30-يونيو-2020

تطرح عدة أطراف نفسها كمرجعية للسنة بعيدًا عن المجمع الفقهي (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

بدأت حصيلة سنوات من التشظي السياسي على أساس التوجهات والأحزاب بشأن توزيع المناصب التي تشهدها الساحة  السياسية، إلى الزحف صوب المؤسسات، ولكن هذه المرة على أساس التشظي "الفكري" والمحاصصاتي على حد سواء، وتحديدًا ديوان الوقف السني الذي يستعد لتنصيب الرئيس الجديد له.

أدى مقترح تعديل قانون الوقف السني إلى فتح نقاشات وصلت إلى تحديد مرجعية السنة الحقيقية في العراق 

مقترح مجهول المصدر برز من داخل مجلس النواب لتعديل قانون الوقف السني وتحديدًا الفقرة الثانية من المادة الرابعة، والذي أعطى الحق للنواب خلافًا للسنوات السابقة، بترشيح رئيسًا لديوان الوقف، الأمر الذي أشعل جدلًا في الأوساط السياسية والدينية، وصلت إلى فتح ملف تحديد مرجعية السنة الحقيقية في العراق، وسط وجود تيارات واسعة ومختلفة داخل المذهب والمؤسسات الدينية المعنية به.

اقرأ/ي أيضًا: سوق "المحاصصة الأمريكية" في بلادنا

وخلال السنوات السابقة، وبحسب قانون ديوان الوقف السني، فإن تعيين رئيسًا للديوان محصور بين رئاسة مجلس الوزراء والمجمع الفقهي العراقي الذي يعد الممثل الرسمي للسنة في البلاد، إلا أن المجمع نفسه لا يخلو من وجود أفكار وتوجهات فقهية متعددة داخله، بين حزب إسلامي وأخوان مسلمين وتيار سلفي.

وقدم المجمع الفقهي العراقي، أول الأمس السبت، ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس ديوان الوقف السني، داعيًا رئاسة الوزراء إلى اختيار احدهم.

وكشفت وثيقة صادرة عن المجمع، اطلع عليها "ألترا عراق"، طلب مقدم من كبير علماء المجمع الفقهي العراقي، الشيخ أحمد حسن الطه، عن تقديمه 3 مرشحين لرئاسة الوقف السني إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

وبين الأسماء المرشحة، ابن أخ الطه وزوج ابنته صلاح الدين فليح حسن طه.

وجاء في الطلب الصادر عن المجمع الفقهي، أنه "استنادًا الى البند الثاني، من المادة 4، في قانون الوقف السني رقم 56 لعام 2012 والذي يقضي بترشيح رئيس ديوان الوقف السني، نرسل إليكم أسماء المرشحين: حسين سهيل عبود أحمد، صلاح الدين فليح حسن طه، وقاص عدنان حامد عبد اللطيف". 

جدل واسع اشتعل على خلفية الوثيقة، الأمر الذي أدى لانسحاب المرشح صلاح الدين فليح حسن من ترشيحه حفاظًا على "سمعة عمه رئيس المجمع الفقهي"، فيما أرسل كتابًا إلى المجمع الفقهي لكبار العلماء يطلب فيه سحب ترشيحه لمنصب رئيس ديوان الوقف السني وذلك لما وصفه بـ"الحفاظ على سمعة كبير علماء المجمع الفقهي الشيخ أحمد حسن الطه، ولكي لا يتم استخدام هذا الترشيح للطعن في المجمع".

بالأثناء، انتشر مقترح تعديل لقانون الوقف السني، أعطى حق الترشيح إلى نواب المكون السني في البرلمان، خلافًا لما جرى خلال السنين السابقة.

وجاء في نص الفقرة المعدلة أنه "يكون رئيس الديوان بدرجة وزير ويعين باقتراح من نصف نواب المكون السني زائد واحد، عن طريق ترشيح 3 شخصيات إلى رئيس مجلس النواب لاختيار أحدهم ثم يرسل إلى رئيس مجلس الوزراء لإقراره".

رجل الدين الأول لسنة العراق يدخل على الخط

بيان مزور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، على لسان رجل الدين عبدالملك السعدي، تضمن هجومًا على المجمع الفقهي، مطالبهم بالابتعاد عن السياسية.

ونفى السعدي في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، البيان المنسوب إليه، فما أكد موقفه المساند للمجمع، وعلاقته الطيبة برئيسها أحمد الطه.

حول سبب اقتراح القانون والدخول بصراع مع المجمع الفقهي، قالت النائبة محاسن حمدون إن المحاصصة دفعت إلى هذا المشهد الدائر والخلافات حول المنصب

وقال السعدي في بيانه: "قد علمت أن شخصًا - لا يخاف الله- حاقدًا على المجمع الفقهي قد زور علي كلامًا على المجمع لا يخطر ببالي فضلًا عن أن أقوله أو أكتبه؛ لذا أقول: هل يعقل أن أكتب مذمّة أو نقصًا في المجمع وأقول: أخوكم؟  هذا المزور حاقد على المجمع الفقهي لأحد أمرين: إما له طموح في رئاسة الوقف ولم يرشحه المجمع، أو كان في الوقف وهو غير منسجم معه أو غير مرغوب فيه عنده".

