08-مارس-2023
فساد معاملات

وجود المستفيدين من الفساد أهم عقبة في التصدي له (فيسبوك)

أكثر شيء نسمعه في تصريحات المسؤولين وتقارير الحكومة ومقالات الكتاب وأنشطة الساسة، هو موضوع مكافحة الفساد، حتى يخيل للمستمع أو القارئ، أن كل شيء يسير بشكل صحيح، وأن الدولة بأسرها، ساستها ومثقفيها وكوادرها العاملة ومؤسساتها المختلفة، يعملون بكل ما لديهم من جهد لتحقيق ذلك، لكن ما نراه على الواقع يشير إلى تفشي الفساد وتصاعد معدلاته وبنسب وأرقام مخيفة. أي بخلاف ما تعرضه تلك التصريحات، ما يشير إلى أن هذا الجهد ولسبب ما، لا يصل إلى مبتغاه في الحد من هذه الآفة الكاسحة والمدمرة.

وجود جهات مشتركة أو مستفيدة من الفساد في مراكز القرار أو في الوسط السياسي أهم عقبة في التصدي لهذه الظاهرة

إنّ الأقوال والكلمات والأمنيات والرغبات والأدعية، لا تكفي في مواجهة هذه الآفة أو الحد من تأثيراتها ومخاطرها، مثلما لا تكفي أيضًا أي إجراءات أو أفعال ليست مدعمة بدراسات وأبحاث متخصصة تضع خططًا قويمة، يمكن تطبيقها على الأرض بدقة وفاعلية مع توزيع الأدوار والمهام بما يسهم بمشاركة عامة واسعة، فيكون لكل جهة أو مجال من المجالات دوره الأساس في هذه المعركة التي تتسم بالشمول والاتساع، فضلًا عن وجود المخاطر الكبيرة وعدم القدرة على توقع النتائج. 

إن ما يجب أن يدركه الجميع أولًا، هو أن تفشي الفساد وتصاعد معدلاته، لن يؤدي إلى هدر موارد البلد أو إضعاف بنيته الاقتصادية فقط، بل إلى تشويه صورته وسمعته بما في ذلك نظامه السياسي، فضلًا عن تأثير استمرار الفساد وإفلات أصحابه من العقاب في إشاعته بالأوساط الاجتماعية وانزياحه إلى أهم ركنين من أركان أي مجتمع، وهما ركني الأخلاق والثقافة، إذ يصعب وصول الفساد إليهما من نجاح أي إجراءات أو معالجات هدفها تحجيمه والحد منه.

وبالطبع؛ أنّ أهم شيء هو وجود الإرادة الساعية لذلك، فوجود جهات مشتركة أو مستفيدة من الفساد في مراكز القرار أو في الوسط السياسي، هو أهم عقبة في التصدي لهذه الظاهرة، وأهم ما يؤدي إلى فشل أي جهد يعمل على ذلك.. إذ لابد أولًا من إزاحة أي جهة أو طرف له يد في تفشي هذه الظاهرة من المراكز المهمة في الدولة، واستبدالها بجهات نزيهة ومخلصة، وهذا لم يعد صعبًا بوجود صناديق الاقتراع التي تسمح بتداول السلطة بشكل سلمي، شريطة ضمان النزاهة لعملية الاقتراع، ووجود جهات محايدة تحمي ذلك وتنظمه بشكل صحيح.

وبالطبع؛ لا يمكن لأي جهد وطني في مكافحة الفساد أن ينجح من دون تظافر جهود الجميع، فبعد الإرادة السياسية يأتي الدعم سواء الدولي (بالأخص دعم المؤسسة الدولية والإنتربول وغيرهم) أم الشعبي، ومن ذلك دعم المؤسسات سواء التشريعية والدينية والقضائية والحكومية والإعلامية، فضلًا عن دعم المؤسسة التربوية والفعاليات الثقافية والاجتماعية.