أنهت الحكومة العراقية، برئاسة محمد السوداني، يوم الإثنين 13 أيار/مايو 2024، جولتي تراخيص، إحداهما تكميلية "الخامسة"، والأخرى كاملة "السادسة"، معلنة أن عدد الرقع والحقول المشمولة بالجولتين هي 29 رقعة استكشافية توزعت بين 12 محافظة في العراق، بينما طرح خبراء حاورهم "ألترا عراق"، آراءهم بخصوص الجولات، وسلبياتها وإيجابياتها، أبرزها عدم قدرة الأجيال القادمة على استثمار أرضهم في جولات جديدة أو غيره.
استحوذت الصين على 5 حقول نفط وغاز في العراق خلال جولة التراخيص
وتحدثت الحكومة عن "الترويج" لهذه الجولة قبل نصف عام، وكذلك "إجراء العديد من ورش العمل وإيفاد الكادر من دائرة العقود والتراخيص البترولية إلى خارج العراق لأكثر من مرة بهدف الترويج لهاتين الجولتين وتشجيع الشركات على المشاركة فيهما".
وقبل يومين، أعلنت الحكومة العراقية، جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والجولة السادسة، تتضمن بمجملها 29 مشروعًا للحقول والرقع الاستكشافية، وتوقعت "الحصول على أكثر من (3459) مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الغاز، وأكثر من مليون برميل من النفط باليوم، من خلال هاتين الجولتين".
واليوم، أعلن وزير النفط في الحكومة، حيان عبد الغني إتاحة "اقتناء حقائب المعلومات" للشركات الراغبة، بينما وصل "عدد الشركات التي اشترت هذه الحقائب 22 شركة وهو عدد كبير بالنسبة إلى الشركات المتخصصة"، حسب الوزير، الذي سبق وأن أشار إلى أن الكثير من التراخيص هي جولات غازية لاستثمار الرقع الغازية لتعزيز كميات الغاز التي تذهب إلى الشبكة الوطنية وتشغيل محطات الكهرباء.
أبرز السلبيات والإيجابيات
في السياق، فصّل الأكاديمي والمتخصص في الشأن النفطي، بلال المحمداوي، أبرز الانعكاسات السلبية والإيجابية على القطاع النفطي العراقي نتيجة لجولتي التراخيص الخامسة والسادسة.
وقال المحمداوي في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "الشركات الصينية فازت بعطاءات للتنقيب في 5 حقول نفط وغاز عراقية في جولة تراخيص للتنقيب عن المواد الهيدروكربونية التي كانت تهدف في المقام الأول إلى زيادة إنتاج الغاز للاستخدام المحلي، كما استحوذت شركة كردية عراقية على 2 من المشاريع التسعة والعشرين المطروحة للاستحواذ عليها في جولة التراخيص التي تستمر ثلاثة أيام في وسط وجنوب وغرب العراق، والتي تشمل لأول مرة منطقة استكشاف بحرية في مياه الخليج العربي في البلاد".
واللافت، أن "أكثر من 20 شركة تأهلت مسبقًا لجولة التراخيص، بما في ذلك المجموعات الأوروبية والصينية والعربية والعراقية، فيما لم تكن هناك أي شركات نفط أمريكية كبرى مشاركة، حتى بعد أن التقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بممثلي شركات النفط الأميركية خلال زيارة رسمية للولايات المتحدة الشهر الماضي"، كما يؤكد المحمداوي.
غابت الشركات الأميركية النفطية عن المشاركة رغم زيارة السوداني لها في الولايات المتحدة
وعلى شكل نقاط، يشرّح المتخصص "إيجابيات" جولات التراخيص الأخيرة التي أنهتها حكومة السوداني، كما يلي:
- زيادة إنتاج النفط بما يعني زيادة الإيرادات النفطية.
- توجد في الجولة رقع استكشافية وبالتالي من الممكن استكشاف حقول جديدة وزيادة الاحتياطي النفطي والغازي العراقي.
- زيادة إنتاج الغاز وبالتالي لن يحتاج العراق للاستيراد الذي يرهق الموازنة العامة الاتحادية.
- في الجولة توجد رقع وحقول حدودية وهي مستغلة من قبل دول الجوار من دول العراق ولذلك هي ضرورية جدًا.
أما عن "السلبيات"، فيقول الخبير الآتي:
- الجولات شملت 12 محافظة وبعدد 29 حقلًا ورقعة، أما الحقول السابقة فكانت 27 حقلًا وهذا يعني أن العراق شمل أكثر من 80% من أرضه ولم يبقي شيئًا للأجيال القادمة.
