13-فبراير-2024
الدفع الإلكتروني في العراق

تحديات عديدة (GettyI)

منذ سنوات ليست بعيدة، اتخذ العراق الخطوات الأولى، للسير نحو محاولات تفعيل نظام الدفع الإلكتروني، حيث بدأت هذه الخطوات عبر توطين رواتب الموظفين، ومن ثمّ نصب أجهزة الدفع الإلكتروني في عدة أماكن، ومنها محطّات الوقود، لكنّ العديد من الخبراء والمختصين، لا زالوا يرون أنّ ثقافة الدفع الإلكتروني ليست بالمستوى المطلوب، لأسباب عديدة، منها ما يتعلّق بالثقافة الاقتصادية والإلكترونية، فضلًا عن أن الفساد المنتشر في البلاد، يعيق تطبيقها بشكل كامل. 

رأى خبراء اقتصاديون أنّ التثقيف للدفع الإلكتروني في العراق ليس بالمستوى المطلوب حتى الآن

وبحسب خبراء فإنّ الحكومة العراقية، ومن خلال محاولات تطبيق الدفع الإلكتروني، تهدف إلى سحب الكتلة النقدية المتداولة في العراق والتي تبلغ 84 تريليون دينار.

ويرى الخبير الاقتصادي، ناصر الكناني، أنّ تطبيق نظام الدفع الإلكتروني بجميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية من الصعب حصوله في العراق، لانعدام الثقافة الإلكترونية لدى المواطنين بمختلف شرائحهم، مبينًا أنّ "الدفع النقدي لا يمكن إيقافه وسيبقى بشكل جزئي لضرورته". 

ويقول الكناني لـ"ألترا عراق"، إنّ "الأموال مكتنزة بشكل طبيعي لدى المواطنين وإمكانية سحبها وجعلها إلكترونية في بطاقات الدفع الرقمية لا يمكن حصوله دون تخطيط وإقناع".

وبالنسبة للكناني، فإنّ "الطريقة المثلى لنجاح الدفع الإلكتروني هو قيام البنك المركزي بإجراء عملية حذف 3 أصفار من العملة، وطبع عملات جديدة، وإعلان فترة شهر واحد لتوجه المواطنين من أجل استبدال جميع أموالهم بطبعة جديدة ما سيعطي انطباعًا عن قوة الدينار مقابل الدولار وبقية العملات".

وحين تتحقّق هذه الخطوة، فإنّ الحكومة ـ والكلام للكناني ـ "تقوم باستبدال ما نسبته 10 % من الأموال وتسليمها للمواطنين، فيما يتمّ وضع المتبقي بحساب مصرفي يتمّ فتحه لكل مواطن وإيداع أمواله ومنحه بطاقة إلكترونية للسحب من خلالها"، مؤكدًا أنّ "هذه الخطوة ستقضي على التداول النقدي وعمليات الفساد والاكتناز، فضلًا عن تهريب العملة بطريقة وأخرى". 

وقال الكناني إنّ "التثقيف للدفع الإلكتروني ليس بالمستوى المطلوب الآن، كما يعتبر تطبيقه في محطات الوقود وتحديد فترة الالتزام الكلّي به من المستحيل تحققه لأن المشاكل التي تحدث بهذه العملية الآن بتعطل أجهزة الدفع  دون غيرها في بقية المصالح الاقتصادية، يعطي علامات استفهام كثيرة حول جدية الحد من استقطاع أكثر من التسعيرة". 

ورأى الكناني أيضًا أنّ "خطوة الحكومة الآن بالحديث عن الدفع الإلكتروني وإلزام المواطنين هي خطوة نحو الألف ميل بهذا المشروع مقارنة بتجارب ناجحة في بلدان كثيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية متمثلة بالبنك الفيدرالي الذي تستخدم بطاقته الإلكترونية في كل مكان، إضافة لمصرف بيبلوس اللبناني وبطاقته التي تستخدم كمثال في بغداد، وهو ما يشيع ثقافة عالمية لهذه البلدان عكس الثقافة الفقيرة بهذه التعاملات في العراق، لأن المواطن فقد الثقة بالدولة بعد 2003 بسبب القرارات السياسية الارتجالية وغياب التخطيط الحقيقي".

قال خبير اقتصادي إنّ الدفع النقدي لا يمكن إيقافه وسيبقى بشكل جزئي لضرورته

ومع ما تحدث به الخبير من "صعوبة" في تطبيق نظام الدفع الإلكتروني، فإنّ البنك الدولي، وفي 7 شباط/فبراير الحالي، زعم أنّ البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني بالعراق "من بين الأفضل في المنطقة"، بحسب بيان صادر عن البنك المركزي العراقي

وعلى هامش مشاركة السوداني في منتدى دافوس الاقتصادي، في كانون الثاني/يناير الماضي، قال بيان حكومي إنّ البنك الدولي يدعم إجراءات تطوير القطاع المصرفي وخاصة نظام الدفاع الإلكتروني الذي تجري محاولات لاعتماده في العراق. 

وفي 17 كانون الثاني/يناير 2023، أقر مجلس الوزراء العراقي توصية مجلس الوزراء للاقتصاد بتفعيل خدمة الدفع الالكتروني، حيث نص القرار على أنّ "النظام يتمتع بمستوى عالٍ من الحماية والأمان واختصارًا للوقت والجهد، ومساهمته في تنشيط حركة الاقتصاد".

وألزم القرار الحكومي السابق البنك المركزي بـ"تسهيل إجراءات منح رخص تحصيل البطاقات المصرفية وإعفاء جميع التعاملات بالدفع الالكتروني (POS) من الضرائب".

ويحدد الباحث في الشأن الاقتصادي، علي دعدوش، أبرز النقاط التي يمكن من خلالها نجاح تطبيق أنظمة الدفع الإلكتروني في العراق. 

وقال دعدوش، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "تطبيق الدفع الالكتروني يحتاج إلى ثقافة ونشر إعلانات مكثفة تبسيطية للمواطن والأخذ بتجارب الدول التي نجحت فيها أنظمة الدفع الإلكتروني وتحولت تدريجيًا إلى المجتمع غير النقدي  Cashless كالسويد مثلًا".

يتحدث خبراء عن أحد أسباب الابتعاد عن نظام الدفع الإلكتروني وهو فقدان المواطن الثقة بالدولة بعد 2003 

ودعا دعدوش إلى "ضرورة التشديد على الشفافية في نشر المعلومات الكافية التي تتيح للمواطن البسيط معرفة ما له وما عليه مثل كم عمولة كل شركة وكيفية تصدير بطاقة الدفع وكم سقفها وغيرها "، قائلًا إنّ "هذه الخطوات ستعمل على تسهيل إجراءات التعامل مع أنظمة الدفع الالكتروني في البلاد".