04-أكتوبر-2018

أمام حكومة عادل عبد المهدي تحديات كبيرة (أ.ب)

ألترا صوت ـ فريق التحرير

بعد 2003، جمعت صورة واحدة شخصيتين عراقيتين، جنبًا إلى جنب مع الرئيس الأمريكي والمسؤول عن احتلال البلاد، جورج بوش، هما عادل عبد المهدي وبرهم صالح. لم تمض عشر سنوات حتى جمعتهما صورة أخرى في بغداد، ليس بعيدًا عن أجواء المحاصصة التي فرضها الاحتلال الأمريكي، بعد أن أصبحا القطبين الرئيسين في العملية السياسية التي أفرزتها انتخابات أيار/مايو 2018. حيث أصبح عادل عبد المهدي رئيسًا لوزراء العراق، وبرهم صالح رئيسًا لجمهورية العراق، في جلسة حاسمة في البرلمان العراقي يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018.

يعتبر منتقدو عادل عبد المهدي وخصومه، أنه ليس ثابتًا على أرضية أيدولوجية محدّدة، نظرًا لتنقلاته بين المدارس السياسية والفكرية

انتخب البرلمان برهم صالح رئيسًا للجمهورية، ليكلف الأخير عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة، بعد صراع طويل وسباق محموم بين الكتل السياسية للحصول على أهم منصب في النظام السياسي العراقي.

ينحدر والد رئيس الوزراء الجديد، عبد المهدي، من محافظة ذي قار في جنوب العراق، وكان من المشاركين في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للعراق في 1920.

تسلم عبد المهدي منصب وزير المعارف في 1926، وهو من مؤسسي الدولة العراقية الحديثة التي أعقبت خروج الاحتلال البريطاني من العراق، وكان نائبًا للبرلمان العراقي وعضو مجلس الوصاية في العهد الملكي، قبل أن يرُزق عام 1942 بولد في بغداد اسمه عادل، سيكون رئيسًا لوزراء العراق بعد 76 عامًا من ولادته.

اقرأ/ي أيضًا: ليلة الحسم السريع.. صالح رئيسًا للعراق وعبد المهدي على رأس الحكومة

بدأ عادل عبد المهدي دراسته في جامعة بغداد حاصلًا على البكالوريوس في الاقتصاد عام 1963، ليعمل في وزارة الخارجية العراقية سكرتيرًا ثالثًا في عام 1965، ويذهب بعدها في بعثة إلى المعهد الدولي للإدارة العامة بباريس لإكمال الدراسة العليا، والحصول على الماجستير في العلوم السياسية، إضافة إلى الماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة بواتيه عام 1972. 

وتوضح قصة أطروحة الدكتوراه لعادل عبد المهدي شيئًا من شخصيته الإشكالية، فقد كتبها في جامعة السوربون، لكنه لم يناقشها بعد أن رفض إملاء المشرف بتغيير بعض آرائه فيها، ولم ينتظر طويلًا حتى عمل في فرنسا، في مركز البحث الإقليمي الاقتصادي في جامعة بواتيه عام 1973، لينتقل بعدها إلى المعهد القومي للتنمية العربية عام 1982. بعد ذلك، بقي الرجل الذي سيصبح رئيس الوزراء العراقي، يتنقل جغرافيًا بين سوريا ولبنان وفرنسا طوال ثلاثة عقود إلى حين استقراره في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

ابن الأيدولوجيات المتعدّدة

يرى منتقدو عادل عبد المهدي وخصومه، أنّه ليس ثابتًا على أرضية أيدولوجية محدّدة، نظرًا لتنقلاته بين المدارس السياسية والفكرية، إذ انتمى لحزب البعث في بداية شبابه كقومي عروبي في غمرة المد القومي بالعراق، وتعرض للسجن، ثم خرج من السجن إلى فرنسا، وبعد مواصلة نشاطه صدر ضده حكم بالإعدام غيابيًا في ستينات القرن المنصرم.

ورغم ذلك، لم يتوقف عادل عبد المهدي عند بعثيته، لأنه سيتركها إلى غير رجعة لاحقًا، قاصدًا طريقه إلى الشيوعية الماوية عندما كان في باريس.

لكن هذا تغير سريعًا أيضًا. فمن شيوعي في نهاية السبعينات، تحول عادل عبد المهدي إلى إسلامي بعد الثورة الإسلامية الإيرانية، واستمر في هذا الخط مع المعارضة الإسلامية للنظام البعثي، لكنه في "إعلان شيعة العراق" التأسيس الأولي للطائفية السياسية في نظام المحاصصة وقع بتحفظ، وسط تواقيع بالقبول من قبل حتى غير الإسلاميين. وبقي عادل عبد المهدي يعمل قياديًا في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق منذ الثمانينات، لكنه جمد نشاطه الحزبي في عام 2015 وأصبح مستقلًا.

اقرأ/ي أيضًا: آخر مسرحيات خاسري الانتخابات العراقية.. "الشعب الأحمق لم يخترنا"!

صاحب الاستقالات.. هل سيستقيل أيضًا من رئاسة الوزراء؟

شغل عادل عبد المهدي عدّة مناصب في النظام السياسي العراقي ما بعد 2003، حيث كان عضوًا مناوبًا عن عبد العزيز الحكيم في مجلس الحكم بمرحلة "سلطة الإدارة المدنية" إلى نهاية حزيران/يونيو، ثم وزيرًا للمالية في حكومة إياد علاوي من حزيران/ يونيو 2004 إلى 7 نيسان/أبريل 2005.  

تقع أمام عادل عبد المهدي تحديات كبرى بعد تكليفه بتشكيل الحكومة تتعلّق بمستقبل الدولة العراقية وسط الصراع الأمريكي الإيراني والإقليمي

ما يشاع عن عادل عبد المهدي، أنه صاحب الاستقالات الكثيرة، وفي حين يعتبر خصومه هذه الصفة دلالة على ضعفه، يقول هو ومناصروه إنها دلالة على النزاهة، حيث انتخب نائبًا لرئيس الجمهورية ثم قدّم استقالته منها عام 2011 في أيار/مايو، ثم أصبح وزيرًا للنفط في حكومة العبادي ثم استقال منها، كما استقال من المجلس الأعلى في 2015 مع اعتزال العمل الحزبي.

وتقع أمام عبد المهدي تحديات كبرى بعد تكليفه بتشكيل الحكومة تتعلّق بمستقبل الدولة العراقية وسط الصراع الأمريكي الإيراني والإقليمي، ومستقبل الحشد الشعبي في العراق مع القوات المسلحة الرسمية، إضافة إلى تنفيذ رؤاه عن "البيروقراطية الفاشلة" والاقتصاد العراقي التي كان يكتبها في الصحافة المحلية، إضافة إلى قدرته على تشكيل حكومة مستقلة، غير خاضعة بالكامل للصراع المحاصصاتي الحزبي الذي هيمن على المشهد العراقي منذ إعلان نتائج انتخابات 2018، وهي كلها تحديات سياسية كبيرة ربما ستجعل عادل عبد المهدي يستحضر إرثه السياسي والمدارس السياسية التي تبعها في فترات متعدّدة، أو لعله يستقيل كما هي عادته. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مقاطعة الانتخابات العراقية.. مواجهة سلمية ضد محاصصة ما بعد الغزو الأمريكي

"الدعاية السوداء" في الانتخابات العراقية.. المال في خدمة الطائفية والفساد