18-نوفمبر-2019

أصحاب المواكب الحسينية جاءوا من زيارة الأربعينية إلى ساحة التحرير (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

قد يبدو السؤال منطقيًا عن الداعم لملايين المحتجين، المئات من أطنان الطعام والمشروبات تقدم مجانًا، تتعالى أصوات أصحاب المواكب لدعوة المتظاهرين لتناول ما يقدمون، فيما يتم التوزيع وفق نظام الأهمية يبدأ من الخطوط الأمامية للاحتجاج بالإضافة إلى معتصمي المطعم التركي والخيام في أماكن الاعتصام.

المواد اللوجستية من الطعام والشراب تكدست بكميات كبيرة في خيم الاعتصام، ما دفع شباب إلى العمل على توفير حاجات نوعية يحتاجها المتظاهر

في ساحة التحرير معالجات فورية لكل مستحدث، حيث كان الشباب في أول يومين يحملون الأغطية المبللة بالماء لمعالجة قنابل الغاز المسيل للدموع، وسرعان ما وزعت الكفوف على المتظاهرين والحاويات الصغيرة.

اقرأ/ي أيضًا: نريد وطن!

"اللوجستك" الشعبي.. حاجات نوعية

تراهن السلطة العراقية على عامل الزمن والمطاولة للمحتجين ونفاد صبرهم ومؤونتهم، بحسب مراقبين، لكن المواد اللوجستية من الطعام والشراب تكدست بكميات كبيرة في خيم الاعتصام، ما دفع شباب إلى العمل على توفير حاجات نوعية يحتاجها شباب الاحتجاج.

عمت الفوضى خلال الأيام الأولى من الاحتجاج على مستوى التنظيم، خاصة وأن قنابل الغاز المسيل للدموع كانت تنهمر طوال اليوم، بحسب علي ناصر، والذي يقول إن "وصول قنابل الغاز المسيل للدموع إلى نقاط بعيدة، بالإضافة إلى كافة أرجاء ساحة التحرير جعل الجميع يعمل على معالجتها وصعب من نصب السرادق وسط الساحة، إلى أن تمكن المحتجون من التقدم على جسر الجمهورية ما شتت اتجاهات ومدى سقوط القنابل".

أضاف ناصر وهو من أوائل المعتصمين في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الأولية كانت في البداية إلى مضاعفة الخيم الاعتصام والعمل على التنسيق مع الخطوط الأمامية والمطعم التركي وأكتاف نهر دجلة لضمان وصول الطعام والحاجات الأساسية إليهم"، لافتًا إلى أن "الطعام يأتي بكميات كبيرة من الأهالي ويوزع في الساحة، فيما تتولى الخيم الرئيسية إيصال وجبات بأوقات منتظمة إلى الخطوط الأمامية بالإضافة إلى السكائر والملابس الداخلية".

اهتم بعض الشباب بمهمة توفير الاحتياجات النوعية، مثل الكفوف والحاويات الصغيرة التي تستخدم لمعالجة القنابل الغازية حيث باتوا أكثر معرفة ودراية بالتعامل معها حتى تحولت معالجتها إلى تسلية، وطباعة اللافتات التوجيهية والتحشيدية، وتنظيم تنظيف الساحة والتنسيق بين الخيم، بحسب ناصر.

الزيارة الأربعينية ميدان التضامن الأكبر

خلال الساعات الأولى بعد البدء بالاعتصام ليلة 25 تشرين الأول/أكتوبر، توافد العشرات من الأهالي حاملين الطعام والشراب بسياراتهم بشكل سريع قبيل نصب السرادق والتهيئة للخدمة الميدانية في الساحة.

الزيارة الأربعينية واحدة من شواهد التضامن الاجتماعي، والتي منحت التراكم المعرفي في تقديم الخدمة بالإضافة إلى المواد والأدوات التي نستخدمها في المواكب

يعتبر علي حسن الحملة الكبيرة التي أمنت كل متطلبات ساحات الاحتجاج طبيعية في سياقات المجتمع العراقي المتضامن اجتماعيًا، ويستند حسن إلى حملات جمع التبرعات للحالات الإنسانية من المرضى والمتعففين.

