12-يوليو-2017

لاجئون من الموصل (Getty)

على ثلاثة محاور، تقدمت القوات المختلفة، نحو نهر دجلة مدعومة بالطائرات والمعدات الثقيلة تحت شعار "قادمون يا نينوى"، على مدار ستة أشهر، منذ تشرين الأول /أكتوبر 2016، قصف ورصاص وانفجارات ولكن أخيرًا تنتهي العملية العسكرية بإعلان طرد قوات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتحرير نينوى، المحافظة التي تقع فيها مدينة "الموصل"، ثاني أكبر المدن العراقية بعد بغداد، لتنطلق التهاني من البعض ويعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التحرير ورفع العلم العراقي على المنازل المدمرة.

انتشرت التهاني من سياسيين ومثقفين وجماهير عراقية وعربية بعد خبر تحرير الموصل من داعش مع تصاعد الخوف من نعرات الطائفية

القيصر.. أبرز المهنئين

انتشرت التهاني على جميع الأصعدة من سياسيين ومثقفين وجماهير عراقية وعربية بشكل عام، وكانت أبرز التهاني من الفنان العراقي كاظم الساهر، الذي نشر على صفحته الرسمية على فيسبوك مقطعًا مصورًا احتفالًا بـ"التحرير". وهنأ القيصر، الشعب والجيش العراقي بتحرير مدينة الموصل من داعش، وقال: "شكراً لقواتنا المسلحة لجيشنا الباسل، الجيش الباسل المعروف بشجاعته على مر التاريخ. شكراً لكم وأنتم تقدمون للوطن وللشعب هذه الهدية الرائعة".

الفيديو الذي حصد ما يقارب 2 مليون مشاهدة وأعيد نشره لنحو 17 ألف مرة بخلاف الصفحات التي قامت بنشره دون صفحة كاظم الرسمية، أشار فيه الفنان للعذاب الذي شهده أهالي نينوى، وقال "أنتم يا أبناء نينوى الطيبين من كل الأديان والمذاهب، قلوب العراقيين جميعها معكم منذ أن دخلت الموصل الحدباء في بحر من الدماء منذ 4 سنوات.. هنيئاً لنا عودة الموصل الحبيبة إلى حضن العراق".

اقرأ/ي أيضًا: هل حان حقًا موعد الاحتفال بتحرير الموصل؟

الطائفية.. الخوف لا يزال قائمًا

يمكنك خلال مشاهدة فيديو كاظم الساهر التنقل بين التعليقات التي تظهر حالة من الخوف، تحيط بالمشهد العام في الموصل، هو خوف من الصراع الطائفي، التعليقات قد تبدو معتادة علي مواقع التواصل التي تشهد تشكيكًا دائمًا ومتواصلًا، وقد تلاقت مع تصريحات عديد السياسيين المتخوفة من احتقان طائفي والانتقام من المدنيين بحجة مكافحة الإرهاب.

وهكذا تطرح عديد الأسئلة عن وضع المدينة وسكانها والقوات التي دخلتها من الجيش والشرطة والقوات الأجنبية، وكذلك الميليشيات الطائفية، وحقيقة مصير "بقايا داعش" في العراق وسوريا.

 

في الأثناء، نوري المالكي، الذي يرى الكثيرون أن التهميش والإذلال والطائفية التي كان يقودها لمناطق السنة وكذلك فشله في السيطرة على الحدود العراقية، جميعها أسباب ساهمت في سيطرة داعش على عدد من المدن العراقية الكبرى، يواصل منحاه الطائفي من خلال بيان أصدره اعتبر فيه أن المستحق الأول للنصر هو "المرجع الشيعي علي السيستاني، الذي حشد الجهود والإرادات وشحذ همم المجاهدين بفتوى الجهاد الكفائي المبارك"، كما جاء في البيان.

تجاوزات الميليشيات الطائفية في العراق كانت بديلًا مستمرًا لأي تقدم من قوات الجيش العراقي ضد تنظيم الدولة، وكل منطقة عراقية كانت تتخلص من بطش داعش، تسقط فريسة للميليشيات المدعومة من المراجع الشيعية في العراق وإيران.

