بعد أن تشعر القوى السياسية بأن بقاء الشعب في الانتظار لن يستمر إلى الأبد، فلدى الشعب خيارات أخرى فيما إذا طال أمد تشكيل الحكومة، منها - وهذا أمر لا مناص منه أيضًا - تحريك الأمور نحو حل البرلمان، فضلًا عن تشكيل حكومة مؤقتة يتكون أعضاؤها من الأكاديميين المستقلين أو أي حل آخر إلى حين إجراء انتخابات جديدة.