07-ديسمبر-2022
محمد شياع السوداني

حكومة شكلتها الأطراف المقربة من إيران (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

منذ تشكيل الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، تتجه الأنظار حول إمكانية إكمال الوساطة العراقية بين السعودية وإيران وسط التحديات الداخلية التي يواجهها السوداني فضلًا عن أنها مشكلة من قبل قوى "الإطار التنسيقي"، المقرّبة من إيران.

واستضافت بغداد منذ نيسان/أبريل، مباحثات مباشرة بين إيران والسعودية، فيما رعى رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي 5 جولات منها.

يرى مراقبون أن حكومة السوداني ستكمل لعب دور الوساطة العراقية بين السعودية وإيران

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، إنّ "لدى حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الرغبة في إكمال لعب دور الوساطة العراقية بالمفاوضات الدبلوماسية بين السعودية وإيران التي جرت عدة جولات لها في بغداد". 

ويرى الشمري في حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ الرغبة لدى حكومة السوداني جاءت من "أساس الرصيد الدبلوماسي بالسياسة الخارجية الذي سيحسب لها ضمن  نجاحها بهذه الفترة تحديدًا"، مبينًا أن "الأمر مرتبط برغبة الطرفين الإيراني والسعودي في الدرجة الأساس".

وتابع أنّ "الجانب الإيراني يبدو متحمسًا لإكمال المفاوضات والصلح مع السعودية، كما لا يزال شبح عدم التوصل لصيغة الاتفاق النووي يقلق إيران ولذلك تريد تصفير مشاكلها في المنطقة، بالإضافة إلى أنّ إيران قد تستغل هذا الفتور بين الرياض وواشنطن لإنشاء علاقة جيدة مع الجانب السعودي لتحقيق تقدم على واشنطن بعلاقاتها مع دول المنطقة".

أما بما يخص الرؤية لدى السعودية حول المفاوضات ودور حكومة السوداني الذي ربما يستكمل فيها، اعتبر الشمري أنّ "الرياض بانتظار قبول إيران بالاشتراطات والنقاط التي وضعتها الإدارة السعودية سابقًا والرؤى التي دفعتها خلال 5 جلسات من المفاوضات"، مبينًا أنّ "هذا قد يكون متاحًا في ظل الزيارة الأخيرة للسوداني إلى إيران وإمكانية طرح العراق هذا الموضوع لصانع القرار في السعودية بحضوره في القمة العربية - الصينية خلال الأيام المقبلة للتوصل لنتيجة واضحة".

وحول الفائدة من لعب العراق لهذا الدور مجددًا، قال الشمري لـ"ألترا عراق"، إن "فيه إيجابيات كتحسن الأوضاع الاقتصادية والاستثمارات والتعاون الأمني"، مؤكدًا أنّ "السلبيات ستكون متمثلة بتطبيق رغبة بعض الجهات التي تريد تحويل العراق إلى خصم للسعودية باستمرار خلافها مع الإدارة الإيرانية، ما سيؤدي إلى ابتعاد العراق عن المحور الخليجي وسينعكس سلبًا على الاقتصاد العراقي لما للسعودية من دور ارتكاز كبير ومؤثر على جميع الأصعدة".

لكنّ مدير المركز العربي للبحوث والدراسات في مصر والمختص في الشأن الإيراني، هاني سليمان، رأى وجود صعوبة مواصلة الحكومة العراقية الجديدة لعب دور الوساطة بالمفاوضات بين السعودية وإيران.

وصعوبة عدم قيام حكومة السوداني بالوساطة تأتي وفقًا لسليمان "من كون أبرز مميزات الوسيط هو وقوفه على مسافة واحدة بين طرفي النزاع، وهذه نقطة غير موجودة في الحكومة العراقية الحالية لأن رئيسها محسوب على التيار القريب من الجانب الإيراني بكل وضوح".

ويقول سليمان لـ"ألترا عراق"، إنّ "التدخلات الإيرانية في المسار السياسي العراقي وتشكيل الحكومة تؤكد على ميول العراق تجاه إيران وبعيد عن السعودية التي لديها الكثير من المحاذير حول السوداني الذي يختلف كليًا عن مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة السابق الذي لديه مقبولية إيرانية وسعودية".

وبحسب سليمان، فإنّ الجولات التفاوضية السابقة في بغداد لم تكن كافية لإزالة الخلافات حول القضايا الأساسية، معتقدًا أنّ "هناك حاجة لمزيد من الجولات لأنّ المحاولات الماضية لا ترتقي لمستوى الجدية، وكان تدخل إيران في المسار السياسي داخل العراق له أثر بالغ بموقف السعودية وإعلانها تجميد الحوار، فضلًا عن وجود تقارير استخبارية دولية أفادت للسعودية بوجود مخططات لاستهدافها إيرانيًا عبر اليمن وجماعة الحوثي على اعتبار وجود هدنة مشروطة، مستدركًا "لكن بنهاية موعدها أعلنت الجماعة استئناف عملياتها ضد الرياض وهو ما دفع الأخيرة للتريث بمواقفها".

واعتبر سليمان أنّ المتغيرات التي حصلت مؤخرًا أثارت حفيظة السعودية، و"عززتها تحركات الجماعات المسلحة الإيرانية على الحدود الأردنية، والذي أدى لمواقف تضامنية مصرية وسعودية تؤكد أن فكرة تخلي إيران عن تدخلاتها بالملف العراقي واليمني واللبناني مسألة صعبة للغاية لأنها تقع بمركزية أدبيات الثورة الإيرانية وتصديرها".

وتدل هذه التحركات ـ والكلام لسليمان ـ على أنّ "محاولات التهدئة التي تقوم بها إيران مع السعودية ليست أكثر من خطوات لتسريب الضغوط الواقعة على الداخل الإيراني وتوضيح قدرتها على خلق فرص لإعادة العلاقات الجيدة مع الجيران لكنها ليست بنوعية مقبولة، كونها تعارض أيديلوجيا تصدير الثورة وبناء الميليشيات التي تعتمد عليها الدولة الإيرانية".

رأى باحثون أنّ هناك صعوبة في مواصلة الحكومة العراقية الجديدة لعب دور الوساطة بالمفاوضات بين السعودية وإيران

ولا ينكر سليمان أنّ وجود مسار تفاوضي بين الرياض وطهران يعد "نجاحًا حتى مع وجود الخلافات"، ويعلل ذلك لأنه يوحي بـ"إمكانية ضبطها والتوافق على حدود دنيا من الاتفاقات"، موضحًا أنّ "عدم  استمرار المفاوضات بين السعودية وإيران سوف يوسع مساحات التأزم بشكل كبير ويعقد المشهد، خاصة مع محاولات إيران تفريغ الضغوطات الداخلية عليها نتيجة الاحتجاجات، وتحاول الضغط أيضًا بملف الاتفاق النووي والصواريخ الباليسيتية وتسليح الجانب الروسي"، فيما اعتبر أنّ "كل تلك الخطوات توضح عزم إيران على التصعيد وهذا لن يكون له آثار إيجابية على المشهد لأن السلبية تتمثل بوقف المفاوضات مع السعودية بحد ذاتها مع عدم وجود نجاحات محققة سابقًا".