21-ديسمبر-2018

القصة الكاملة للإعلام الإيراني في العراق (ألترا صوت)

ألترا صوت - فريق التحرير

بدأت الاحتجاجات العراقية في مطلع تموز/يوليو الماضي. وكان المحتجون في المحافظات العراقية، وخاصة البصرة في جنوب العراق، يطالبون بتحسين الواقع الخدمي وتوفير مياه الشرب، بعد إصابة 100 ألف مواطن جرّاء تلوّث المياه، ما أدى إلى أن تطالب المفوضية العليا لحقوق الإنسان بإعلان محافظة البصرة "مدينة منكوبة".

لم يتفاعل الإعلام في العراق مع الاحتجاجات كما ينبغي خاصة وسائل الإعلام الممولة إيرانيًا وهي الفاعل الأكبر وصاحبة المؤسسات الأكثر عددًا

لم يكن الإعلام في العراق متفاعلًا مع الاحتجاجات في المحافظات العراقية كما ينبغي، إذ ينقسم الإعلام في العراق بين مملوك إلى أحزاب السلطة أو رجال المال المتحالفين مع السلطة، أو المنصات الغربية والأمريكية، أو الإعلام الممول إيرانيًا والموجه للعراق والناطق بالعربية، والذي هو الفاعل الأكبر، وصاحب المؤسسات الأكثر عددًا. 

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام العراقي في 2018.. حريات صحفية في منطقة الخطر

وفي غمرة الاحتجاجات وما شهدته من اعتداءات على المتظاهرين في البصرة، كانت القنوات المدعومة من إيران تظهر في بث مباشر من اليمن! ما دفع بعض العراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطرح علامات استفهام حول هذه المؤسسات، ولماذا تنقل أحداث اليمن أو الاحتجاجات في البحرين مثلًا، بينما تتجاهل التظاهرات العراقية، وهي تبث من العراق، وتظهر في صورة محلية عراقية.

تتوفر  إيران على عشرات المؤسسات الإعلامية التي تتبنى خطابًا يحاول الترسيخ للنفوذ الإيراني، ويضرب خصوم طهران في العراق. وهي مؤسسات معروفة للعراقيين، منها قناة "الاتجاه" التابعة لكتائب حزب الله، الفصيل الذي يقاتل في العراق وسوريا للدفاع عن نظام بشار الأسد، وكذلك قناتي "الإشراق" و"الإباء" التابعتين كذلك لكتائب حزب الله. وأيضًا قناة "النجباء" التابعة لفصيل النجباء الذي يقاتل في سوريا أيضًا، وقناة "الغدير" التابعة لفصيل منظمة بدر، وقناتي "العهد" و"العهد 2"، التابعة لفصيل عصائب أهل الحق، الذي قاتل في سوريا كذلك.

تمتلك هذه القنوات وكالات أنباء إخبارية، مثل وكالة العهد نيوز. وتمتلك إذاعات موسعة، مثل إذاعتي النجباء والكوثر، بالإضافة إلى عشرات المؤسسات التي تستمر في عملها تحت مظلة الانتماء إلى اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، والذي يرأسه حميد الحسيني "المرتبط بمدير الاتحاد الاسلامي العام كريم ياني الإيراني، الذي يجيد العربية لكنه يرفض التحدث بها خلال المؤتمرات العراقية"، كما كشف مصدر"ألترا صوت" الخاص. 

ويضيف المصدر الذي يعمل في إحدى وسائل الإعلام الإيراني بالعراق، أن "كل شخص يمتلك مجموعة مسلحة أو ينشق عن التيار الصدري المناهض لإيران، بمجرّد أن يذهب لإيران ويقدم مشروع على ورق لافتتاح فضائية أو إذاعة أو موقع يتم توفير كل المتطلبات اللازمة له وفي غضون أشهر قليلة".

