10-مايو-2023
الحنطة

مسلسل النيران يعود  مجددًا إلى العراق مع قرب موسم الحصاد (فيسبوك)

في كل مرّة يعلن العراق فيها اقترابه من تحقيق الاكتفاء الذاتي بمحاصيل زراعية معينة، يعود مسلسل الحرائق إلى الواجهة، ليلتهم العديد من حقول الحنطة، كما حصل في المحافظات الجنوبية خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما أثار الشكوك مجددًا حول توقيتها ومن يقف وراءها. 

ففي الأسبوع الماضي، كشفت وزارة الزراعة، عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة خلال الموسم الحالي، فيما تحدثت وزارة الزراعة عن وجود مساعي حكومية حقيقية لعدم استيراد الحنطة من الخارج والاعتماد عن الانتاج المحلي.

اندلعت حرائق بمزارع الحنطة في عدة مدن عراقية بأقل من أسبوع

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تعمل الحكومة على شراء القمح من الفلاحيين العراقيين، لتوزيعه على المواطنين ضمن مفردات الحصة التموينية على شكل مادة "الطحين"، إلا أنّ أزمة المياه وتراجع المساحات الخضراء في عموم العراق، أجبرت الحكومات بعد العام 2003 على اللجوء إلى استيراده.

أسباب الحرائق 

وشهدت محافظة النجف الأسبوع الماضي، اندلاع شرارة أول حريق في العراق التهم عشرات الدوانم الخاصة بزراعة الحنطة دون معرفة الأسباب، في حين التهم حريق هائل حقل محصول الحنطة في ناحية العدل بمحافظة ميسان، كما  تمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق كبير اندلع داخل حقل للحنطة في منطقة الصياحية بمحافظة بابل. 

حرائق الحنطة

ويزعم المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، أن "الحرائق التي طالت الحقول الثلاثة الخاصة بزراعة الحنطة لم تكن كبيرة ولم تلتهم مساحات واسعة من المساحات"، قائلًا إنّ "الوزارة لم تلمس أي خطر تجاه هذه القضية".

ونشر العديد من المدونين والمواطنين منشورات غاضبة ضدّ ما يحدث من حرائق استهدفت حرائق الحنطة في العراق. 

صلاح الدين ... هذا اليوم
حريق كبير إلتهم عشرون دونم من مزارع الحنطة في منطقة سموم شمال سامراء 💔

وصدق الشيخ عداي الغريري بتحذيره ..
العبيد ينفذون اوامر اسيادهم ، ومسلسل حرق حقول الحنطه سيستمر ، حتى ترضى عنهم الجاره المسلمه اير١ن الشر .
#حرائق_الحنطه #العراق pic.twitter.com/BP8FQXCGm7

— Lina Alassil2 (@linaassil_assil) May 9, 2023

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة لـ"ألترا عراق"، إنّ "التحقيقات الأولية لم تثبت تورط أي جهة أو شخص بهذه الحرائق، بل قد تكون ناتجة عن طريقة تهيئة الأرض قبل زراعتها من قبل المزارعين". 

وبحسب الخزاعي، فإنّ حملات الحصاد مستمرة إلى الآن والعراق مقبل على الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الحنطة، مبينًا أنّ "هناك أكثر من 8.5 مليون دونم داخلة ضمن خطة الوزارة الزراعية لهذا العام".

ويختم المسؤول الحكومي، أنّ "هناك 4 ملايين دونم في الأراضي الصحراوية دخلت إلى خطة الوزارة الخاصة بزراعة الحنطة عبر الاعتماد على مياه الآبار في ظل أزمة الجفاف التي تضرب العراق منذ سنوات ماضية".

ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، فإنّ إنتاج العراق من محصول القمح خلال الموسم الشتوي لعام 2021، بلغ 4 ملايين و234 ألف طن، مسجلًا تراجعًا بنسبة 32% عن إنتاج عام 2020 الذي بلغ 6 ملايين و238 ألف طن.

أرقام وإحصائيات

في المقابل، يرى الخبير الزراعي، خطاب الضامن، أنّ "تكرار قضية حرائق حقول الحنطة أصبحت تتكرر، إذ يدخل الطقس كأبرز الأسباب من خلال درجات الحرارة المرتفعة".

ويقول الضامن لـ"ألترا عراق"، إنّ "التقديرات الحالية تشير إلى أن جميع الحرائق ليس بفعل فاعل"، داعيًا في الوقت نفسه المزارعين، إلى "الاعتماد على الطرق الحديثة لحصد المحاصيل بهدف تجاوز الطرق القديمة التي تسبّب بعض الحرائق".

ويشير الضامن إلى أنّ "هذه الحرائق خلال العام الجاري ضمن النسب المعقولة ولن يكون لها آثار سلبية على قضية تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة"، مبينًا أنّ "الكميات المتوقعة لإنتاج القمح خلال 2023 تتراوح ما بين 3 ملايين ونصف إلى 4 ملايين، بينما يحتاج العراق إلى نحو 5 ملايين، وبالتالي هناك حاجة لاستيراد مليون واحد فقط من الحنطة".

الحرائق

وفي العام 2019، حقّق العراق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحنطة، بعدما كانت تستورد من أمريكا وأستراليا، الوقت الذي شهد أيضًا اندلاع حرائق كبيرة في الحقول الخاصة بزراعة الحنطة بنحو 53 ألف دونم، وفقًا لتقديرات المختصين.

وبحسب خبراء، فإنّ العراق يحتاج إلى نحو 5 ملايين طن سنويًا من الحنطة لسد الحاجة الفعلية للبلاد، في حين يعتمد على الاستيراد لإمداد برنامجه الخاص بهذا الجانب (مفردات البطاقة التموينية)، كما يعتبر من أكثر البلدان استيرادًا للحبوب في الشرق الأوسط.

الأسباب الحقيقية وراء الأزمة

وفي ظل هذا التخوّف لعودة سيناريو السنوات السابقة، أعلنت مديرية الدفاع المدني اتخاذها جملة من الاستعدادات من خلال نشر فرق الإطفاء بالقرب من الحقول الزراعية، تحسبًا لاندلاع الحرائق التي تسبب الخسائر الاقتصادية بهدف الحفاظ على السلة الغذائية.

ويقول سلمان خير الله، وهو خبير في مجال الزراعة خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء قضية الحرائق التي طالت حقول زراعة الحنطة".

وأغلب هذه الحرائق ـ والكلام لخير الله ـ تكون بفعل فاعل وتقف ورائها جهات تستفيد من استيراد الحنطة من خارج العراق، "خصوصًا بعد قرار الحكومة بإيقاف استيرادها مع اقتراب تحقيق الاكتفاء الذاتي". 

وأضاف الخبير الزراعي، أنّ "الحكومة والجهات المعنية مطالبة بالتحقيق لمعرفة أسباب هذه الحرائق وحماية الحقول من أي حريق جديد".

رأى خبراء أن أغلب حرائق الحنطة تكون بفعل فاعل وتقف ورائها جهات مستفيدة من الاستيراد

وترجح الحكومة حصاد نحو 4.5 مليون طن من القمح هذا الموسم، معبرة عن أملها بتحقيق الاكتفاء الذاتي هذا العام، بحسب وزير الزراعة عباس المالكي، الذي قال إن "الوزارة ستزيد المساحة المزروعة للقمح للموسم الزراعي المقبل".