25-مايو-2022
الدينار والدولار

قانون جديد يرعب بغداد (فيسبوك)

باتت المخاوف تظهر هنا وهناك على أطراف في الحكومة العراقية عقب مساع الولايات المتحدة الأمريكية إقرار قانون يدعم فرض عقوبات اقتصادية على الدول المنضوية تحت جناح منظمة أوبك النفطية.

يرى خبراء في الاقتصاد بأنّ نوبك في حال تشريعه سيؤدي إلى وضع دول (أوبك+) تحت طائلة القانون الأمريكي لمكافحة الاحتكار مما يسمح بمقاضاة منتجي النفط ومنهم العراق

وعلى مدى طويل، يحاول مجلس الشيوخ الأميركي تشريع قانون "نوبك"، الذي يدعم جهود الولايات المتحدة في السيطرة على الأسواق العالمية بحيث يمكنها رفع وخفض الأسعار كما تريد إدارة واشنطن، كما يسمح هذا القانون بـ"تجميد أموال تلك الدول" والتي من بينها العراق.

وفي العام 2010، ألزم مجلس الأمن الدولي العراق بوضع خطة لاستلام مهام الإشراف على صندوق تنمية العراق من الأمم المتحدة، فيما أقدم العراق بعدها بوضع هذا الصندوق تحت إشراف الخزانة الفيدرالية الأمريكية لضمان الحصانة والتي من شأنها حماية واردات العراق النفطية من الحجز من قبل الدائنين.

وجاءت تطمينات الحكومة بعدم تجميد الأموال العراقية الموجودة في الولايات المتحدة، عقب زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الأخيرة، إلى واشنطن، العام الماضي، والأمر الذي أكده البيت الأبيض في بيان رسمي، أنّ "واشنطن لن ترفع الحصانة على الأموال العراقية".

مشروع مقلق

الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي كان من أوائل الأشخاص الذين تحدثوا عن القانون قائلًا إنّ "نوبك في حال تشريعه سيؤدي إلى وضع دول (أوبك+) تحت طائلة القانون الأمريكي لمكافحة الاحتكار مما يسمح بمقاضاة منتجي النفط ومنهم العراق أمام المحاكم وتجميد استثماراتهم وأموالهم داخل الولايات المتحدة إذا ما أثبتت المحاكم الأمريكية التواطؤ في تقييد الإنتاج بغية رفع الأسعار".

والقانون قد يؤدي إلى تفكيك منظمة أوبك، وإلغاء التعاون مع منتجي النفط في إطار منظمة (أوبك+) خشية من العقوبات الأمريكية، وهو ما يعني أنّ سعر النفط سيتحدد في السوق وفقًا لآلية العرض والطلب من دون تدخل المنظمة التي تؤدي حاليًا دور المنتج المتأرجح أو المنتج المتمم الذي يوازن بين العرض والطلب خشية انهيار الأسعار، بحسب حديث المرسومي لـ"ألترا عراق".

وبشأن المخاطر المترتبة على العراق، يشير الخبير الاقتصادي إلى أنّها "تؤثر بشكل مباشر على مبيعات النفط العراقي، كون الأموال تمر بالبنك الفدرالي الأمريكي قبل وصولها إلى وزارة المالية، واستهداف الاستثمارات العراقية في سندات الخزانة الأمريكية التي بلغت 24 مليار دولار، فضلًا عن تجميد الأموال العراقية في المصارف الأمريكية".

وظهر مقترح القانون داخل أروقة الكونغرس خلال العام 2007، وهو تعديل لقانون قديم يسمى شيرمان أقر في العام 1890، في حين يهدف مشروع القانون بحسب المعلومات الأولية عنه إلى "إزالة حصانة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بالإضافة إلى باقي شركات النفط الوطنية وكسر احتكار السوق".

تقول الحكومة العراقية إنّ القانون سيعمل على إحلال كيان تلك المنظمة النفطية التي تتولى تنظيم مبيعات الأعضاء والحفاظ على استقرار سوق النفط

ويرتبط ظهور القانون مجددًا إلى الساحة العالمية بالحرب "الروسية الأوكرانية"، وعقب فقدان واشنطن السيطرة على أسعار الوقود العالمي واستمرار ارتفاعها.