قلق "مذهبي" من الاحتجاجات

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أديرت البلاد سياسيًا وفق نظام المحاصصة، أو ما يسمى بـ"الديمقراطية التوافقية"، وهي آلية التوزيع المذهبي والعرقي بين الكتل السياسية. ويتم التنافس بين الفرقاء السياسيين طائفيًا، ومن يكون أكثر شحنًا من باب المذهبية يفوز برضا الناس في صناديق الانتخابات.

في حين تستدعي الأحزاب الحاكمة المظلومية التاريخية الطائفية، وتستحضر الرموز المذهبية للطوائف. فعلى سبيل المثال يقول رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي المدعوم من إيران، في خطاب سابق له، إن "المعركة لا تزال مستمرة بين أنصار الحسين وأنصار يزيد"!

 على هذا يتأسس عمل هذه المؤسسات الإعلامية، بهذا الخطاب وتوظيفه لتخويف الناس على مذاهبهم من العدو الطائفي الآخر المصطنع، حتى بعد تراجع الخطاب الطائفي في العراق. ويشمل هذا التخويف حتى الاحتجاجات التي تخرج في العراق بين فترة وأخرى للمطالبة بالخدمات والعيش الكريم.

في هذا الصدد يقول المصدر عينه، إن "التعامل مع الاحتجاجات في المؤسسات الإيرانية دائمًا ما يأتي بأوامر من قبل الإدارة، لإظهار الاحتجاجات على أنها مدفوعة من المحور الأمريكي السعودي الذي يريد استهداف الشيعة".

وأضاف أن "هذه المؤسسات إن شعرت بالحرج، وترى أن هناك تأييد شعبي للاحتجاجات، تتعامل معها وفق منظور محدّد على أنها محقة، لكنها تشكل خطرًا على البلاد كونها مهدّدة وهناك من يتربص بها وهو ما يعطي ضوء أخضر لقمعها".

وفي 23 أيار/مايو 2016، كانت الاحتجاجات متأججة في العراق للمطالبة بإنهاء المحاصصة واستبدال الوزراء بآخرين "تكنوقراط"، إضافة إلى مطالب عدة أدت إلى دخول المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء، المكان المحصن الذي يسكن فيه المسؤولين في البلاد.

وبعدها خرج رجل الدين الولائي المعروف، هاشم الحيدري، والمقرب من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، مناديًا بـ"تحرير الفلوجة أولًا"، عازيًا الأمر إلى أن "أمريكا تخاف من تحرير الفلوجة ولا تريد للحشد الشعبي أن يدخل إليها"؛ ليُدشّن وسم (هاشتاج) "#تحرير_الفلوجة_أولًا" من قبل الجيوش الإلكترونية الإيرانية في العراق، على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لبناء صورة بأن المتظاهرين يُعطلون تحرير مدينة الفلوجة من تنظيم الدولة الإسلامية - داعش.

المصدر الذي يعمل مقدمًا للبرامج في إحدى وسائل الإعلام الإيراني بالعراق منذ نحو 10 سنوات، أشار إلى أنه "أثناء الاحتجاجات تعمل هذه المؤسسات على إظهار لقطات توحي للمتلقي بأنها احتجاجات بلا أهداف، وأنها تمارس التخريب وتسعى للفوضى".

وأضاف: "التقارير ترتب مسبقًا. ويُعتمد على ذكر وكالات أنباء أجنبية تكون غير موجودة أصلًا، أو تترجم موادها بشكل مغاير تمامًا لما ورد فيها"، مستطردًا: "كما يُستضاف نشطاء غير مؤثرين، أو متحزبين، يتقاضون أجورًا مرتفعة، ليتحدثوا عن تسييس الاحتجاجات".

كما كشف المصدر عن أن هذه السياسات التحريرية يُرتّب لها مسبقًا من خلالا اجتماعات مع رؤساء هذه الوسائل الإعلامية في مقر اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية في منطقة الجادرية ببغداد. كما تتم المتابعة الدورية معهم عبر تطبيق واتساب.

