سرب من عشرات عربات "التوك توك" تصطف على جانب الطريق، وسرب آخر يسير بتثاقل، وأصوات أبواق السيارات لا تنقطع، وزحمة سير للعربات، والدراجات النارية، والمارّة، وباعة متجولون، وأكثر من ذلك... هذا المشهد ليس في بلدة هندية أو شارع في كابل، أنها مدينة الصدر كبرى مناطق بغداد سكانًا وأكثر شوارعها زحمة.
أطلق على (التوك توك) تكسي الفقراء، وتصل إلى كل الأزقة الضيقة بأسعار زهيدة، ومتوفرة في كل مكان وزمان
أطلق عليها "تكسي الفقراء"، وتصل إلى كل الأزقة الضيقة بأسعار زهيدة، ومتوفرة في كل مكان وزمان، وجه آخر لـ"التوك توك" يراه عدي الوائلي الذي عجز عن الحصول على فرصة عمل لعامين متتالين إلى أن وجد ما يوفر له قوت يوم عائلته بشراء هذه العربة الصغيرة، ورغم تذمره من الفوضى التي تسببها هذه العربة، وتأثيرها على معالم المدينة يلفت إلى ان "التوك توك مصدر عيش لآلاف العوائل الفقيرة".
يقول الوائلي لـ"ألترا عراق"، خلال جولته في مدينة الصدر، أن "أعداد التوك توك في تزايد مستمر، العشرات منها تدخل يوميًا، وبدأت تتوسع الى المناطق المجاورة للمدينة، بدأت الآن بالتزايد في مدينة الحسينية"، مشيرًا إلى أن "سبب انتشارها هو لرخص أسعارها مقارنة بالسيارات، وتنقلك من قطاع إلى آخر بأجرة قدرها 1000 دينار فقط، وبما أن غالبية الأهالي من الفقراء، يرغبونها".
التوك توك وفوضى "الازدحامات"
يصف مصطفى السويعدي أحد ساكني قطاع 62 في مدينة الصدر، انتشار "التوك توك" بـ"الظاهرة غير الحضارية"، ويشير إلى أن "تواجدها بهذه الطريقة غير القانونية له تبعات أمنية واجتماعية، فهي غير مسجلة في دائرة المرور العامة أسوة بالمركبات، بالإضافة إلى عدام التزام أصحابها بقوانين السير والمرور المعمول بها في شوارع بغداد".
اقرأ/ي أيضًا: مدينة الصدر تسجل 120 حادثًا خلال شهر واحد أكثرها بواسطة "التوك توك"
رصد "ألترا عراق"، في شارع الداخل، قرب تقاطع "البنزين خانة"، عدّة عربات تسير بطريقة معكوسة (عكس السير)، دونما محاسبة، وأمام أنظار المرور، مستغلين بذلك عدم فرض الغرامات المترتبة على المخالفات أسوة بالسيارات.
لفت السويعدي في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن "أصحاب "التوك توك" ينطبق عليهم المثل (من أمن العقاب أساء الأدب)، لذا نجدهم يسيرون بكل طريق يحلو لهم، فهم لا يلتزمون بالإشارات المرورية، كذلك يتحاشاهم سائقو السيارات لسهولة هروبهم والإفلات من المحاسبة".
تعرّضت ظاهرة تزايد "التوك توك" في مدينة الصدر إلى انتقادات وردود فعل من قبل مراقبين ومواطنين، ويرى الصحفي علي صالح أن "التوك توك ساهمت في ارتفاع حدة التلوث في المدن وأصبحت طوابير "التوك توك" التي تسير بعشوائية مشهدًا فوضويًا، يتكرر يوميًا في كل أزقة المدن ومشاجرات سائقي السيارات مع أصحاب "التوك توك" صورة لا تختفي من شوارعنا بسبب الأسلوب العشوائي الذي يسير به أصحاب "التوك توك"، وعدم احترامهم للقوانين المرورية، وإصرارهم على السير في الاتجاه المعاكس (الرونك سايد) وتطاولهم على أصحاب السيارات الأخرى، وكثير من المارة في الشارع".
