11-فبراير-2017

التعليم في العراق متردٍّ للغاية (الأناضول)

مع انتشار استخدام صفحات التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية في العراق، تمددت ظاهرة الأخطاء اللغوية في كتابات مستخدمي صفحات "الفيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من تلك الصفحات. وأصبح من الشائع أن تحل الحروف بدل الحركات في نهاية الكلمات مثل "شكرن جزيلن" بدل "شكرًا جزيلًا" و"لاكنهو" بدل لكنه، كما نحت المستخدمون (وأغلبهم من حملة الشهادات الجامعية) علاقة جديدة بين أحرف الجر وال التعريف التي تسبق الكلمات المعرفة بال، كأن تقرأ "بل عراق"، بدل بالعراق. إضافة إلى التباسات أخرى تقع في عدم التفريق بين الـ"ظ" والـ"ض"، والتاء المفتوحة منها والمربوطة، وهمزات القطع منها والوصل، وغيرها الكثير والكثير.

مع انتشار استخدام صفحات التواصل الاجتماعي في العراق، تمددت ظاهرة الأخطاء اللغوية في كتابات مستخدمي صفحات "الفيسبوك" و"تويتر"

هذه المجزرة اللغوية، كما يطلق عليها مختصون عراقيون بلغة الضاد، تتسع لتشمل أحيانًا بعض المواقع الرسمية لسياسيين عراقيين ومؤسسات حكومية هي بالأساس متخمة بأخطاء نحوية تدل على أن المشرفين عليها مصابون بمرض أمية من نوع جديد. إذ إن هؤلاء يحملون شهادات جامعية أولية وبعضهم يحملون شهادات ماجستير ودكتوراه باختصاصات مختلفة يطغى عليها اختصاصا الإعلام والعلوم السياسية، وهما اختصاصان أصبح من الشائع في العراق أن يكون معظم حملتهما لا يفقهون فيهما الكثير.

اقرأ/ي أيضًا: العراق.. تلاميذ بلا مدارس

ودفع تدني استعمال اللغة بشكل صحيح بعض المختصين إلى إيجاد طريقة سهلة للكتابة تتماشى مع عصر التدوين الإلكتروني. وقال أستاذ العلاقات العامة في كلية الإعلام بجامعة بغداد محمد فلحي: "اللغة العربية لغة صوتية وليس صورية أي أن اللفظ سبق التدوين والكتابة، وقد حفظ القرآن الكريم اللغة العربية كتابة وصوتًا ومعنى"، وأضاف: "لاحظت خلال تصحيح أوراق الامتحان الفصلي أن الكثير من طلبتي تنقصهم المهارة اللغوية الكتابية فيخطئون في النحو والإملاء بشكل مستفز ومضحك، وعندما سألت بعضهم راحوا يشكون من صعوبة القواعد اللغوية الصارمة في عصر تطور فيه كل شيء إلا اللغة العربية". وأضاف فلحي: "التدوين الإلكتروني اكتسح التدوين الورقي وأصبحت الكتابة والخط على الورق من الماضي".

وأشار إلى أن "كثيرًا من الطلبة يكتب بطريقته العفوية السهلة مثل كلمة (لكنه) يكتبها (لاكنهو)..واللفظ واحد وهو صحيح لكن شكل الكتابة مختلف وربما يكون الشكل الأخير هو الأسهل". وتساءل أستاذ العلاقات العامة في كلية الإعلام بجامعة بغداد: "قواعد اللغة العربية وكتابتها وضعت قبل نحو ألف عام فلماذا لا تكون هناك اختراعات جديدة لتطوير شكل الألفاظ العربية وتسهيل تدوينها إلكترونياً؟". وتعزو مدرسة اللغة العربية في التعليم الثانوي زينة الربيعي في حديث إلى "ألترا صوت" ظاهرة الأخطاء في الكتابة لدى العراقيين إلى المناهج الدراسية.

ظاهرة الأخطاء في الكتابة لدى العراقيين تعود إلى المناهج الدراسية المعتمدة

وقالت الربيعي إن "المواد المقررة للمادة جافة وتفتقد المتعة والبساطة، كما أنها بعيدة عن المتداول من مفردات في الحياة اليومية. ولم يفرق واضعوا مناهج اللغة العربية بين طالب المراحل الأولية الذي يحتاج إلى معلومات عامة تتسم بمتعة التعلم، وبين الطالب المتخصص بدراسة اللغة في الكليات المتخصصة".
وأضافت الربيعي "غالبًا ما أرى ابتسامات السخرية على ملامح طلبتي حين أشرح لهم مفردات في قصيدة جاهلية على سبيل المثال، أما في قواعد اللغة العربية للصف الثالث المتوسط، فإن بعض المواد تكاد أن تكون مندثرة وليس لها استخدام إلا عند المتخصصين، ناهيك عن الأمثلة التي تثير سخرية الطلبة كاستخدام الفعل قفع في باب الميزان الصرفي التي جاءت من المقفعة وهي خشبة تضرب بها اليد والتي أعتقد أنها أصبحت من محتويات المتحف اللغوي الذي يصعب على الطالب حفظها وتداولها".
وبحسب أصحاب الاختصاص، فإن "مجزرة اللغة العربية" في العراق مستمرة ما لم تنتبه المؤسسات المختصة إلى أمرين، أولًا تعديل المناهج التدريسية بما يتسق مع الاستخدام الحديث اللغة، وثانيًا زج العناصر التدريسية بدورات مكثفة تمكنهم من استيعاب المادة وتقديمها للطالب وفق أساليب تدريس حديثة تخلق علاقة إيجابية بين الطالب والمادة، وهذان الأمران يحتاجان إلى تغيير القائمين على تلك المؤسسات التعليمية التي هي جزء من المحاصصة الطائفية في العراق، وهذا الأمر بدوره يحتاج إلى تغيير النظام السياسي برمته، وإلى أن يتحقق ذلك، تبقى اللغة العربية عبارة عن "العلمو نورون".

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعات العراقية بين الإهمال والوزراء المسيسين

طلبة العراق.. ممنوعون من التظاهر!