رد حكومي

"أصدر الأمر الرئاسي الأميركي (executive order)، الذي منح أموال العراق المودعة في الولايات المتحدة باسم البنك المركزي الحصانة الكافية لمدة عام وتنتهي خلال العام 2023 ذلك بموجب قوانين الحرب والطوارئ الأميركية"، هذا الكلام ما بدأ به المستشار الاقتصادي للحكومة مظهر محمد صالح.

ويقول صالح إنّ "قانون (NOPEC) الذي يتداوله مجلس النواب الأميركي بغية تشريعه لمنع الاحتكار الكمي في عرض النفط الخام وكمياته في السوق سيؤدي إلى تقويض سياسة منظمة (أوبك +) بالتدريج"، مؤكدًا أنّ "القانون سيعمل على إحلال كيان تلك المنظمة النفطية التي تتولى تنظيم مبيعات الأعضاء والحفاظ على استقرار سوق النفط".

واشنطن تسيطر

وبحسب حديث صالح، فإنّ الولايات المتحدة لها اليد الأطول اليوم، في السوق النفطية لثلاثة أسباب:

  • أولًا: هي أكبر منتج للنفط في العالم أي تنتج قرابة 14 مليون برميل نفط ولا تصدر سوى منتجات نفطية بشكل محدود.

  • ثانيًا: هي بحاجة إلى استهلاك 19 ألف برميل نفط يوميًا.

  • ثالثًا: هي من تتولى خزن استراتيجي تحوطي في الآبار القديمة بنحو 5 ملايين برميل نفط.

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير صالح إلى أن "منظمة أوبك ستكون ساحة صراع (أمريكية - روسية)، في سياسة الطاقة وضحية القطبين الدوليين المتصارعين حاليًا"، متوقعًا خلق "منظمة أوبك أخرى تعمل سوية مع السوق الأمريكية لكون النفط هو سلعة دولارية منذ نشأة سوق النفط قبل الحرب العالمية الأولى".

ويختم صالح حديثه بالقول "وحتى لو انقسم سوقا النفط بين القطبين بصورة منظمتين تابعتين لأوبك، فإنهما ستعملان على توازن السعر على وفق لعبة سعرية توازنية نسميها في الاقتصاد بـ (توازن ناش)، أي أنّ الأعداء في سوق القلة أحدهما سيتعرف على استراتيجيات الآخر ويتجنب أحدهما الضرر بالآخر، وعندها تتوازن السوق بأوبك آخر (منظمة أخرى) في ظل قانون نوبك وتأثيراته في سياسة الطاقة الدولية".

قوانين متشابهة

إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي هيثم العنبكي، خلال حديثه لـ "ألترا عراق"، إنّ "أغلب القوانين الأمريكية متشابهة في المضمون وهي دائمًا ما تكون ورقة ضغط على الدول النفطية".

ويضيف الخبير الاقتصادي، أنّ "واشنطن جعلت من الدول النفطية أدوات تنفذ من خلالها الابتزاز المالي للاقتصاد العالمي، بعد أن ساهمت في خلق أنظمة تدعي الديمقراطية لكنها لا تعرف حتى كيفية تطبيقها وعلى من تطبق ومن يطبقها".

ولم يستبعد العنبكي، توجه واشنطن نحو تجميد الأموال العراقية في الولايات المتحدة بهدف السيطرة على السوق النفطي خصوصًا في الشرق الأوسط.

ويعمل العراق على تسديد ديون على عاتقه قبل العام 2003، لصالح بلدان مثل الكويت ونادي باريس (مجموعة من الدول الدائنة)، إلى جانب ديون ثنائية مع دول وشركات، لم تسدد وتراكمت فوائدها حتى اليوم.

لا يستبعد خبير اقتصادي توجه واشنطن نحو تجميد الأموال العراقية في الولايات المتحدة بهدف السيطرة على السوق النفطي 

وفي خطوة اعتبرت "إيجابية للاقتصاد العراقي"، أعلن البنك المركزي، في 22 كانون الأول/ديسمبر 2021 دفع كامل التعويضات المالية التي أقرتها الأمم المتحدة لصالح الكويت والتي قدرت بـ 52.4 مليار دولار أميركي.