رأي

من القات اليمني إلى حبوب الهلوسة العربية

9 September 2015
YEM_080401_191_xw_xgaplus.jpg
سوق لبيع القات 2008 (Getty)
أحمد شوقي أحمد
أحمد شوقي أحمد كاتب وصحفي من اليمن

عشرات القذائف والصواريخ التي تمطر بها مليشيا الحوثي وصالح أحياء مدينتنا تعز، بينما أسامرها وأمضغ القات غير مكترث. أصبحت أقل ميلًا للسهر منذ بدء هذه الحرب، فالموت ينتظر خلف النافذة ولا شيء يدعو للسهر أو للأرق، ولحسن الحظ: حينا مستهدف بالقصف وليس منطقة تماس، بمعنى، تستطيع بعض اﻷحياء الخروج لانتشال الجثث قبل أن تصبح طعامًا للكلاب.

تحول القات إلى ركيزة في سلوك يمنيّ لا يجد طريقة لاحتمال العيش في بلد بات أشبه بغرفة تعذيب

من المؤسف حقًا، وأنت تنتظر تطاير أشلائك بصاروخ متهور يهب من الغرب، أو قذيفة وقحة تزورك في هذا الوقت المتأخر من الليل، أن تقضي ما قد يصبح آخر اللحظات وأهمها في تاريخك، إذا ما كان يسمح للموتى برؤية اﻷحلام أو الكوابيس في قبورهم، وأنت تمضغ أوراق قات رديء، بالذات وأنت ناشط سابق في جمعية مكافحة أضرار القات!

لكن، وما دام اﻷمر متعلقًا بلحظاتك اﻷخيرة، فاﻷجدر أن تستمتع بها، وإذا كنت في بلد ليس به متع سوى الحرب والقات، فإن هذا الأخير سيغدو متعة وصك غفران معًا. يقول صديقي: ابتعد عن اﻷشجار وكن مع الماء، مهما كانت خطورته فيه فهو أقل ضررًا من الشجر، صاحبي يتحدّى غالبية اليمنيين الذين يفضلون القات ﻷنه "حلال" بفتوى بعض شيوخ الدين، ومع أني أصادق على صديقي، لكن القات عندي يتعلق بأمرين: رمزيته الوطنية "حلال ومتاح"، وإدمانه السلوكي غير البيولوجي، يعني هذا أن القات يمكن الإقلاع عنه، وإدمانه يتعلق بطقس اجتماعي وليس بخلل بيولوجي كما يحدث في باقي أنواع المخدرات. 

بالنسبة لمجتمع يقضي حياته متنقلًا بين النقرة والدحديرة، فلا عجب في أن يتحول تناول القات من عادة في طريقها للاختفاء، إلى ركيزة أساسية في سلوك اليمني المسكين الذي لم يجد طريقة لاحتمال العيش في بلد غدا أشبه بغرفة تعذيب. 

أما بخصوص رئيس الغرفة، صالح، فقد كان من أشد المدافعين عن القات، باعتباره بديلًا عن الخمر والمخدرات وباقي المكيفات الضارة، ولعل كثيرًا من أنصاره معجبون بدفاعه الذي فلسفه لشرعنة الفساد، إذ من المشروع تقريبًا لموظف حكومي أن يرتشي لشراء القات، وأصبحت "حق القات" كلمة السر النافذة لمخالفة القانون أو تطبيقه.

سر القات الباتع، أضاف عليه هالات من التبجيل تقترب من التقديس، ففي المظاهر المسلحة إبان أزمة ثورة 2011، كانت جنود صالح وخصمه المنظم للثورة، محسن، يقضون مقيلهم معًا، فترة بعد الظهر، وحتى صلاة العصر إذ يمر بعدها وقت يسير قبل أن يعود الفريقان إلى متاريسهما ويبدأ الوضع بالتوتر وربما الاشتباك! 

للقات قصص وشجون كثيرة لا أستحب الحديث فيها.. ولعل صاحبي الفلسطيني الذي اقترح علي كتابة هذه المقالة متضمنة نصيحة لإخواننا العرب في سوريا والعراق وليبيا الذين دفعتهم الحرب للبحث عن حبوب الهلوسة والمخدرات لتجاوز معاناتهم بالقات اﻷقل ضررًا، أجدر لسابقة له في العناء، أن يشرح لنا جميعا كيف عاش الفلسطينيون مأساتهم بكثير من الصبر وقليل من المكيفات؟! أم أن ظلم ذوي القربى لا صبر عليه إلا بمهلكات العصب ومتلفات العقل؟!

الكلمات المفتاحية

.

بزشگيان.. "يلتسن إيران"

سيناريو إيراني شبيه بـ"تفكك الاتحاد السوفيتي"


الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة

الأنبار العلواني
سياسة

خاص| جلسة في الأنبار أنقذت أحمد العلواني من حكم إعدام معلق منذ 11 عامًا

قرر القضاء إطلاق سراح أحمد العلواني بعد نحو 11 عامًا من تلقيه حكمًا بالإعدام شنقًا حتى الموت بالاستناد إلى قانون العفو العام المعدل

جواد محسن
ثقافة وفنون

العراق يودع مطرب "قطار العمر".. جواد محسن رحل إثر سكتة مفاجئة

نعت وزارة الثقافة والسياحة والآثار وفاة الفنان العراقي جواد محسن الذي توقف إثر سكتة قلبية مفاجئة


واسط
راصد

منع "البرمودة" في واسط.. الشرطة تصدر توضيحًا إثر انتقادات وردود ساخرة

أثار قرار منع ارتداء "البرمودة" ردودًا غاضبة وأخرى ساخرة ما دفع الشرطة إلى إصدار توضيح رسمي

نفط
سياسة

العراق يقدم أدلة البراءة من النفط الإيراني ويشعل الغضب في طهران.. القصة الكاملة

اشتعل سجال بين العراق وإيران على خلفية معلومات كشفها وزير النفط العراقي عن عمليات تهريب نفط إيراني تجري وفق وثائق عراقية مزورة

الأكثر قراءة

1
مجتمع

تقارير برلمانية تؤشر ازدياد حالات التسمم الغذائي لمرتادي المطاعم وطالبي "الدلفري"


2
منوعات

الاتحاد الدولي يدرس طلب العراق العاجل قبل مواجهة الأردن في تصفيات المونديال


3
سياسة

خاص| العراق أصبح بـ19 محافظة.. تفاصيل استحداث "حلبجة" والخلافات السياسية والقانونية حولها


4
مجتمع

التربية: المفصولون بالغياب غير مشمولين بالدخول الشامل


5
أخبار

المفوضية: عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات 2025 يتجاوز 29 مليون عراقي