اقرأ/ي أيضًا: عراق "المحاصصة" الطائفية وسلطة ضد الدولة

وأضاف أن "علاقتي بالمجمع علاقة وطيدة وقوية لا سيما مع بعض أعضائه وعلى رأسهم الأخ الفاضل والصديق الماجد والزميل الوفي العلامة الدكتور الشيخ أحمد حسن الطه رعاه الله وحفظه،  فلنا لقاءات معهم بالمواجهة في مكة المكرمة وعن طريق الهاتف كثيرة، إنهم يشاركونني في بعض الأمور بالسؤال والمشورة للحصول على رأيي في المسألة أو الموضوع، المجمع الآن يقدم خدمة علمية ودعوية وله نشاطات جيدة، ولا يسعني إلا أن أتوجه إلى الباري جل شأنه داعيًا له أن يشل يد هذا المزور ليكون عبرة للمزورين". 

خلاف فكري داخل المجمع

لم يقتصر الخلاف حول منصب ديوان الوقف السني على طرفين أحدهما المجمع الفقهي وطرفه الآخر خارج المجمع، بل أن مصادر تحدثت عن خلافات داخل المجمع نفسه، لما يحتويه من توجهات فكرية وتيارات مختلفة، ترفض حصر الأمر بيد رئيسها لوحده، فيما يحتوي المجمع الفقهي على تيارات من الحزب الإسلامي العراقي وحركة الإخوان المسلمين متهمة رئيس الديوان بقربه من الإخوان ومحاولته تنصيب رئيس لديوان الوقف السني من داخل الحركة.

وكشف الخبير الأمني هشام الهاشمي عن الخلافات التي تدب في الأوساط السنية على أساس "التنوع التياري" بشأن منصب رئيس الوقف.

قال الهاشمي في تغريدة رصدها "ألترا عراق" إن "المجمع الفقهي العراقي أعلى مرجعية رسمية لسنة العراق، رشح 3 من موظفي الوقف السني لرئاسة الوقف، ويتصادم مع اعتراض غالبية نواب اتحاد القوى الذين طالبوا بتعديل قانون الترشيح، واعتراض الحزب الإسلامي العراقي الذي طالب بتكليف الوزير السابق نوري الدليمي، وأيضًا اعتراض دار الافتاء السلفية".

وتطرح عدة أطراف نفسها كمرجعية للسنة بعيدًا عن المجمع الفقهي، ولعل أبرزها دار الإفتاء في جامع أم الطبول برئاسة الشيخ مهدي الصميدعي، وجماعة الرباط المحمدي الذين نشطوا بعد عمليات التحرير للمحافظات السنية، فضلًا عن هيئة علماء المسلمين، ورابطة علماء العراق.

النائبة عن تحالف القوى محاسن حمدون تحدثت لـ"ألترا عراق" عن سبب الخلافات التي ربما تشهد لأول مرة بهذه الطريقة حول منصب رئاسة ديوان الوقف السني، خصوصًا بعد مقترح تعديل القانون وإعطاء حق الترشيح للنواب بعيدًا عن المجمع.

قالت حمدون في حديثها لـ"ألترا عراق"، إن "مقترح التعديل صدر من عدد من النواب بالتعاون مع اللجنة القانونية"، مؤكدة أنه "لم يتم حسم أمر المقترح ولم تتخذ أي خطوة جدية تجاهه وغير واضح موقف النواب السنة بشكل عام بشأن هذا المقترح".

وحول سبب اقتراح قانون كهذا والدخول بصراع مع المجمع الفقهي، بينت حمدون أن "المحاصصة دفعت إلى هذا المشهد الدائر والخلافات حول المنصب".

تطرح عدة أطراف نفسها كمرجعية للسنة بعيدًا عن المجمع الفقهي، ولعل أبرزها دار الإفتاء في جامع أم الطبول برئاسة الشيخ مهدي الصميدعي

وحول اقتصار أمر الخلاف على "المحاصصة" بين المجمع وبين نواب البرلمان، أكدت حمدون أن "الخلاف موجود حتى داخل المجمع نفسه، لاحتوائه على تيارات وتوجهات مختلفة ترفض اقتصار الأمر وحق الترشيح ومصادرة القرار من قبل رئيس المجمع الذي يمثل تيارًا فكريًا معينًا دون مشاركة باقي الاتجاهات داخل المجمع".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لعبة الانقسامات

انتفاضة تشرين.. صوت المستقبل