ألترا عراق ـ فريق التحرير
تتفق جميع القوى الشعبية والسياسية من مختلف التوجهات في العراق، على ضرورة "فرض القانون هيبة الدولة"، وهو مطلب أزلي في عراق ما بعد 2003، وكان أحد أبرز مطالب احتجاجات تشرين، وبينما يتشارك الجميع بهذه الرؤية من حيث المبدأ، إلا أنّ كل جهة تضع نصب أعينها أسبابًا مختلفة وجهات معينة يجب أن تفرض عليها هيبة الدولة والقانون.
ظهرت تهديدات إطارية ضمنية في الآونة الأخيرة ضد جميع القوى المناوئة التي قادت احتجاجات قوية استهدفت في معظم شعاراتها قوى الإطار التنسيقي وفصائله المسلّحة
قوى تشرين والحراك الشعبي وبعض الجهات السياسية تعتقد أن فرض القانون وهيبة الدولة مفتقدة لعدم تعامل الحكومة وفق القانون ضد الجهات المسلحة، والتي مارست فعاليات مختلفة ضد القانون وضد مؤسسات الدولة وضد المواطنين أيضًا، وبينما يعد مشهد الاستعراض بالسلاح وقصف منزل رئيس الوزراء بطائرة مسيرة أو تهديد وكشف معلومات ضباط أمن في الدولة في منصات مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الفصائل، هو أبرز حدث يستحق أن يفرض عليه القانون وهيبة الدولة، إلا أنّ لقوى الإطار التنسيقي رأي آخر، كما يبدو.
قوى الإطار التنسيقي التي تستعد لتشكيل الحكومة الجديدة التي تتبناها، تؤكد منذ أيام على ضرورة تطبيق وفرض القانون وهيبة الدولة، ويتضح من التصريحات أنّ هذا الملف هو "أول الأوليات"، وأنها قناعة متشكلة طوال الأعوام الثلاثة الماضية منذ سقوط حكومة عادل عبد المهدي وحان الوقت لتطبيق هذه القناعة، في الوقت الذي يطرح لتساؤل عن شكل فرض القانون وهيبة الدولة الذي تهتم به قوى الإطار التي ينضوي فيه معظم القوى السياسية المسلحة والفصائل التي تجري قناعة شبه عامة بأنها "أول من يجب أن يطبق عليها القانون وفرض هيبة الدولة".
ويكرر نواب وقوى الإطار التنسيقي في تصريحاتهم أن ملف الأمن "الذي فشل فيه الكاظمي" سيكون على رأس أجندة حكومة السوداني، فيما يقول المتحدث باسم المجلس الأعلى، علي الدفاعي: "نحن في الإطار التنسيقي لا نخشى إطلاقًا من قضية التظاهرات، لأن هذه السنة أثبتت أننا بحاجة إلى تفعيل المؤسسات الدستورية، وإلى حكومة قوية تعيد هيبة الدولة وتفرض احترام القانون، ونحن بحاجة إلى أن نعجل بتشكيل الحكومة".
ويضيف أنّ "التظاهر الشعبي السلمي يكفله الدستور، لكن تعطيل المؤسسات وفرض الأمر الواقع غير ممكن، فالعجلة سارت وننتظر حكومة قوية تعطى الفرصة لإنجاز مهامها".
الإطار يحاول "الإجهاز على الصدريين"
ويرى مراقبون أن قوى الإطار "متحمسة" لفرض "القانون"، على جميع القوى المناوئة التي قادت احتجاجات قوية استهدفت في معظم شعاراتها قوى الإطار التنسيقي وفصائله المسلحة، حيث أنّ محتجي تشرين والصدريين هم الجهات التي تحتاج لإخضاعهم لـ"القانون وهيبة الدولة" بنظر قوى الإطار.
ويقول الباحث السياسي أحمد الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "حكومة الكاظمي كانت حكومة احتواء التشرينيين وهدف حكومته كان واضحًا، إلا أن هدف حكومة السوداني ليس إقامة انتخابات مبكرة وفرض حالة الاستقرار، وإنما بث قوة الإطار، واعتقد أن الهدف الرئيسي لحكومة السوداني هو إضعاف الصدريين، بتبادل أدوار بينه وبين المالكي".
ويعتقد الياسري أنّ "حكومة شياع السوداني لو تشكلت ونجحت بعملية التشكيل ستكون أول أهدافها هو إضعاف الصدريين شعبيًا أو سياسيًا أو أمنيًا، فالأمر سيعتمد على الوصية الإيرانية للإطار"، معتبرًا أنّ "ما حصل على المستوى القريب هو نجاح سياسي لإيران في الداخل العراقي لكن على المستوى البعيد الأمر غير واضح".
واعتبر أنّ نجاح الإطار جاء من خلال تفكيره بـ"عقلية تيارية"، حيث اشتركت كل التيارات السياسية والعسكرية والفصائلية وبنصائح إيرانية، وعملوا على تشكيل الثلث المعطل وغيرها من المعرقلات التي أدت لإفشال مشروع الصدر، إما التيار الصدري فقد فكر بعقلية إطارية، أي اعتماد إطار مركزي، شخص يفكر ويقرر والآخرون يتبعون.
ويعتقد الياسري أنّ "الإطار حقق مكاسب لكنها ليست مطلقة"، متوقعًا "نزول الصدريين بقوة وسكوتهم حاليًا هو لصناعة اللحظة"، معتبرًا أنّ "كل الإجراءات مفتوحة أمام الإطار لتحجيم الصدريين والإجهاز عليهم خلال الفترة المقبلة، لكن الصدر يريد أن يضع الإطار في مواجهة الشعب، وأن يستثمر الشارع للضغط على الإطار، وجعلهم يراقبون فكرة وجود حكومة إيرانية"، مبينًا أننا الآن "عدنا إلى لحظة 2018، والشعب يجب أن يأخذ خطوة ليعود إلى 2019 على الأقل".
هل يكرر السوداني سيناريو عبد المهدي؟
مع هذا الحماس الذي تظهر فيه قوى الإطار التنسيقي تجاه "فرض هيبة الدولة" على يد السوداني، تطرح تساؤلات عن مصير أي تظاهرات قد تخرج ضد الحكومة المقبلة وكيف سيتعامل معها السوداني.
المحلل السياسي علي البيدر، يتفق على وجود تلميح من الجهات القريبة والمحسوبة على الإطار التنسيقي لفكرة أن "أي رفض أو ما تراه تمردًا على حكومة السوداني سيواجه برد قاسٍ"، مبينًا أن "هذا سينعكس على حرية التعير والتظاهر وقد نشهد حالة من العنف".
ويرى البيدر في حديث لـ"ألترا عراق"،
أنّ "على السوداني أن ينسلخ بشكل تدريجي عن مفهوم وقناعات الإطار لأنه عندما يصبح رئيسًا للوزراء، فأنه سيصبح رئيس وزارء العراق وكل العراقيين وليس الإطار"، مشيرًا إلى "ضرورة أن يتعامل بمفهوم ومنطق رجل الدولة، لا بمفاهيم سياسية أو أيديولوجية"، معتبرًا أنه "هنا سوف تظهر الحقيقة ويوضع الرجل على المحك ويظهر مدى تفضيله لخيار رجل الدولة أم الشخصية الحزبية".ويستبعد البيدر "تكرار سيناريو عادل عبد المهدي بحكومة السوداني"، مشيرًا إلى أنّ "ديناميكية وحيوية السوداني تجعله مختلفًا ويمتلك الكثير من القدرة على قلب مفاهيم معينة خصوصًا مع الحيوية والروحية الشبابية التي يتحلى بها والتي ستجعله مختلفًا عن عبد المهدي".
يتوقع مراقبون نزول التيار الصدري إلى الشارع بقوة في الفترات المقبلة
وأشار إلى أنّ "الفترة التي استطاع فيها الكاظمي من سحب وتقليل دور الجماعات المسلحة في الدولة، سيجعل هذه الفصائل لا تستطيع الانغماس والتماهي سريعًا في حكومة السوداني بشكل مباشر، بل تحتاج لفترة طويلة هذا إذا ما عمل السوداني على منع ذلك".