وجه آخر لـ"التوك توك"
تحولت "التوك توك" إلى مصدر وحيد للعيش لمئات الشباب العاطلين عن العمل، خاصة مع عدم توفر فرص العمل وانحسار الوظائف الحكومية، كما أن قيادتها لا تتطلب رخصة أو خبرة، ومع ازدياد الطلب على خدماتها في نقل الأشخاص والبضائع داخل الأزقة لجأت الكثير من العوائل إليها.
ويعرف عن مدينة الصدر ضيق أزقتها وشوارعها الفرعية داخل القطّاعات، حيث هناك صعوبة بإمكانية وصول السيارات إلى المنازل في تلك الأزقة، لذا وجدت "التوك توك" تفضيلًا من كبار السن، ووسيلة مرغوبة لتوصيل الأشخاص والبضائع والحاجات المنزلية إلى أي مكان يطلبه مستقلو هذه العربة.
تتراوح أسعار التوك توك ما بين المليونين إلى أربعة ملايين دينار، بحسب مواصفاتها وموديلها، فيما قدمت مراكز بيع للتوك توك تسهيلات للراغبين بالشراء بالأقساط حتى لغير الموظفين، مع اشتراط الكفالة، كما أن محلات تصليح متوفرة في أغلب مناطق المدينة، يضاف إليها رخص أسعار قطع الغيار، وبإمكان تصليحها في المنزل لمن يمتلكون خبرة بسيطة في هذا المجال.
رافق "ألترا عراق" أسعد المالكي، في جولة بأزقة المدينة قطع فيها مسافة 10 كم، استغرقت 15 دقيقة، يلفت المالكي الى أن "هذه المسافة في السيارة تكلف وقتًا يقدر بأكثر من ثلاثين دقيقة، لكني اختصرت الطريق: "الشوارع الرئيسية مزدحمة دائمًا، الفرعية والضيقة مفتوحة!".
هل توفر "التوك توك" مصروفًا لك ولعائلتك؟ يجيب المالكي "بعض الأحيان توفر، والبعض الآخر لا يكفي حتى لشراء البنزين بسبب كثرة أصحاب "التوك توك"، وانتشارها، ولو أتيحت لي فرصة أخرى لبعتها"، مضيفًا "يا أخي متعبة ومملة بسبب كثرة المشاكل التي تواجهني طوال اليوم، والحرارة والسيطرات المشتركة. بعض الأحيان يصادرون "التوك توك"، ومشاكلنا مع سائقي سيارات التاكسي مستمرة، ولم تنته كونهم يرون أن التوك توك أصبحت منافسة لهم".
وحول المخالفات التي يرتكبها أصحاب "التوك توك"، أوضح أسعد المالكي "أخالف إذا كنت مضطرًا ولم أجد ضررًا على سير حركة الشارع، كالسير بالاتجاه المعاكس في الشوارع الخدمية والفرعية، لكن في أغلب الأحيان التزم".
تحولت "التوك توك" إلى مصدر وحيد للعيش لمئات الشباب العاطلين، خاصة مع عدم توفر فرص العمل وانحسار الوظائف الحكومية، كما أن قيادتها لا تتطلب رخصة أو خبرة
وتعد مركبة أو عربة التوك توك وسيلة نقل تقليدية وبسيطة "صنع في الهند" وهي أشبه بدراجة نارية ذات ثلاث عجلات، تستخدم غالبًا كوسيلة للتنقل بالأجرة، كما ينتشر بكثرة في البلاد الآسيوية، وفي البلدان العربية مثل مصر، ويتسع "التوك توك" لراكبين بالمقعد الخلفي (أو ثلاثة محشورين بجانب بعض) بالإضافة للسائق الذي يجلس في المقدمة.
اقرأ/ي أيضًا: