02-أغسطس-2021

شط العرب قد يتحول لبركة آسنة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

تترقب وزارة الموارد المائية في العراق تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي لتدشن أولى مباحثاتها معها بملف إنشاء سد مشترك مع الجانب الإيراني الذي تعتبره "الحل الأمثل" لمشكلة زحف اللسان الملحي في شط العرب تجاه محافظة البصرة، والتي تتكرر كل عام في فصل الصيف ومع انخفاض الإيرادات المائية.

يرى خبير مائي أن سد شط العرب سيتسبب بمشاكل ويعيق الملاحقة في شط العرب الذي يعتبر الرئة التجارية والاقتصادية للعراق

الوزارة كشفت عن وجود "استجابة من شخصيات في إيران حول عدم ممانعتهم"، بالمقابل تطرح تساؤلات عن جدوى إنشاء سد مشترك على شط العرب تقتصر وظيفته على منع اللسان الملحي من الزحف باتجاه شط العرب فقط، وبكلفة تقدر بمليار دولار.

اقرأ/ي أيضًا: لسان الموت يتربص مجددًا.. ما علاقة إيران بمشروع سد شط العرب؟

وما يعمق التساؤلات عن جدوى هذه الخطوة، ما كشفه المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، بأن السد الذي تسعى لإنشائه على شط العرب في منطقة "راس البيشة" بالاشتراك مع الجانب الإيراني لن يخصص لخزن المياه، وإنما سيكون سدًا تنظيميًا فقط وأن السد لن يكون الحل السحري لمشكلة المياه في البصرة، معتبرة أن "الحل يكمن  بدفع كميات كافية من المياه باتجاه شط العرب لدفع التلوث الحاصل فيه نتيجة مياه الصرف الصحي والمجاري التي لم يتم حلها حتى الآن".

إعاقة الملاحة

يرى الخبير المائي تحسين الموسوي أن إنشاء سد في شط العرب غير ممكن فنيًا، فيما تحدث عن موانع أخرى تتعلق بالملاحة، فضلًا عن إمكانية حدوث مشاكل مع دول الخليج.

ويقول الموسوي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "من الممكن أن يكون التعاون عاملًا مشتركًا بين الجانب العراقي والإيراني لحل مسألة زحف اللسان الملحي، إلا أن إنشاء سد بشط العرب غير ممكن فنيًا، حيث أن إنشاء سد بمنطقة سهلية لا جدوى منه".

وأوضح أن السد "سيتسبب بمشاكل ويعيق الملاحقة في شط العرب الذي يعتبر الرئة التجارية والاقتصادية للعراق، فضلًا عما قد يسببه هذا السد من خلافات ومشاكل مع دول الخليج العربي".

وحول الحلول الأخرى، يشير الموسوي إلى أن "دفع كميات أكبر من المياه العذبة لصد اللسان الملحي هو الحل الأمثل والأكثر جدوى"، فضلًا عن حل آخر يتمثل بإنشاء بوابة متحركة في شط العرب بدلًا من السد.

ويؤكد أن "اليابان في عام 2009 عرضت على العراق إنشاء بوابة متحركة في حينها بشط العرب"، مبينًا أن "آلية عمل هذه البوابة أنه يتم غلقها فقط في الفترات التي تنخفض فيها كميات المياه، والذي يؤثر على مستويات الإطلاقات المائية، والعودة لرفع وفتح هذه البوابة عندما تكون الإطلاقات المائية جيدة وبالإمكان من خلالها دفع اللسان الملحي".

وأشار إلى أن "موضوع السد تم إثارته مرات عديدة في وقت سابق من قبل مجلس محافظة البصرة لغرض امتصاص الزخم بسبب ارتفاع الملوحة وهجرة العديد من المزارعين"، معتبرًا أن "الجانب الفني والمختصين بوزارة الموارد المائية سيرفضون ويستبعدون هذا العمل لأنه خاطئ"

وفي وقت سابق، شهد مشروع سد شط العرب سجالًا بين وزارة الموارد المائية والحكومة المحلية في البصرة، حول موقع المشروع، ففي الوقت الذي تمسكت الحكومة المحلية على ضرورة إنشائه بمنطقة "أبو فلوس"، اعتبرت الوزارة أن المكان خاطئ ولا بدّ من تنفيذ السد في منطقة "راس البيشة"، وهو ما يستلزم اتفاقًا مشتركًا مع إيران.

ويقول خبراء إنه "حتى مع إنشاء السد فأنه يستلزم استمرار الإطلاقات المائية تجاه البصرة وشط العرب بنحو 75 متر مكعب في الثاني، فضلًا عن ضرورة رفع كل مصادر التلوث على شط العرب والممتدة لمسافات طويلة، وإلا سيتحول شط العرب إلى بركة آسنة، وأن تراجع الحصة المائية سيعني فشل أي إنشاء هندسي في معالجة المشكلة.

وتقدر كمية المياه التي تحتاجها البصرة لدفع اللسان الملحي والمحافظة على مياه شط العرب بعيدًا عن اللسان الملحي بـ75 متر مكعب في الثانية أيضًا، ما يعني أن الحل واحد ويعتمد على الإطلاقات المائية سواء بوجود السد أو بدونه، وهو ما أكده وزير الموارد المائية الأسبق حسن الجنابي في عام 2016، بأنه لا حاجة لإنشاء سد في شط العرب لحل مشكلة مياه البصرة.

هل تحاول إيران تصحيح الخطأ؟

وفي الوقت الذي يحاول العراق إنشاء السد لغرض منع زحف اللسان الملحي حول تطرح تساؤلات عن هدف إيران وما الذي يجعلها تساهم في بناء هذا السد.

يشير الخبير المائي تحسين الموسوي إلى أن "إيران ونتيجة حرفها للأنهر وخاصة نهر كارون الذي حرفته نحو أصفهان بحدود ألف كيلومتر، سبب لها نسبة عالية من التلوث وزحف اللسان الملحي من شط العرب عن طريق مياه الخليج، ودفعت التكاليف الباهظة وتحاول أن تجد طريقة لحلها، وذلك من خلال الذهاب للاشتراك مع العراق بإنشاء السد".

ويبيّن الموسوي أن "العالم بأسره بدأ يلمس أزمة المياه مبكرًا"، مشيرًا إلى أن "الجفاف قادم لا محالة والآن يفترض على الحكومة التحرك نحو المجتمع الدولي فيما يخص سياستها المائية وحصص العراق من الماء".

وأوضح أن "دول المنبع بنفسها بدأت تعاني من نقص المياه بفعل السنة الجافة بالرغم من السدود والمشاريع العملاقة لديها، فكيف بالعراق الذي يعتبر هو المتضرر الأكبر إضافة إلى سوريا".

يقول خبير مائي إن الدول المتشاطئة مع العراق سيطرت سيطرة كاملة على المياه، وفقد العراق أحياء نهرية وبعض الأراضي بدأت تخرج من الخدمة الزراعية وستبدأ عملية التصحر تتوسع

ويشير إلى أن "العالم مع تزايد سكانه يشه تزايدًا في الطلب على المياه مقابل قلة الإيرادات المائية، وستكون الحروب القادمة حروب مياه وسترتفع الهجرة والنزاعات، والعراق بهذه السياسة المائية الحالية سيكون ضرره كبيرًا جدًا، خصوصًا وأن خطورة المياه أكبر من جائحة كورونا وداعش".

اقرأ/ي أيضًا: ملف المياه مع إيران.. "مؤشرات إيجابية" لإنشاء سد شط العرب

وبيّن أن "الدول المتشاطئة مع العراق سيطرت سيطرة كاملة على المياه، وبدأ العراق بالفعل يشهد فقدان أحياء نهرية وأزمة بالثروة الحيوانية وبعض الأراضي بدأت تخرج من الخدمة الزراعية وستبدأ عملية التصحر تتوسع، وما زال الفاعل السياسي العراقي بعيدًا عن الموضوع، وإذا تشكلت حكومة جديدة فستكون بمواجهة أخطر أزمة  يجب أن تتعامل معه كملف أول".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

استراتيجية العلاقات المائية بين تركيا والعراق

غبن الجغرافية العراقية