وفي السابع من أيلول/سبتمبر الماضي، أحرق المتظاهرون مقر القنصلية الإيرانية في البصرة، مع مقرات الأحزاب المقربة من إيران. ونشرت قناة العهد، التابعة لفصيل عصائب أهل الحق، تقريرًا يتحدث عن "ضلوع السفارة السعودية في أحداث البصرة لاختراق المنظومة الشيعية وتمهيدًا لإحداث اقتتال داخلي".

يحدث أحيانًا أن تلجأ وسائل الإعلام الإيرانية لاستخدام لقطات الاحتجاجات والزعم بأنها لمطالب أخرى خلافًا لواقعها. على سبيل المثال، عندما أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، في آب/أغسطس الماضي، أن حكومته "لا تتعاطف" مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، لكنها ستلتزم بها لحماية مصالحها؛ لجأت قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية، للقطات من احتجاجات النجف المطلبية، وحورتها على أنها تظاهرات ضد موقف العبادي من العقوبات الأمريكية على إيران.

تمرير الخطاب الإيراني

يفرض التمويل الإيراني تبعيةً كاملة لهذه المؤسسات لإيران، حتى أن النشرات الإخبارية لابد أن تتناول أخبار ولاية الفقيه وإنجازات الحرس الثوري الإيراني كعناوين رئيسية، تسبق حتى عناوين الشأن العراقي.

في هذا الصدد يقول مصدر عامل بإحدى وسائل الإعلام الإيرانية في العراق، رفص الإفصاح عن اسمه لأسباب ترتبط بأمنه الوظيفي، أن "الإعلام الإيراني الولائي الناطق بالعربية يرتكز على عدة مرتكزات، أهمها أنه يريد فرض الرؤية السياسية التي يتبناها الحزب المقرب من إيران والممول للمحطة الفضائية، من خلال البرامج الحوارية ونشرات الأخبار". 

كشفت مصادر خاصة لـ"ألتراصوت" عن أن العاملين في وسائل الإعلام الإيرانية بالعراق يُوجَهون بشكل مباشر لتهميش المؤسسة العسكرية الرسمية

وأشار المصدر في حديثه لـ"ألترا صوت"، إلى أن "المنهج العام يتم فيه منع أي مساحة من الحرية للمقدم أو المذيع لإدارة البرنامج بشكل متزن وحيادي يضمن الوقت الكافي للضيوف"، مضيفًا: "كما يمنع أي نقاش سياسي قد يؤدي الى فتح باب التشكيك ونمو الأسئلة المتعلقة بالفشل للأحزاب الإسلامية السياسية المقربة من إيران والحديث عنها كتجربة سياسية جاءت بها الظروف التي أعقبت الغزو الأمريكي"، متندرًا "هنا تتطابق المصلحتين الأمريكية والإيرانية في الدفاع عن النظام".

اقرأ/ي أيضًا: ما الذي ينقص الإعلام العراقي: الحياد أم الموضوعية؟ 

وكشف المصدر عن أن أي تلكؤ من قبل العاملين في وسائل الإعلام الإيراني بالعراق، عن اتباع سياسات الأجندة المفروضة عليهم، يعني إنهاء خدماتهم فورًا.

تهميش المؤسسة العسكرية العراقية

منذ تأسيس الحشد الشعبي في العراق بعد فتوى المرجع الأعلى في النجف، علي السيستاني بـ"الجهاد الكفائي" ضد داعش، والتي أصدرها في 13 حزيران/يونيو 2014؛ تحاول الجهات المقربة من إيران العمل على استهداف سمعة المؤسسة العسكرية الرسمية المرتبطة بالدولة، في مقابل تعظيم دور الفصائل المسلحة غير الرسمية والمليشيات المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، من خلال الخطاب الإعلامي في القنوات والبرامج، أو حتى على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أوضح مصدر "ألترا صوت" أن العاملين في غرف الأخبار والبرامج المذاعة عبر وسائل الإعلام الإيرانية، يُوجهون للعمل على تهميش المؤسسة العسكرية الرسمية من خلال "إيهام المتلقي بضعفها وفسادها"، في المقابل يُطرح الحشد الشعبي كبديل "أكثر قوة وانضباطًا".

وأشار المصدر، مقدم البرامج، إلى أنه كثيرًا ما يُلجأ للخطاب المذهبي للترويج للحشد الشعبي في مقابل المؤسسة العسكرية الرسمية، على اعتبار أن الحشد الشعبي "جيش يدافع عن الإسلام، ومُسدد من السماء"!

عزل العراق عربيًا

إلى حد وجود حليف إيران، نوري المالكي، رئيسًا للوزراء منذ 2006 وحتى 2014، كانت العلاقات العراقية العربية ليست في أفضل أحوالها. لكن مع صعود حيدر العبادي لرئاسة الوزراء، حاول الانفتاح على العرب بزيارات متعددة، ودعوات مستمرة لزيارة بغداد. غير أن المؤسسات الإعلامية الإيرانية في العراق دأبت على "وضع العقدة في المنشار، فيما يخص العلاقات مع الدول العربية"، كما قال مصدر ألترا صوت بإحدى وسائل الإعلام الإيرانية في العراق. وأوضح المصدر أن هذه الوسائل تعمل على وسم الدول العربية بدعم الإرهاب تارةً، وأخرى بالاستهداف الطائفي. 

وقال المصدر، إن "غرف الأخبار والمؤسسات الإعلامية عمومًا كان يتم فيها تشويه أي تحرك دبلوماسي للدولة باتجاه الانفتاح على العرب عمومًا"، لافتًا إلى أن "هذا يتمّ بأوامر من قبل إدارة الأخبار أو القناة، ويعرض في برامج حوارية تستضيف محللين من نفس التوجه لتدعيم هذه الأفكار".

الاستقطاب الطائفي

تلعب المؤسسات الإعلامية الإيرانية في العراق دورًا في الاستقطاب الطائفي لأبناء المذهب الشيعي في العراق، كأداة لاستمالة وكسب الولاء السياسي على أساس طائفي.

وتعرض هذه المؤسسات الإعلامية عدّة برامج مشهورة باتباعها سياسة إعلامية تعتمد على الخطاب الطائفي، مثل برنامج "كلام وجيه"، الذي أصبح مقدمه وجيه عباس، نائبًا في البرلمان العراقي في انتخابات أيار/مايو 2018 عن حركة صادقون، الجناح السياسي لفصيل عصائب أهل الحق. 

وكشفت مصادر "ألترا صوت" عن أنه تُعتمد سياسة تحريرية واضحة لحشو أغلب ساعات البث بمواد مخصصة للتوجيه المعنوي الطائفي، والدعوة للقتال في مواجهة "العدو". وتُستخدم تلك الوسائل كأدوات إعلامية للحشد من أجل القتال في سوريا إلى جانب المليشيات المدعومة إيرانيًا.

الجيوش الإلكترونية

ظهر مصطلح "الجيوش الإلكترونية" في العراق، بعد الحرب على داعش. والجيوش الإلكترونية هي فرق تعمل على مواقع التواصل الاجتماعي على ضخ أعداد كبيرة من التدوينات والتغريدات حول قضية معينة، بسياسة وتوجه معين، بغية صناعة رأي عام موجّه.

أحد المدونين، رفض الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية، كشف لـ"ألترا صوت" عن أنه عرض عليه راتب 500 دولار شهريًا "للعمل في جيوش الحشد الشعبي الإلكترونية"، مبينًا أن العمل هدفه "تلميع صورة الحشد الشعبي، بالإضافة إلى ربطه بالدفاع عن الطائفة وحماية الأعراض، الموضوع الفاعل لدى العراقيين، ومهاجمة منتقديه وخصومه".

يقول المدون ذاته إن الأساليب الخطابية الأكثر شيوعًا في هذا الصدد، هو اللعب على وتر مظلومية أهل الجنوب مقارنة بالأكراد في الشمال أو السنة في المحافظات الغربية، مع التركيز على فكرة أن "أهل الجنوب هم من حرروا البلاد من داعش".

يتضح ارتباط هذه الجيوش الإلكترونية بإيران من خلال الوسوم التي يدشنونها، ويكثفون النشر عبرها، مثل وسمي "#شكرًا_سليماني" و"#شكرًا_إيران"، اللذين أطلقا بعد انتهاء الحرب على داعش، في رسالة موجهة بأن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ومن ورائه طهران، قد ساهما في تحرير البلاد من داعش. "الغرض من ذلك، بالإضافة إلى خلق حالة من الولاء بالعرفان لإيران، هو تهميش دور القوات الأمنية العراقية الرسمية في قتال داعش"، يضيف المدون لـ"ألترا صوت".

في ذات السياق ظهرت صفحات وحسابات تطالب بإزالة الحدود بين العراق وإيران تحت شعارات مثل: "الحدود حضائر بشرية خلقها المحتل" و"أنت تنتمي لدولة محمد وآل محمد". منها حساب "Iraqlranunion" على تويتر، الذي يصف نفسه بـ"مواطن الاتحاد الإسلامي العراقي الإيراني"، ويُثبّت تغريدة تسخر من العرب.

الإعلام الميداني.. استفزاز بـ"رموز إيران"

في كانون الأول/ديسمبر 2018، تم افتتاح نصب تذكاري في محافظة ديالى الحدودية مع إيران، والتي كانت مسرحًا للحرب الإيرانية العراقية في حقبة الثمانينات من القرن الماضي. النصب كان يحمل صورة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي والمرشد السابق روح الله الخميني، ما أدى إلى انتقادات واسعة بين العراقيين، الأمر الذي رآه مراقبون استفزازًا طائفيًا وقوميًا لسكان المحافظة، ومحاولة لفرض النفوذ الإيراني على كل محافظات العراق.

يظهر في النصب أن الإعلام الحربي التابع للحشد الشعبي، هو من يقف وراءه. علمًا بأن الإعلام الحربي يتقاضى أجره رسميًا من الموازنة العراقية، إذ أعلنت وزارة المالية العراقية، في 20 كانون الأول/ديسبمر الجاري، أنها "خصصت أكثر من ترليوني دينار عراقي/1600 مليون دولار أمريكي، ضمن قانون الموازنة الاتحادية العامة للعراق في 2019، لمرتبات الحشد الشعبي"، التي تساوت أخيرًا مع رواتب القوات الأمنية في العراق، علمًا أن أعداد منتسبي الحشد تصل حدود 130 ألف مقاتل، بمعدل 1000 دولار أمريكي للشخص الواحد. فيما يوظف الحشد الشعبي هذه الموازنة بعد أن يحسم الرواتب منها على التسليح والتحشيد المذهبي كما القتال في سوريا وطبعًا الإعلام. 

وانتشرت في الأشهر الأخيرة في شوارع بغداد والمحافظات، صورٌ لقادة اغتيلوا في الحرب ضد داعش، حيث يظهر في إحداها قائدًا في الحرس الثوري اسمه حميد تقوي، وآخر عراقي اسمه صالح البخاتي. وفي حين تحمل الصور العلمين العراقي والإيراني معًا؛ مع ملاحظة أنه تم تمزيق العلم الإيراني في معظم الصورة المنتشرة بشوارع بغداد وغيرها من المحافظات.