- إن العراق يخصص من موازنته العامة الاتحادية بحدود 8 – 10 مليارات دولار سنويًا ككلف بتولية للشركات النفطية وهي تمثل بحدود 10% أو أكثر من الموازنة، وإن عدد الحقول وكما أسلفنا سابقًا هي أكثر من القديمة، وهذا يعني أن الكلف البترولية قد تتضاعف في حين أن الأسعار العالمية للنفط ستبقى بنفس المعدل والنتيجة هي أن الإيرادات تبقى ثابتة مع زيادة حجم الإنفاق.
- معظم الحقول هي نفطية والعراق لا يحتاج لزيادة الإنتاج النفطي بل زيادة الاستثمار في (الحقول الغازية والحقول الحدودية).
- إنتاج النفط تحدده الحصص المقرة من قبل منظمة أوبك بلس، والعراق في الوقت الحالي مخفض للإنتاج في الحقول الوطنية وفي بعض الأحيان يكون التقليص من الحقول الاستثمارية والتي ندفع الربحية على ذلك التقليص، وبالنتيجة أن إنتاج 29 حقلًا كيف سيكون في ظل حصة العراق المحددة سلفًا؟ وإنْ خالف مقررات أوبك فهذا يعني ضرب السعودية وروسيا بخنجر أميركي أوروبي.
- بعض الحقول المعروضة هي رقع استكشافية، والعراق يمتلك شركة استكشافات نفطية عراقية وهي شركة ناجحة جدًا جدًا، وإن 98% من الاستكشافات (الفحص الزلزالي الذي حصل في العراق تم من خلالها وللشركات الأجنبية العالمية)، إذن ما الداعي لعرضها للشركات العالمية؟.
- العراق امتلك خبرة 15 عامًا بالتعامل مع الشركات الأجنبية وبالطرق الحديثة وأصبح يمتلك خبرة كبيرة، فلماذا لا يتم تطوير تلك الحقول بالجهد الوطني؟.
ما واقعية زيادة الإنتاج؟
بالمقابل، هناك إمكانية لتحقيق "نتائج إيجابية" من خلال جولتي التراخيص الخامسة والسادسة في قطاع الصناعة النفطية والغازية للعراق، مع أهمية النظر لمدى واقعية زيادة الإنتاج النفطي بوجود اتفاقات بين دول أوبك، كما يرى الباحث في الشأن النفطي، مرتضى العزاوي.
أعطى العراق أكثر من 80% في جولات التراخيص ولم يبقَ شيء للأجيال القادمة
يقول الباحث في حديث لـ "ألترا عراق"، بخصوص جولات التراخيص الخامسة والسادسة، "بالتأكيد ممكن الحصول على تأثير إيجابي لها على الصناعة النفطية والغازية في العراق خاصة مع إعلان وزارة النفط عزمها إضافة مليوني برميل نفط للقدرة الإنتاجية العراقية بغض النظر إذا كانت ستنتج فعليًا أو لا، لكنها ستكون كسعة متوفرة خلال 4 أو 5 سنوات قادمة".
وزارة النفط ركزت في الجولات الجديدة على الرقع الغازية، ووفق الباحث فهذا "مهم جدًا للعراق لأنه يعاني من توفير احتياجاته للغاز الطبيعي ولذلك تم منحه أولوية كبيرة"، لكنه أكد "ضرورة الانتظار ورؤية جدية عمل الشركات الفائزة على استثمار الغاز لتكون مجدية اقتصاديًا بالنسبة لهم أم لا".
وفي ملاحظة شبيهة بملاحظة الخبير المحمداوي، تساءل العزاوي عن "الإمكانية الفعلية لدى العراق لرفع إنتاج النفط مليوني برميل مع التزاماته والاتفاقات ضمن تحالف أوبك وأوبك بلس"، قائلًا: "في حال بلغ الإنتاج 7 ملايين برميل بعد عدة سنوات فهل سيكون تصريفها للأسواق العالمية ممكنًا؟".
وفي استكمال للتساؤل، يقول الباحث: "في حال عدم تمكن العراق من تصريف إنتاجه النفطي كاملًا بعد زيادته لأي سبب كان من مشاكل العرض والطلب والاتفاقيات، فماذا سيكون مصير النفط المنتج من شركات جولات التراخيص الجديدة، وهل ستوضع شروط جزائية في حال عدم تصريف العراق لهذا النفط؟".
وفي النهاية، يرى الباحث في الشأن النفطي، بعض الإيجابيات، مثل أن "دخول الحقول الجديدة في جولات التراخيص سيوفر آلاف فرص العمل الجديدة بوقت يحتاج العراق لتوفيرها بكثرة لأنها ستأتي بمردود مالي جيد للعاملين في هذا القطاع، كما سيرافق ذلك عوامل نهوض اقتصادية واجتماعية".