25-سبتمبر-2022
تظاهرات إيران

تتزامن الاحتجاجات الإيرانية للمرة الثانية مع حراك عراقي شعبي (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

بينما يجري الحديث بقوة عن احتجاجات جديدة في الذكرى الثالثة لتظاهرات تشرين/أكتوبر 2019، والتي خلفت آلاف الضحايا بين ضحية قتيل وجريح، تشهد الشوارع الإيرانية حراكًا احتجاجيًا ساخنًا دخل أسبوعه الثاني.

تتزامن الاحتجاجات في إيران مع حراك لتظاهرات جديدة في العراق مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل

واندلعت الاحتجاجات في إيران، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني على يد "شرطة الاخلاق" بسبب الحجاب، فيما تركزت معظم الاحتجاجات في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها أكراد إيران، إلاّ أنّها امتدت أيضًا إلى العاصمة طهران وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء البلاد.

ووصفت هذه الاحتجاجات في إيران بـ "الأسوأ" منذ عام 2019، والتي اندلعت في تشرين الثاني/نوفمبر، أي بالتزامن مع تظاهرات تشرين في العراق، وراح ضحيتها 1500 شخص بحسب إحصاء لـ "رويترز" حينها.

وسقط حتى الآن 35 شخصًا في الاحتجاجات الإيرانية الجارية، وسط أعمال عنف وحرق عدد من مراكز وعجلات الشرطة.

وهذا التزامن هو الثاني بين الاحتجاجات في إيران والعراق، فضلًا عن أنّ السلطة المستهدفة "مشتركة"، وفق ما يرى ناشطون عراقيون، متمثلة بسلطة الولي الفقيه علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني والأذرع المرتبطة به من فصائل مسلحة في العراق، حيث تحظى التظاهرات الإيرانية، إثر ذلك، بتعاطف ومساندة من قبل ناشطين ومتظاهرين عراقيين.

ومن هنا، تُطرح تساؤلات عمّا إذا كانت التظاهرات الإيرانية ستعطي زخمًا، أو ستكون مؤثرة بشكل ما في الحراك التشريني المرتقب، والذي أعلنت اللجنة المركزية المنظمة بأنّه "سيشهد اقتحامًا للمنطقة الخضراء من بوابة ساحة النسور"، وهو تصعيد استباقي غير معلوم التبعات والتطورات.

 

أوجه تشابه بين تشرين وحراك الإيرانيين

ويرى الباحث والمحلل السياسي أحمد الياسري، أنّ "الحركة الاحتجاجية في إيران لا تختلف أساسًا عن تشرين"، مبينًا في حديث لـ "الترا عراق" أنّ "أوجه التشابه بين الحراكين، تتمثل في وصفهما حراكا تحرر اجتماعي داخل منظومة المجتمعات الشيعية، وجغرافيتها هي لبنان والعراق وإيران".

يقول الباحث الياسري إنّ المجتمعات الشيعية تؤثر ببعضها بشكل كبير في ظل تشابه النظام الحاكم في إيران والعراق

ويقول الياسري، إنّ وجه التشابه الآخر يتمثل بكونها "تظاهرات قيمية، لا تشبه ثورة البنزين، أو المطالبات الفئوية والخدمية، فمثلًا تشرين شعارها نريد وطن، وفي إيران الآن الحراك ينادي بحرية المرأة وقيمة الحياة".

أما وجه الشبه الثالث، بحسب الياسري، فيتمثل بما شهدته الاحتجاجات من "حرق مقرات الباسيج واستهداف الحرس الثوري، يقابله حرق مقرات الأحزاب والفصائل في العراق، حيث إن المجتمع الإيراني يرى في الحرس الثوري والباسيج ميليشيات يستخدمها النظام لضربهم، كما حصل في تشرين، وكما يرى المتظاهرون العراقيون في الفصائل المسلحة".

ويؤكد الياسري، أنّ "المشهد واحد في الجانبين"، وأنّ وتظاهرات إيران "ستعطي زخمًا لحراك تشرين المقبل، والذي سينعكس بدوره على الداخل الإيراني أيضًا"، مشيرًا إلى أنّ "ايران كلما ربطت دولة بأمنها القومي تأثرت أكثر وعكسيًا، فعندما تصدر لشعبها أنّها تسيطر على العراق، فأي شيء يحدث في العراق سيؤثر عليها سلبيًا، ونحن كذلك بالعكس".

كما يشير، إلى "وجود ترابط عضوي بين منظومة المجتمعات الشيعية لتؤثر بعضها ببعض".

وفي السياق، يبيّن الياسري أنّ "هناك حركة اجتماعية افقية وتحولات عالمية مجتمعية مستمرة، ففي الفترة المحصورة بين عامي 2018 – 2019، ثارت أكثر من 980 مدينة حول العالم، وهذه الحركة الاجتماعية الشبابية الديمقراطية مرتبطة ببعضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي حددت قيم حياة جديدة وعالمية، وأعادت برمجة وهيكلة فكر وحركة المجتمعات".

 

"حراك غير سياسي.. التأثر مستبعد"!

على النقيض من ذلك، يستبعد الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عقيل عباس، انعكاس الاحتجاجات الإيرانية على الحراك العراقي المقبل.

يستبعد عباس تأثير الاحتجاجات الإيرانية على الحراك العراقي المقبل ما لم تأخذ التظاهرات هناك طابعًا سياسيًا مناهضًا للسلطة

ويقول عباس في حديث لـ "الترا عراق"، "تاريخيًا ما يحصل في إيران اجتماعيا لا ينتقل إلى العراق"، مبينًا أنّ "الاحتجاجات في ايران، بعيدًا عن كيفية تصويرها في العراق، هي ليست ذات أهداف سياسية مثل الإطاحة بالنظام، أو المطالبة بإصلاحات سياسية في النظام، بل هي تتعلق بإصلاحات اجتماعية مرتبطة بالحجاب وغيرها، ومثل هذه القضايا ليست ذات صدى مهم وأساسي في العراق".

ويضيف عباس، "في حال حدث تحول في شكل الاحتجاجات الإيرانية لتأخذ طابعًا سياسيًا ما، فمن الممكن جدًا أن تؤثر بشكل قوي في العراق، خاصة مع تعاظم التدخل الإيراني في الملف السياسي العراقي في الأشهر الماضية، وتأثيرها المباشر على تعطل العملية السياسية بإفشال التحالف الثلاثي ومشروع حكومة الأغلبية".

ويشير عباس، إلى أنّ "العراقيين لا يتابعون الداخل الإيراني، وفهمهم للمعادلات السياسية والمجتمعية في إيران يعد ضعيفًا، لذلك فإنّ التأثير والتأثر أمر مستبعد بشكل عام".