11-فبراير-2024
هدر الطعام في العراق

وجبة فطور في مطعم عراقي (Getty)

دعا المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، إلى قانون ينظم ما وصفه "التعامل مع الطعام" في العراق، في سياق الحديث عن هدر الغذاء في العراق، مؤكدًا أن ما يهدره العراقيون يكفي لإطعام  قرابة مليوني شخص.

يهدر العراقيون غذاءً يتجاوز حجمه 5 ملايين طن سنويًا وهو كافٍ لإطعام قرابة مليوني إنسان

وتحدث الهنداوي في مقال نشرته الصحيفة الحكومية، يوم الأحد 11 شباط/فبراير 2024، واطلع عليه "ألترا عراق"، عن "التقرير الذي أوردته مجلة أمريكية"، صدر في العام 2023، "وقد كشفت فيه أن العراق يتصدر أكثر الدول هدرًا للغذاء، فقد احتل المركز الأول عربيًا والسابع عالميًا من بين (196) دولة التي تهدر أكبر كميات من الغذاء".

وحل العراق في المرتبة الثانية في قائمة دول آسيا الوسطى الأكثر هدرًا للطعام، بعد البحرين، بحسب تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

واستند الهنداوي إلى بيانات تشير إلى أن "الفرد العراقي يهدر قرابة (120) كيلو غرام من الطعام، سنويًا"، وبالتالي "فإن مجموع ما يهدره العراقيون في العام الواحد يصل أكثر من (5) ملايين و(200) ألف طن، وهذه الكمية تكفي لسد حاجة أكثر من مليون و(750) ألف إنسان". وأشار الهنداوي إلى "الحجم الهائل من الكميات المهدورة من الطعام سنويًا"، مبينًا أن "العراقيين، بجميع ألوانهم وأطيافهم، يشتركون في صفة البذخ في الطعام، وتعد هذه من السلوكيات المتوارثة، فهم يعتبرونها من مكارم الأخلاق، وهذا يتضح بنحو جلي في مناسبات الفرح والحزن، وغيرها، على حد سواء".

ولفت الهنداوي إلى الهدر خلال وجود الضيوف، وتكرار ذلك في المطاعم، وقال: "لا يوجد مطعم في العالم يشبه المطعم العراقي، من حيث كميات الطعام، التي تُقدم للزبائن،الذين لا يستهلكون سوى ثلثها أو ربما أقل، ويتركون الباقي، مع غياب ثقافة أخذ الباقي للبيت (سفري)".

الطعام في العراق
وجبة غذاء في أحد المطعام العراقية (Getty)

 

وقال متحدث وزارة التخطيط إن "هذا الهدر تنجم عنه تداعيات أخرى لا تقل أثرًا وخطرًا عن الجوع، من بينها التلوث البيئي، وما ينجم عن ذلك من انبعاثات كربونية، وغير ذلك من التداعيات الإنسانية والبيئية الخطيرة". مضيفًا: "أعتقد أننا بحاجة لقانون ينظم عملية التعامل مع الطعام، كما أننا نحتاج الكثير من التوعية والتثقيف، بضرورة حسن التعامل مع الغذاء، وصولًا تشكيل بيئة اجتماعية متفهمة لأهمية الطعام، وكيفية التعامل معه، ولا ننسى أيضًا المؤسسة الدينية ودورها التنويري في هذا المجال، فالتبذير صفة مذمومة، والهدر هو أحد التمظهرات الجلية للتبذير".

ويعتبر "هدر الغذاء" ظاهرة عالمية، ويشير برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة إلى بعض البيانات والحقائق، منها أن ثلث الغذاء في العالم يُهدر أو يفقد، ماي تسبب بخسارة تريليون دولار سنويًا. كما أن المياه المستخدمة لإنتاج الغذاء المهدر يمكنه ملأ بحيرة جينيف ثلاث مرات. كما إن نهاية الغذاء المهدر في العالم "المتقدم"، حسب برنامج الأغذية، تكون في مدافن النافيات، "التي تنتج الغازات المسببة للاحتباس الحراري"، بواقع أكثر من 3 مليارات طن من الغازات سنويًا، ما يجعل هدر الغذاء "ثالث أكبر منتج للغازات المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة والصين".

811 مليون شخص حاليًا ينامون جوعى كل ليلة وفق الأمم المتحدة

وتطرق المتحدث باسم وزارة التخطيط في مقاله إلى تقرير برنامج الأغذية العالمي الصادر عام 2021 والذي وضع العراق إلى جانب 7 بلدان أغلبها إفريقية بوصفها الأكثر فقرًا في العالم، وقال إن "الجائع لا يمكنه أن يهدر كل هذه الكميات الهائلة من الطعام، بل المنطق يقول إنه سيكون شديد الحرص على ما يحصل عليه من مواد غذائية".

وللخبير في الشأن الاقتصادي منار العبيدي رأي مختلف عن الهنداوي، حول تناقض التقارير التي تتحدث عن مستوى الفقر في العراق وكميات الطعام المهدورة في الوقت ذاته، إذ قال في حديث سابق لـ"ألترا عراق" إن "هذا التضارب يعكس بشكل واضح تفاوت توزيع واردات الدولة العراقية".

ويستند العبيدي في رأيه إلى وجود 11 مليون عراقي يتقاضون أقل من 5 دولارات يوميًا، في وقت تصل مدخولات العراق السنوية إلى 80 مليار دولار، وهو ما يعني وجود "توزيع غير عادل لواردات الدولة العراقية أفرز طبقة مستفادة بشكل كبير من هذه الواردات مقابل طبقة معدمة، ما يؤشر بشكل واضح سوء إدارة واضحة في توزيع إيرادات الدولة العراقية"، وفق الخبير.