اقرأ/ي أيضًا: نظرة إيران إلى احتجاجات تشرين.. عداء لشيعة العراق

أضاف حسن في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الزيارة الأربعينية واحدة من شواهد التضامن الاجتماعي، والتي منحتنا تراكم معرفي في تقديم الخدمة بالإضافة إلى المواد والأدوات التي نستخدمها في المواكب، فالمواكب ذاتها بكوادرها وأدواتها هنا في ساحة التحرير منذ انطلاق الاحتجاجات، استبدلوا تفضل "يزاير" بـ"يثائر"، وأمهاتنا وجدّاتنا يملأن الشوارع ويقدمن السياح والشاي مع نداءاتهن الجنوبية ودعواتهن الصادقة".

يجمع أصحاب المواكب الحسينية خلال العام أموال وتبرعات من المواد الغذائية لتقديمها خلال الزيارة الأربعينية للزائرين، وبالعادة يزيد عن الحاجة ما يدفعهم إلى خزنه للعام المقبل، لكن هذا العام استخدموا أصحاب المواكب المواد الفائضة عن الحاجة في ساحة التحرير، بحسب داود سلام، والذي لا يجد فرقًا بين تقديم الخدمة إلى زوار الحسين والمحتجين في ساحة التحرير.

"فيسبوك" جامعًا للتبرعات

غطى العراقيون من خلال "فيسبوك" قبل قطع الإنترنت من قبل السلطات، الاحتجاجات بشكل مستمر على مستوى تقدم المتظاهرين والقمع الذي يتعرضون له أو على مستوى الاحتياجات، والتي كانت في الأيام الأولى بالدرجة الأولى المفارز الطبية الميدانية والمفروشات.

يصف علاء صالح نفسه الحلقة الأضعف في جامعي التبرعات من خلال "فيسبوك"، عازيًا ذلك إلى اعتماده على أصدقائه الخاصين فقط ومعارفه، مؤكدًا أنه "تسلم أكثر من 10 آلاف دولار كتبرعات من مختلف المحافظات وخارج العراق".

يقول صالح في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "استلمت التبرعات المالية، والعينية من أكل وشرب مفروشات، يعمد الكثير إلى إيصال العينية كضمان لاستخدامها بدل تبذير المال بأشياء غير ضرورية بحسب وجهة نظرهم، فيما يعمل البعض على إرسال الأموال ويحدد التبويب الذي يريد أن تصرف فيه مثلًا للطعام ويصل للمطعم التركي أو كتف نهر دجلة أسفل جسر الجمهورية، نحن هنا نتعامل مع الموضوع أخلاقيًا ونعمل على تنفيذه".

أصحاب المواكب الحسينية في ساحة التحرير استبدلوا تفضل "يزاير" بـ"يثائر"، والأمهات يملأن الشوارع ويقدمن السياح والشاي مع نداءاتهن الجنوبية ودعواتهن الصادقة

أضاف صالح "كانت أقل إصابة تُنقل إلى المستشفيات المحيطة بساحة التحرير، مثل حالات الاختناق التي تتجاوز المئات في اليوم الواحد، والإصابات الخفيفة، ما يتطلب وقت أكثر بسبب الزحام في الطريق إلى المستشفيات والخطورة الأمنية على الجرحى من الاعتقال، مستدركًا "لكن عشرات المفارز الطبية التطوعية افتتحت وتحولت إلى مستشفيات ميدانية تقوم بدور كبير خفف الزخم عن المستشفيات"، لافتًا إلى أنها "تعاني من نقص حاد في الأدوية والكوادر، فالوزارة لم تجهز ولم تساعد إلا بنزر قليل، فضلًا عن الضغوطات التي تعانيها كوادر الوزارة".

اقرأ/ي أيضًا: ساحة التحرير.. روح الفريق قيادة للاحتجاجات!

تابع صالح "عملنا على توفير العلاجات من خلال أصدقاء، والتواصل مع مندوبي شركات تسويق الأدوية للحصول عليها، وعدد كبير منهم أبدى مساعدة كبيرة، خاصة في الأدوية التي تستخدم بشكل مستمر لمعالجة حالات الاختناق والعيون المتحسسة بسبب الغازات المسيلة للدموع، فيما نجحنا بتأمين عدد كبير من الأسرّة وأجهزة التنفس المتنقلة والكبيرة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

انتفاضة تشرين.. جيل اليوم في مواجهة النظام الطائفي

العقل الجمعي يقدّم الدروس للمثقف العراقي!