وتعلّق مع صور المقاتلين العراقيين الذين سقطوا في الحرب على داعش، صور علي خامنئي في شوارع بغداد والمحافظات العراقية التي قدمت الشباب لتحرير العراق من داعش، الأمر الذي قال فيه والد لشاب قتل في معارك صلاح الدين، لـ"ألترا صوت"، إن "الفصيل هو من وضع صورة خامنئي مع ابني، وأنا وإخوته لم نرض بذلك".

التمويل عراقي والعمل إيراني

تعمل هذه المؤسسات الإعلامية بتمويل ضخم ورواتب عالية نسبيًا في العراق، تشمل القنوات الفضائية والجيوش الإلكترونية ووكالات الأنباء والإذاعات، تتراوح ما بين 600 دولار إلى ألف دولار شهريًا للموظف، بحسب وظيفته ودوره.

وأكد مصدر لـ"ألترا صوت" يعمل في مؤسسة إعلامية إيرانية عراقية معروفة، إن "التمويل إيراني بحت. وتأتي الأموال لتوزع كمرتبات". وكشف المصدر، الذي يخشى الكشف عن هويته لأسباب وظيفية وأمنية، أنه بعد فرض العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران، اجتمع الجنرال قاسم سليماني برؤساء القنوات في منطقة الجادرية بوسط بغداد، تحديدًا في بيت هادي العامري رئيس ائتلاف الفتح والمقرب من إيران، ليبلغهم بضرورة إيجاد بدائل مالية، والعمل على استثمار الأموال في البنوك ومشاريع أخرى كالمجمعات التجارية ومحطات الوقود الأهلية، وذلك لضمان عمل مؤسساتهم الإعلامية.

وكشف مصدر آخر لـ"ألترا صوت"، من المديرية المالية للحشد الشعبي، مطلعٌ على حركة الأموال داخلها، أن المؤسسات الإعلامية التابعة للفصائل المسلحة المدعومة إيرانيًا، تمول كذلك من قبل الحشد الشعبي الذي يتقاضى ميزانية ضخمة من الحكومة العراقية.

غير أن تمويل الحشد الشعبي لقنوات فصائله المسلحة لا يحدث بشكل رسمي، وإنما بالتلاعب في أسماء المقاتلين المنضوين تحت جناح الحشد الشعبي. يقول المصدر: "هناك الآلاف من الأسماء لمقاتلين وهميين، تصرف لهم الرواتب شهريًا. وهم في الحقيقة ليسوا إلا موظفين في وسائل الإعلام التابعة لفصائل الحشد".

وقال المصدر العامل في المؤسسة الإعلامية الإيرانية العراقية المعروفة: "مدراء القنوات الفضائية يتسلمون مرتبات من الحشد الشعبي تحت بنود عسكرية وبتصنيفات رتب عسكرية من ملازم إلى عميد فما فوق، وهذا ما يحدث مع المؤسسة التي أعمل فيها". 

وكشف مصدر المديرية المالية للحشد الشعبي، أن منظمة بدر تأخذ رواتب من الحشد الشعبي لـ16 ألف مقاتل، غير أن العدد الحقيقي للمقاتلين هو ثلاثة آلاف فقط، وباقي الرواتب تذهب لمؤسساتها الإعلامية ولقادة المنظمة.

يمول الحشد الشعبي المؤسسات الإعلامية الموالية لإيران بشكل غير  ملتو من الميزانية التي يتلقاها من الحكومة العراقية

وبالإضافة إلى الميزانية التي يتلقاها الحشد الشعبي من الدولة العراقية، فإن جزءًا من تمويله غير الرسمي للمؤسسات الإعلامية التابعة لفصائله، يأتي من آبار نفطية مشتركة على حدود البصرة والعمار جنوب العراق، ويسيطر على منابعها الحشد الشعبي، على حد قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل اشترى ابن زايد قناة الحرة؟.. التفاصيل الكاملة من مصادر خاصة

مساعٍ غربية للهيمنة على فيسبوك العراق.. حديث صناعة الوهم