ويذكر أن محافظ الموصل السابق أثيل النجيفي قد توقع في تشرين الأول/أكتوبر 2016، اشتباكات طائفية بعد تحرير الموصل، قائلًا: "بعد تحرير الموصل قد تندلع اشتباكات طائفية" وحدد "سنجار وتلعفر".

اقرأ/ي أيضًا:  درس الفلوجة في معركة الموصل.. الطائفية سيدة الحشد

داعش إلى أين الآن؟

الفريق الركن عبد الغني الأسدي، قائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية، قال قبل إعلان تحرير الموصل إن "المقاتلين الأجانب لا يستسلمون أبدًا، ولا خيار أمامهم سوى القتال حتى الموت"، ما يعني أن من لم يقتل ينتقل إلى مكان آخر، وهو ما يثير مخاوف كبير لعدة أسباب منها عدم إعلان أي جهة استخباراتية عن وجهة المقاتلين القادمة، وعدم انتهاء تمشيط المدينة التي قد يختبئ بها بعض المقاتلين في انتظار التحرك.

ولا يعني سقوط المدن التي تتحكم فيها داعش انتهاء التنظيم، التنظيمات الجهادية المتشددة تتخذ من استراتيجية "الذئاب المنفردة" خطوة للعودة دون مركزية وتقوم الذئاب المنفردة على خلق الخلايا النائمة البعيدة عن الشكوك الأمنية والقيام بعمليات تفجير وقتل في أماكن متعددة مما يعمل على تشتيت قدرات الأجهزة الأمنية في الدول المختلفة.

الخوف من عودة مقاتلي داعش لمحاولة رد الاعتبار دفع بالقوات الأجنبية وخاصة الأمريكية إلى إعلان البقاء في العراق وفقًا لتصريحات الجنرال ستيفن تاونسند، قائد قوات التحالف، قائلًا: "لا يزال هناك عمل شاق يتعين على العراقيين والتحالف القيام به، والذي قد يستمر لفترات طويلة خاصة".

الوضع الإنساني.. الكارثة الكبرى

وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن نحو 920 ألف مدني فروا من منازلهم ولا يزال هناك ما يقرب من 700 ألف نازح

مدينة مهدمة بالكامل وتحتاج لإعادة إعمار ولكن كل ذلك لم يكن بفاجعة الوضع الإنساني، ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن نحو 920 ألف مدني فروا من منازلهم. ولا يزال هناك ما يقرب من 700 ألف نازح، يعيش نصفهم تقريباً في 19 مخيماً من مخيمات الطوارئ، ومن بين الأحياء السكنية الـ 54 في غرب الموصل، تعرّض 15 حياً سكنياً لأضرار بالغة، كما لحقت أضرار متوسطة بما لا يقل عن 23 حياً سكنياً.

منسق الأمم المتحدة الإنساني للعراق، ليز غراندي، قالت: "من المريح معرفة أن الحملة العسكرية في الموصل تنتهي. قد يكون القتال انتهى لكن الأزمة الإنسانية لم تنته"، وتضيف: "مستويات الصدمة التي نشهدها من بين الأعلى على الإطلاق، إن ما عاناه الناس لا يمكن تصوره، تخطينا أسوأ سيناريو وضعناه منذ شهر".

وتابعت: "فقد الكثيرون ممن فروا كل شيء، يحتاجون الآن إلى المأوى والغذاء والرعاية الصحية والماء والصرف الصحي ومعدات الطوارئ"، وكانت الأمم المتحدة قد وضعت خطة باسم "الاستجابة الإنسانية للعراق"، وتتطلب نحو 985 مليون دولار أمريكي، لم يتم تمويل إلا نحو 43 في المئة فقط منها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تحرير غرب الموصل.. بالقصف العشوائي ودماء المدنيين

لماذا لن تنتهي "داعش" بعد الموصل؟