24-مارس-2023
البنك المركزي العراقي

إجراءات صرف في البنك المركزي العراقي (Getty)

في تحذير جديد، تشير بيانات حكومية إلى أنّ حجم "التسرب النقدي" بلغ أكثر من 70% من إجمالي الإصدار النقدي للبنك المركزي العراقي وربما أكثر، ما ينبئ بزعزعة الاستقرار المالي في العراق.

 

"التسرب النقدي"؟

ويعبر المصطلح عن أموال تقدر بـ 70 تريلون دينار، وفق مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، باتت خارج عمليات الجهاز المصرفي، وتحولت إلى "سوق غير قانونية تتعاطى بالربا والفائدة الفاحشة".

تفاقمت الظاهرة بعد عام 2014 نتيجة عوامل عدة بينها فقدان الثقة بالقطاع المصرفي والأزمة الأمنية

الأموال الطائلة سُحبت في ظاهرة تفاقمت بعد عام 2014، إثر فقدان الثقة بالقطاع المصرفي العراقي، والركود الاقتصادي، والأوضاع الأمنية المتردية.

3

يقول المختص في المجال الاقتصادي والمصرفي عبد الرحمن الشيخلي في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "ظاهرة الاكتناز، أو ما عبر عنها المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء بالتسرب النقدي خارج القنوات المصرفية، قد نتجت عن فقدان الثقة بين المواطن من جهة، والكثير من المؤسسات المصرفية التي مرت بظروف صعبة أدت إلى نقص السيولة، مما أدى لتعثر التزاماتها إزاء المودعين خاصة بعد عام 2014 ما رافقها من ركود اقتصادي عالمي، وسيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، وتلكؤ الكثير من المشاريع الاستثمارية".

ويضيف الشيخلي، أنّ "عددًا كبيرًا من المستثمرين أوقفوا العمل في المشاريع القائمة، عقب ذلك، بعد أن سحبوا مبالغ كبيرة من الحكومة مقابل خطابات ضمان عالية تمت مصادرتها من ودائع تلك المصارف"، مبينًا أنّ "البنك المركزي حاول إيجاد حلّ للظاهرة التي أدت إلى نقص كبير للسيولة النقدية، فجاءت مبادرة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة عام 2015".

 

كيف يؤثر على المواطن؟

محاولات البنك المركزي لم تجد نفعًا حتى بعد عقد مؤتمر مع القيادات المصرفية عام 2016، لتظل الأموال بيد مكتنزيها، كما يشير الشيخلي، مؤكدًا أنّ عدم استعادة هذه الكتلة النقدية الكبيرة من الأموال من قبل النظام المصرفي "سيعطل إنتاج المصرف، خاصة ما يتعلق بالائتمانات بشقيها النقدي والتعهدي، ويصعب إشراك المصارف في عمليات إنتاج جديدة، ما يعني فقدان الدور الحقيقي للمصارف تجاه المواطن".

يخسر العراقيون فرص الإقراض بنسبة هائلة لصالح "سوق سوداء" تقدم القروض مقابل فوائد مرتفعة جدًا

خسارة المصارف للسيولة النقدية يعني بشكل مباشر، عدم القدرة على تغطية القروض المطلوبة للمواطنين، لتنتعش بالمقابل عمليات الاقتراض من المرابين وبعض المؤسسات المانحة غير الشرعية، حيث تقوم "سوق سوداء توفر القروض مقابل فوائد عالية".

3

 

الحلول؟

حل ظاهرة "التسرب النقدي"، وفق الشيخلي، يكمن في سلسلة إجراءات أهمها تشجيع التعامل بالنقد الإلكتروني واستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني.

ويرى الشيخلي، أنّ توسيع شبكة الصرافات الآلية "بحيث يضمن المواطن سحب أمواله من المصارف بواسطة تلك الأجهزة بسهولة وأمان، وبالكميات التي يحتاجها، سيساهم في الحد من هذه الظاهرة، وتحقيق التنمية المستدامة والشمول المالي".

 

مصارف مكبلة!

يتفق مستشار رئيس الحكومة مظهر محمد صالح مع ذلك، ويشير إلى أنّ "ظاهرة التسرب النقدي والتعاطي النقدي المباشر جاءت في وقت أخذ العالم بالتحول إلى النقود الرقمية التي سبقها الدفع الإلكتروني لتقليل تكاليف المعاملات ورفع كفاءة المدفوعات".

تتمثل أبرز الحلول في تقليل التعامل بـ "النقد السائل" مقابل التحول إلى التداول الإلكتروني 

ويبيّن صالح في تصريح، أنّ التعاطي بـ "النقد السائل" في العراق مازال "يشكل كلفة عالية على خدمات التداول النقدي، فضلاً عن المخاطر الناجمة عن الحفظ والتداول بمبالغ نقدية كبيرة خارج الجهاز المصرفي أو عند تسوية المدفوعات بين الأفراد".

3

ولا تمثل القروض التي يتلقاها السوق والقطاع الخاص سوى 13% من الناتج المحلي، في حين يقتطع "الاكتناز النقدي" 70 تريليون دينار، ما يجعل المصارف مكبلة بحدود الإقراض النقدي المرتبط بالودائع القليلة للجمهور، وفق صالح.