02-نوفمبر-2020

قال التقرير إن الجهات الحكومية لا تقوم بواجباتها في تشخيص مرتكبي الاعتداءات (فيسبوك)

بمناسبة الذكرى الثامنة لليوم العالمي لمكافحة الإفلات من العقاب الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، سلط تقريرلـ"مرصد الحريات الصحفية" الضوء على الاعتداءات التي وقعت على الصحفيين في العراق عام 2020، والتي تستطيع أجهزة الدولة ملاحقة مرتكبيها، لكن تم "التكتم" عليها، خاصة إذا كانت جهة ذات صلة بفصيل مسلح نافذ، وفقًا للتقرير الذي ذكر أن التهديدات تنشر عبر منصات إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.  

  لم تمر الصحافة العراقية بعد 2003، بعامٍ يُقتل فيه الصحفيون وتقتحم مقرات وسائل الإعلام بسهولة إلى الحد الذي لا يتهم الفاعلون، بل يتم التكتم على هوياتهم مثلما حصل في 2020

ولفت تقرير المرصد الذي تابعه "ألترا عراق"، إلى أن "أغلب الاعتداءات والتهديدات العلنية التي طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية تصدر غالبًا من جهات وأطراف يمكن للأجهزة الأمنية الرسمية والقضاء العراقي تحديدها وملاحقة المسؤولين عنها والمنخرطين فيها، مستدركًا "لكن يؤشر عليهما عدم القيام بواجبهما في هذا الشأن، خاصة عندما تكون الجهة المهاجمة ذات صلة بحزب سياسي أو فصيل مسلح نافذ".  

اقرأ/ي ايضًا: حقوق الإنسان تطالب باستمرار التحقيقات بشأن الاعتداء على الصحفيين

وقال التقرير إن "غالبية جرائم الاستهداف المباشر للصحفيين هي ذات صلة بطبيعة عملهم في نقل أخبار وتطورات الاحتجاجات الشعبية، وما رافقها من قمع للمتظاهرين وحوادث اغتيال ناشطين".  

  وإليكم أدناه نص التقرير دون تصرف: 

ربما لم تمر الصحافة العراقية بعد 2003، بعامٍ يُقتل فيه الصحفيون وتقتحم مقرات وسائل الإعلام بسهولة إلى الحد الذي لا يتهم الفاعلون، بل يتم التكتم على هوياتهم مثلما حصل في 2020.  

مراسل صحفي ومصوره يُقتلان قرب مقر قيادة الشرطة في البصرة، وآخر تُعترض سيارته بين منزله ومقر عمله تحت ضوء الشمس، ويتم اختطافه تحت تهديد السلاح، وغيره يُهدد علنًا، ولا يُرسل التهديد إلى هاتفه الشخصي بل ينشره المهددون على منصات إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.  

فضائيتان يتم اقتحامهما وواحدة منهما تُحرق في مشهدٍ باعث على "الابتسامة والضحك" لدى عناصر الأمن المكلفين بحمايتها، وقناتان فضائيتان آخريان تُهددان بمصير مماثل، فيما باحث معروف على المستوى الدولي تنتهي حياته على يد مسلحين خرقوا حظر تجوالٍ كان مفروضًا يومها. لينسحبوا بدراجاتهم النارية بعد قتله على مرأى كاميرات المراقبة.  

مرصد الحريات الصحفية (JFO) يلاحق كل هذه الأحداث في هذا اليوم الذي يصادف الذكرى الثامنة لليوم العالمي لمكافحة الإفلات من العقاب من الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة.  

مرصد الحريات الصحفية يبدي قلقه البالغ والعميق إزاء الظروف الحالية التي تكتنف العمل الصحفي في العراق، والمخاطر المحدقة بكثير من الصحفيين ووسائل الإعلام، خاصة أولئك الذين نقلوا أحداث احتجاجات تشرين، التي انطلقت في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وسط وجنوب العراق، ولا تزال مستمرة في بعض المدن حتى الآن. وتعرض خلال هذه الفترة عدد من الإعلاميين والصحفيين والمصورين للقتل والاختطاف والمطاردة، فيما تعرضت مقار إعلامية للاقتحام وتحطيم معداتها وأخرى للحرق والتهديد بذلك علنًا.  

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار رقم 68 / 163 لعام 2013، الذي أعلنت فيه أن يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر هو اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين، لرفع مستوي الوعي بشأن التحدي المتمثل في الإفلات من العقاب واتخاذ خطوات عملية لإيقافه.  

وتصدر العراق من جديد، إلى جانب دول الصومال وسوريا وجنوب السودان وباكستان والفلبين والمكسيك، المؤشر العالمي السنوي للإفلات من العقاب الذي تصدره لجنة حماية الصحفيين، التي أشارت، في تقريرها الصادر 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020 إلى أن "الفساد، وضعف المؤسسات، ونقص الإرادة السياسية لإجراء تحقيقات جدية، تشكّل جميعًا عوامل تقف خلف الإفلات من العقاب في تلك البلدان".  

ووفقًا لتحليلات مرصد الحريات الصحفية (JFO)، فإن غالبية جرائم الاستهداف المباشر للصحفيين والفرق الإعلامية، خلال الفترة الأخيرة، ذات صلة بطبيعة عملهم في نقل أخبار وتطورات الاحتجاجات الشعبية، وما رافقها من قمع للمتظاهرين وحوادث اغتيال ناشطين.  

وتظهر المعطيات والدلائل المتوفرة أن أغلب الاعتداءات والتهديدات العلنية التي تطال صحفيين ومؤسسات إعلامية تصدر غالبًا من جهات وأطراف يمكن للأجهزة الأمنية الرسمية والقضاء العراقي تحديدها وملاحقة المسؤولين عنها والمنخرطين فيها، لكن يؤشر عليهما عدم القيام بواجبهما في هذا الشأن، خاصة عندما تكون الجهة المهاجمة ذات صلة بحزب سياسي أو فصيل مسلح نافذ.  

  ثلاثة قتلى وواحد مخطوف  

مساء 10 كانون الثاني/يناير 2020، اغتال مسلحون المراسل التلفزيوني أحمد عبد الصمد والمصور المرافق له صفاء غالي في محافظة البصرة، وكانا حينها يغطيان التظاهرات في المحافظة. بعد يومين على اغتيالهما أعلنت وزارة الداخلية العراقية أن لجنة تحقيق شكلتها بشأن الحادثة "ستعلن النتائج في الأيام المقبلة"، فيما وصف محافظ البصرة أسعد العيداني الضحيتين بـأنهما "صديقين عزيزين كان لهما دور في نقل الأحداث المهمة للشارع العراقي والبصري".  

 لكن حتى اليوم لم يتم الإعلان عن أي نتائج للتحقيق، رغم أن حادثة الاغتيال وقعت قرب مقر قيادة الشرطة وسط البصرة، ما يعني إمكانية تحديد الجناة من خلال تتبع كاميرات المراقبة على الأقل أو الشهود العيان في موقع ارتكاب الجريمة.  

 يؤشر على الأجهزة الأمنية والقضاء عدم القيام بواجبهما في ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد صحفيين، خاصة عندما تكون الجهة المهاجمة ذات صلة بحزب سياسي أو فصيل مسلح نافذ

وجاءت هذه الحادثة بعد أكثر من شهرين على اقتحام مسلحين يستقلون عجلات رباعية الدفع، مقر قناة NRT عربية، وقناة دجلة، وشركات بث فضائي، في العاصمة بغداد بسبب طبيعة تغطيتهما للتظاهرات الشعبية حينها، وقام المسلحون مساء 6 تشرين الأول/أكتوبر 2019 بتحطيم المعدات وترويع الصحفيين والفنيين العاملين في المؤسستين مع مصادرة هواتفهم النقالة، الأمر الذي اضطر بعضهم إلى مغادرة العاصمة لبعض الوقت أو دون عودة.  

اقرأ/ي أيضًا: جمعية الدفاع عن حرية الصحافة: تشرين هو الأسوأ للصحفيين منذ 16 عامًا!

بعدها، في 9 آذار/مارس 2020، اعترض مسلحون، الصحفي، في جريدة الصباح شبه الرسمية، توفيق التميمي بينما كان في طريقه من منزله في حي أور ببغداد إلى مقر عمله، فأنزلوه من سيارته تحت تهديد السلاح واقتادوه إلى جهة مجهولة بعد أن سحبوا هاتفه وهاتف سائقه الشخصي، في وضح النهار.  

ورغم تقدم عائلة التميمي، التي استقبلها لاحقًا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بشكوى رسمية، إلا أن مصيره لا زال مجهولًا حتى اللحظة.  

وكان التميمي قبل اختطافه يفصح عن دعمه لتظاهرات تشرين، كما أبدى تضامنه مع الناشر والكاتب العراقي مازن لطيف الذي فُقد أثره في 1 شباط/فبراير 2020 (دون توفر أية معلومات عن مصيره حتى الآن مع وجود اعتقاد بأنه مختطف على خلفية دعمه للتظاهرات، مثل بعض الإعلاميين الناشطين).  

ويقع العراق في المرتبة 162 (من أصل 180 بلدًا) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود هذا العام.  

في 18 أيار/ماير 2020، اقتحم المئات مقر قناة  MBCعراق في العاصمة بغداد، وحطموا معداتها ثم أغلقوا المقر على خلفية بثها معلومات في أحد برامجها تتحدث عن ضلوع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في عملية تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981.  

بعد انتهائه من مقابلة متلفزة وبينما كان الباحث والخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، المعروف على نطاق واسع، يهم بركن سيارته أمام منزله في منطقة زيونة التي يسكنها مسؤولون حكوميون وضباط، اقترب منه مسلح وأطلق النار عليه من مسافة صفر، ثم عاد مرة أخرى ليطلق المزيد من الرصاص حتى يجهز على الهاشمي قبل أن يركب دارجة نارية يقودها آخر وينسحبان من المكان، وبعدها توفى الهاشمي متأثرًا بإصابته.  

منفذو هذه الجريمة التي وقعت مساء 7 تموز/يوليو 2020 ورصدتها كاميرات مراقبة منزلية بوضوح، لا زالوا حتى الآن طلقاء ولم يتم التوصل إليهم رغم التعهد الرسمي الحكومي بذلك.  

العديد مما يمكن اعتباره أدلة قد تقود إلى الجهة التي اغتالت الهاشمي موجودة ومتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والسلطات تؤكد بدورها "التوصل إلى خيوط مهمة" بشأن الحادثة، لكن دون الإمساك بالقاتل أو من أعطى الأمر بالقتل حتى الآن.  

  حرق وتهديد فاستقالات واعتذارات  

وفي 31 آب/أغسطس 2020 اقتحمت مجاميع ذات صلة بفصائل مسلحة مقر قناة دجلة في منطقة الجادرية وسط بغداد وقامت بحرقه وتحطيم محتوياته مع تهديدات طالت العاملين في مكاتب القناة بمحافظات أخرى، وذلك بعدما بثت فضائية ملحقة بها أغان في أيام شهر محرم الذي يُحيي فيه المسلمون الشيعة ذكرى واقعة كربلاء (61 هجرية)، دون أن ينفع القناة تقديمها اعتذارًا.  

العديد مما يمكن اعتباره أدلة قد تقود إلى الجهة التي اغتالت الهاشمي موجودة ومتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي

ورغم وجود تسجيلات مصورة تظهر بوضوح وجوه المتورطين باقتحام وحرق مقر هذه القناة، إلا أن الأجهزة الأمنية لم تتحرك إزاءهم، بل أن صورًا جرى تداولها على نطاق واسع أظهرت بعض عناصر الأمن المكلفين بحماية القناة وهم يقفون موقف المتفرج وبعضهم يضحك بينما كان دخان الحريق يتصاعد من المكان.  

اقرأ/ي أيضًا: فتاوى تصفية الصحفيين في العراق.. من لا يعمل معنا "مشروع أمريكي"

على خلفية هذه الحادثة، استقال عدد من الصحفيين العاملين في قناة دجلة بعد تلقي بعضهم تهديدات جدية بالتصفية، وقد أعلنوا عن ذلك على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب التضييق وتفادي القتل أو الاختطاف المحتمل.  

كما تعرضت قناة UTV في الأسبوع الأول من أيلول/سبتمبر الماضي، إلى تهديدات باقتحام مقرها في بغداد وحرقه بعد حديث أدلى به ضيف في برنامج تبثه القناة حول المرجعيات الدينية لكن القناة اعتذرت عن ذلك فتفادت مصير زميلتها دجلة.  

 وتعرضت قناة الحرة عراق هي الأخرى إلى تهديدات مماثلة بسبب طبيعة تغطيتها المناوئة للفصائل المسلحة الفاعلة في البلاد، وبعد نشر موقعها على الإنترنت تقريرًا صحفيًا حول لقاء رئيسة بعثة يونامي في العراق جينين هينيس بلاسخارت مع رئيس أركان الحشد الشعبي "أبو فدك المحمداوي"، في 3 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم.  

السلطات العراقية لم تبدِ، على مدار السنوات الماضية، الاهتمام المناسب لملاحقة مرتكبي جرائم القتل المتعمد للمراسلين والكتاب والنشطاء الصحفيين، التي لم يُكشف عن مرتكبيها إلى الآن فقُيدت أغلب جرائم القتل المباشر للصحفيين ضد مجهول، بينما تُفاخر الأجهزة الأمنية بكشفها تفاصيل جرائم جنائية معقدة ذات طابع شخصي.  

يدعو مرصد الحريات الصحفية (JFO)، السلطات المعنية إلى أن تقوم بواجبها في تأمين الحماية اللازمة للصحفيين ووسائل الإعلام. فضلاً عن تحري مصير الصحفي المختطف توفيق التميمي والكاتب مازن لطيف، وعدم التهاون فيما يتعلق بالاعتداءات والجرائم التي تُرتكب ضد المؤسسات والأشخاص العاملين في المجال الصحفي.  

وشملت الاعتداءات الصحفيين في إقليم كردستان أيضًا، ففي يوم 12 آب/أغسطس 2020، قُتل الصحفي الكردي هونر رسول بينما كان يغطي تظاهرات شعبية في مدينة رانية بمحافظة السليمانية.  

وتشير الإحصاءات التي أجراها مرصد الحريات الصحفية منذ العام 2003 وحتى 2015 فقط، الى مقتل 291 صحفيًا عراقيًا وأجنبيًا من العاملين في المجال الإعلامي، بضمنهم 164 صحفيًا و73 فنيًا ومساعدًا إعلاميًا لقوا مصرعهم أثناء عملهم.  

ووفقا للأبحاث التي أجراها مرصد الحريات الصحفية (JFO) ، فإن حقائق واضحة تبين تقاعسًا واضحًا من قبل السلطات الأمنية والتحقيقية من ملاحقة وتقديم المتهمين بتلك الجرائم للقضاء.  

وتستند تلك الحقائق والإدلة على مجموعة جرائم استهدفت صحفيين بشكل مباشر في مناطق عديدة من العراق، إلا أننا نركز هنا على المناطق التي تتمتع بأمن نسبي واستقرار سياسي مثل إقليم كردستان، فسلطات الإقليم لم تحقق بشكل جدي في عدد من قضايا قتل الصحفيين، فيما لم تكن وعود السلطات الأمنية الكردية بملاحقة الجناة مقنعة لا لأسر الضحايا ولا للمنظمات المدافعة عن الصحفيين. 

 تشير الإحصاءات التي أجراها مرصد الحريات الصحفية منذ العام 2003 وحتى 2015 فقط، الى مقتل 291 صحفيًا عراقيًا وأجنبيًا

مرصد الحريات الصحفية (JFO) ، قد شخص وجود تقصير واضح لدى السلطات الحكومية المركزية في بغداد والسلطات في إقليم كردستان، وتقاعس في ملاحقة مرتكبي جرائم استهداف الصحفيين من قبل الجماعات المسلحة أو العصابات الإرهابية، بل حتى الجهات السياسية النافذة في البلاد.  

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

2019.. عام الانتكاسات والاغتيالات للصحفيين في العراق

220 انتهاكًا ضد صحفيين عراقيين في 2018.. "ديمقراطية العصبيات" تعبر عن نفسها!